سامي كليب
يثير السيد حسن نصرالله جدلا كبيرا مع كل اطلالة له. ليس مهما ان يؤيده البعض لدوره الكبير في كسر شوكة اسرائيل، او ان يلومه البعض الاخر لدوره في سوريا، او يتهم آخرون حزبه بالتورط باغتيال الرئيس رفيق الحريري. كل هذا نابع من منطلقات كثيرة بينها تعزيز الفتنة المذهبية في المنطقة. الأهم ان امين عام حزب الله عوَّد مشاهديه، من الخصوم والاعداء والحلفاء والمناصرين، ان يفعل ما يقول. وان يصدقوا ما يقول . كلما قال، تصدق اسرائيل وتقلق وتستعد لمرحلة اخطر .
هذه الليلة مثلا، مجرد ان قال نصرالله : " لا تخافوا من العدو، هذه الاسطورة اصبحت حكاية من الماضي ، يتسلى بها اطفالنا، وهذا العدو لن يجروء وهو يعلم انه لن يجروء ... لان المقاومة لن تسكت على اي اهانات او تجاوز او اعتداء .... " مجرد ان قال هذا الكلام، سارعت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى نقله. كالعادة يسارع القادة الاسرائيليون للتعامل مع الكلام على انه واقع. تدرك اسرائيل تماما ان المقاومة صارت اليوم اكثر جهوزية من اي وقت مضى لقتالها، او ربما للدخول الى الجليل كما قال امين عام حزب الله سابقا. تدرك اسرائيل ايضا ان القوات التابعة لحزب الله والمخصصة لقتال الجيش الاسرائيلي لا تزال في اماكنها، لم يتحرك منها اي شخص صوب سوريا. هذه قوات تراقب وتطور وتستعد وتنسى كل الباقي.
ما تقدم مهم، لكن ما قاله السيد نصرالله عن سوريا ولبنان هو الاخر كبيرة الاهمية الليلة .
أن يكشف مثلا ان ثمة اغراءات عرضت على حزب الله ليقبل بالتمديد، فانه يحرج الجميع. هذا كلام موجه خصوصا الى قوى 14 آذار للقول ان سعيها لترشيح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لم يكن جديا. كان فقط لمواجهة ترشيح العماد ميشال عون . لكن الملاحظ ان السيد بدا كأنه يشجع استمرار التفاوض والتشاور بين عون وتيار المستقبل. هذا مهم .
اما بشأن سوريا، فالتوصيف حمل الكثير من الواقعية. سوريا صمدت.المشروع الذي استهدفها واستهدف المنطقة تراجع بدرجة كبيرة ومني بهزائم عديدة . انتهت امكانية انتصار المحور المواجه لسوريا والمقاومة. بدا المشروع يتساقط وسوريا ومحور المقاومة سينتصران.
هذا طبعا مهم جدا ويوحي بثقة كبيرة بالنفس وبالمقاومة وبحلفائها من سوريا الى ايران وروسيا . لكن الاهم ان نصرالله تعمَّد القول ان صمود سوريا هو اولا واخيرا بفضل شعبها وجيشها وقيادتها. بهذا يكون سيد المقاومة سحب البساط من تحت اقدام اؤلائك الذين يصطادون في الماء العكر. اؤلائك كانوا يريدون القول ان الفضل هو لحلفاء سوريا وليس لجيشها. كانوا يريدون زرق الشقاق بين الجيش السوري وحزب الله وايران . في هذا ايضا تواضع من قبل نصرالله ودور مقاتلي حزبه في سوريا .
حين يتحدث السيد نصرالله، يصدق سامعوه. يصدقه اعداؤه قبل حلفائه. وحين يتحدث عن هزيمة محور وانتصار آخر ، فهذا يعد بالكثير ، لعله يعد خصوصا بخلاص سوريا من حربها، لعله يعد ايضا بمرحلة من التفاهمات المقبلة التي وان طالت فانها آتية لا محالة، لان المحور الآخر الداعم للمعارضة والمسلحين انكسر في سوريا رغم تدميره جزءا كبيرا منها . هو دمر المعارضة قبل ان يدمر اي شيء آخر .
14/5/140526
https://telegram.me/buratha