التقارير

بعد أحداث منجم سوما ما هو مصير أردغان ؟

1477 18:31:04 2014-05-18

الدكتور خيام محمد الزعبي ـ صحفي وباحث أكاديمي في العلاقات الدولية

أثارت كارثة المنجم في شرق تركيا غضباً إجتماعياً جديداً على رئيس الوزراء المحافظ رجب طيب أردوغان قبل الإنتخابات الرئاسية، إحتجاجاً على تكرار الحوادث المأساوية في المناجم التركية وكان قد خرج آلاف الأشخاص في مظاهرات إستجابة لدعوة النقابات في إسطنبول وأنقرة للتنديد بالحادث، وكانت النقابات قد أعلنت عن إضراب عام في كافة أنحاء البلاد في ذكرى عمال المنجم الذين قتلوا في هذه الكارثة، وطالب بعضهم الحكومة بالإستقالة، وفي المقابل، رفض أردوغان تحمل حكومته لأي مسؤولية في هذه المأساة، مؤكداً أن "حوادث العمل تقع في كل مكان في العالم"، لكنه دعا إلى تحقيق موسع في أسباب الحادث.

فالحكومة التركية تواجه ظرفاً صعباً داخلياً وخارجياً يضع قدرة رئيس الوزراء أردوغان في الحكم على المحك، فداخلياً عرفت البلاد خلال العام الفائت إحتجاجات كبيرة، كان ميدان تقسيم، بؤرتها الرئيسية، وتعاني بسبب الأزمة الإقتصادية العالمية والأزمة الراهنة تراجعاً إقتصادياً، أما خارجياً فعلاقاتها بجوارها صعبة جداً، مع العراق وسوريا ومع مصر والدول الخليجية، ومع إيران بسب الخلاف حول سوريا، وتواجه استقطاباً في شمالها بسبب النزاع الغربي-الروسي على أوكرانيا حالياً، وقد جاءت المساعي الأخيرة لحل المشكلة القبرصية بموافقة حكومة أنقرة، لتزيد من غضب القوى التقليدية التي ترى أن الحكومة رضخت لمشيئة الغرب في هذه القضية، إضافة إلى اتهام رئيس الوزراء بالتنازل عن قيم الجمهورية التركية فيما يتعلق بقضاياها القومية، فضلاً عن إنفتاحه القريب على إسرائيل، وكما ترى هذه القوى أردوغان بأنه يتجاوب مع الضغوط الأميركية داخلياً مقابل دعم الأميركيين لبقائه في السلطة، إذ يبدو أن الولايات المتحدة لم تتخلَّ عن تركيا الإسلامية بعد، على الرغم من سقوط مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، هذا الأمر ظهر بشكل واضح حين فتحت الحكومة حدود تركيا لدخول آلاف المقاتلين إلى سوريا، كل هذه القيود على حركة رئيس الوزراء تتزامن مع خوضه مواعيد سياسية مهمة، هي الانتخابات الرئاسية.

واليوم جاءت كارثة الإنفجار في منجم سوما لتزيد من الضغط على حكومة أردوغان، إذ باتت متهمة في تحمل جزء من المسؤولية عن موت أكثر من 200 شخصاً لمحاباتها لأرباب العمل على حساب أمن العاملين، وأول الاتهامات الموجهة لحكومة أردوغان هو إهمالها لمراقبة أعمال المنجم في خضم خصخصة المنشآت الحكومية خلال الأعوام الماضية، كما أن عدد المفتشين الحكوميين لا يكفي لتغطية المناجم الموجودة في البلاد، والطامة الكبرى هو أن حزب أردوغان "حزب العدالة والتنمية" رفض سابقاً طلباً تقدمت به المعارضة للتحقيق في مسألة غياب شروط السلامة والأمان بمنجم سوما، وبالتالي تلتقي إحتجاجات حريق المنجم وسخط جماعة غولن في رفضهما لما يسمونه الطابع التسلطي لرئيس الوزراء، وقد يتحول هذا الرفض إلى حراك سياسي يسعى في المقام الأول إلى منعه من البقاء في السلطة.

وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية تفوق على خصومه بفارق كبير في الإنتخابات البلدية الأخيرة، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن المعركة الرئاسية ستكون على نفس الشاكلة، إذ من المنتظر أن تكون أكثر صعوبة نظراً لإختلاف المعطيات والتي تتطلب أن يحصل أي مرشح يود الفوز على أكثر من 50% من الأصوات وهو أمر ليس بالسهل خاصةً في ظل الاستقطاب السياسي والإجتماعي الحاصل في المجتمع التركي.

وفي إطار ذلك يمكنني القول إن هذا الموضوع ألقى بظلاله على التوقعات بشأن ترشح أردوغان لمنصب الرئاسة التركية إذ لم يعد فوز أردوغان مضموناً لاسيما وأن المعارضة يمكن أن تتفق على مرشح توافقي ينافس أردوغان، وبالتالي هناك علامة استفهام كبيرة على نجاح أردوغان في انتخابات الرئاسة .

وأخيراً ربما أستطيع القول قد تكون حادثة حريق منجم الفحم إختباراً حقيقياً لشعبية رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان الذي يواجه أسوأ أزمة تهدد مستقبله، عدا عن سلسلة من الفضائح السياسية ومواجهة المتظاهرين بالقوة.

24/5/140518

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك