المحامي محمد احمد الروسان*
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
تعد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، خاصة بعد اعادة هندرتها، بمثابة مخابرات تبرير وفبركة لسباق تسلّح محموم، والولايات المتحدة الأمريكية تعمل على( استغبائنا واستغفالنا) كعرب ومسلمين، فهي تعمل هذا الأوان على إعادة إنتاج مفهوم الخطر الإيراني من جديد وقولبته توليفاً وتوظيفاً، وبصورة غير مباشرة وتحت عنوان مفاوضات خمسه زائد واحد(جنيف ايران النووي)، وعلى شيطنة حزب الله اللبناني وبالتعاون والتنسيق مع الدولة العبرية(الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة) ومع الأدوات القذرة في الداخل اللبناني وبعض الدواخل العربية من جماعات تكفيريّة وغيرها، مترافقاً مع شحن طائفي ومذهبي واثني عرقي، وذلك عبر اسطوانات إعلامية "بروبوغنديّة"مشروخة، وتحت يافطة المحافظة على السلم والأمن الدوليين على المستوى الإقليمي والأممي، بشكل يتزامن في تصعيدات لمستويات الأرهاب المدخل الى الداخل السوري من دول جواره العربي وغير العربي، في استهداف الدولة الوطنية السورية وموردها البشري وقبل استحقاق الثالث من حزيران القادم انتخابات الرئاسة في سورية.
إنّ مسألة نشر القدرات العسكرية الأميركية الإضافية المتطورة في بعض دول الخليج ومياهه، تأتي متزامنة مع برنامج نوعي وحقيقي لحكومة الرئيس حسن روحاني، لم يرشح منه الاّ القليل والمسرّب بذكاء من قبل مجتمع المخابرات الأيراني، هذا النشر لقدرات الأمريكي العسكرية لمنعها من الأعلان إلى ما توصل إليه العقل الإيراني الحر من إبداعات، اختراعات، ابتكارات، وانجازات في مختلف قطاعات الدولة الإيرانية.
وبخلفية عدائية مستحكمة رافضة، واشنطن لا تريد وبشكل قاطع للرئيس روحاني، أن يعلن مثلاً قدرة إيرانية ذاتية، ذات تقنيات جديدة على تخصيب اليورانيوم عالي الجودة والنقاء بنسبة 20 %، وقدرة ايران على العودة الى ذلك وأكثر اذا ما أرادت لاحقاً، في حال فشل جنيف ايران النووي وعدم التوقيع عليه من قبل الكونغرس الأمريكي، كما لا تريد لطهران أن تعلن أي انجازات جديدة لها في مجال ترسانتها وقوّتها العسكرية الصاروخية البالستيّة، وواشنطن لا تريد لروحاني والذي تعتبره أخطر من الرئيس السابق نجاد، أن يعلن مثلاً: إبداع علماء الفضاء الإيرانيون المسلمون بإطلاق مزيد من الأقمار الأيرانية لغايات الاستخبار، أقمار نوعية وجديدة من سلسلة أقمار" تولوو" بمساعدة قواعد المشتركات مع كل من روسيّا والصين.
تقارير المستوى الأمني - الأستخباري الأمريكي، تتحدث بأن الدولة العبرية قد اتخذت قراراً على المستويين السياسي والعسكري – الأمني، لجهة القيام بتنفيذ عملية عسكرية في الشرق الأوسط وضد إيران وحزب الله بعيداً عن واشنطن، لتبرّر الأخيرة بتقاريرها الأستخبارية" المسرّبة أمريكياً"لوسائل الميديا الأممية، نشر هذه القدرات العسكرية الإضافية في الخليج على قاعدة ردع إيران ومنعها لتقديم المساعدات لحلفائها بالمنطقة، ومن أجل شل أذرع وأدوات هجومها ودفاعاتها في حالة بدء حدوث الخيار العسكري الثنائي / الأمريكي - العبري ضدها.
ولأنّ إيران بحرسها الثوري، الجناح العسكري والأستخباري والأمني والبحري لقواتها المسلحة، على حد تبريرات وكالة الأستخبارات الأمريكية لنشر ما نشر من أسلحة وقطع حربية أمريكية في الخليج، قد أنهت (أي ايران) للتو عبر قوّاتها البحرية من برنامج تدريبي تقني عملي لعناصر بحرية من حزب الله، بحيث اكتسبت علماً ومعرفةً وتقنيةً بحريةً، من أجل استهداف منشآت بحرية عبرية جاثمة على طول شواطئ فلسطين المحتلة وفي عرض البحر الأبيض المتوسط"المتعبرن" بفعلها.
وبسبب تقارير المستوى الأمني – الأستخباري لمجمّع المخابرات الأمريكية، حيث تحدثت بإسهاب عن أنّ إدارة أوباما ملامة كونها لم تتخذ إجراءات حماية كافية لمصالح الأمن القومي الأميركي، فبات ظهر أمريكا الأمني مكشوفاً للخطر، لذلك ولهذا وذاك من التبريرات المفبركة مخابراتياً، تم نشر هذه القدرات العسكرية الإضافية المتطورة في منطقة الخليج وتحديداً في أربع دول معروفة.
من ناحية ثانية أشارت بعض التقارير الأمنية الأميركية، أنّ النشر هذا جاء لتوفير الغطاء اللازم للسعودية وحلفائها في المنطقة، من أجل السعي قدماً في تصعيد الصراع في خاصرتها اليمنية وفي سورية، ولكي تقطع الطريق على حصول أي تفاهمات سعودية – إيرانية – مصرية بعد انتخابات الرئاسة المصرية ووجود السيسي رئيساً، خاصةً مع وجود جناح وازن ومؤثّر جديد في مملكة القلق بزعامة مقرن شقيق الملك ومتعب وعبد العزيز ابني الملك، يسعى الى هذه التفاهمات لجهة عدّة ملفات ساخنة وفي كافة الاتجاهات، فجاءت هذه التبريرات الأمريكية المفبركة، ثم نشر هذه القدرات العسكرية الإضافية المتطورة، لمزيد من التأزيم للوضع الحرج ولإثارة المشاكل والعقد كأسلوب إدارة ولكن هذه المرة من منظار عسكري بحت.
وكما قلت آنفاً، لإعادة إنتاج مفهوم الخطر الإيراني من جديد، لكي تشهد المنطقة الشرق الأوسطية سلسلة لا متناهية من عمليات سباق التسلح، مما يمنح الشركات الأمريكية ومجمّع صناعاتها العسكرية الحربية، تحقيق المزيد من الأرباح والعائدات المالية الإضافية، للتغلّب على ضغوط الأزمة المالية الأميركية.
كما تسعى واشنطن بثبات إلى حرب ما أو حتّى حرب باردة بين إيران ودول جوارها بما فيها إسرائيل، كي تشعل من جديد ارتفاع أسعار الذهب الأسود عالميّاً، حيث الارتفاع بسعر النفط يمنح أمريكا فرصاً ذهبية وفضية وبرونزية وحديديّة، لزيادة مستوى الإيداعات الأممية وخاصةً العربية الخليجية في خزائن البنك المركزي الأمريكي، ليقود هذا السيناريو إلى زيادة الاحتياجات النقدية الأميركية، مما يوفر للدولار$ الأميركي من مكانة مرموقة كعملة أممية صعبة بين أقرانه من العملات الصعبة الأخرى، وخاصةً اليورو والجنيه الإسترليني وغيرهما، وليعيد أيضاً إلى الدولار الأميركي $ قيمته ويخفّف من ضغوط الأزمة المالية على البنوك والمصارف الأميركية.
إذا الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى حرب ما و/ أو حرب باردة بين دول المنطقة من أجل ذاتها ومصلحتها، وليس من أجل السلم والأمن الدوليين وحقوق الأنسان ونشر الديمقراطية والحاكمية الرشيدة، وهذه صارت بمثابة سلع تجارية تباع في مولات السياسة ومتاجر الأستخبارات الدولية، وكما تقول وتدعي وتسوّق ذلك عبر وسائل الميديا العالمية.
إن التساوق العبري مع هذه اللحظة الأميركية متفق عليه مسبقاً، حيث تعمل تل أبيب على "شيطنة"قطاع غزّة المنكوب بفعل حصار إسرائيلي وعربي، وتخلق ذرائع عديدة من نشر تقارير مخابراتية مفبركة تضخم من وجود عناصر الجهادية السلفية التكفيرية، وعناصر من القاعدة، لدفع دول جوارها العربي لكي تنخرط معها في جهود ما يسمّى بمكافحة الإرهاب الأممي، ولتشكل رأي عام إقليمي ودولي بضرورة شن حرب أخرى عليه، والآن تجري عمليات سريّة اسرائيلية ضمن هذا السياق لاستفزاز حماس لكي تقوم بالرد العسكري، وفي حالة تمنّع حماس لسبب ما أو تأجيل الرد مثلاً، فسوف تقوم إسرائيل نفسها بعملية تفجيرية ضد أبنائها أو مصالحها في الداخل الفلسطيني المحتل أو في أي بقعة من العالم، ليظهر من خلالها أن ورائها حماس أو الجهاد أو حتّى حزب الله بنسخه المتعددة، لجهة استهداف قطاع غزّة المنكوب وبعمق الآن، بسبب الجدار الفولاذي العربي المزروع بأحشاء أرض عربية.
واشنطن تعلم أنّ إسرائيل هي أول من أدخل السلاح النووي إلى الشرق الأوسط، وهي(أي إسرائيل) من أدخلت وتدخل دول المنطقة في سباق تسلح نووي وكيماوي وتقليدي وليس إيران، وما زالت هذه الدولة " المسخ والمشوّهة" ترفض توقيع معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، وبصوت ونفس أمريكي "كح"خالص.
والمفارقة إنّ كل شيء يتم تحت عباءة جون كيري وادارته الخرقاء ومساعي إحلال ما يسمّى بالسلام، الذي صار شبه مستحيل بوجود انحياز أميركي سافر "لإسرائيل"، مع وجود حكومة يمينية متطرفة تشي باستحالة وجود شريك إسرائيلي حقيقي قد نقبل به لحين على مضض وعلى غير إرادتنا!.
13/5/140526
https://telegram.me/buratha