تييري ميسان صحافي وناشط سياسي فرنسي. له كتابات عديدة وتحقيقات جريئة
ما جرى في العراق ليس إلا إعادة إطلاق لمشروع هيئة الأركان الأميركية الرامي إلى تجزئة «الشرق الأوسط الموسع» وإعادة تشكيله في دول متجانسة.
ففي أسبوع واحد تمكنت داعش من السيطرة على ما يفترض أن يصبح نواة إمارة لها، في حين بسطت البشمركا الكردية سلطات أربيل على كامل التراب العراقي المخصص ليكون نواة الدولة الكردية المستقلة.
وهكذا يبدو أن بعض عناصر الجيش العراقي منحوا نينوى لداعش وكركوك للبشمركا. ولم تجد واشنطن التي دربت هذا الجيش أي عناء في شراء ذمم بعض الضباط الذين حثوا جنودهم على الفرار.
كما أن أعضاء مجلس النواب لم يصوتوا على فرض حالة الطوارئ بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، تاركين حكومة المالكي دون أي إمكانية للرد على الهجوم.
في شهر أيار الماضي، اشترى آل الفيصل مصنعاً للأسلحة في أوكرانيا شحنوا منه عبر الجو إلى مطار عسكري في تركيا مخزونات من الأسلحة الثقيلة التي تولى جهاز الاستخبارات العسكرية التركي نقلها بوساطة قطارات خاصة وتسليمها إلى داعش. وطبعاً، من غير المعقول أن يجري تنفيذ هذه السلسلة اللوجستية من دون حلف ناتو.
على أي حال، لم تكن ردود الفعل الدولية حيال الأزمة العراقية مفهومة: كل الدول، ومن دون استثناء شجبت ما قامت به داعش في العراق وأدانت الإرهاب، في حين أن بعض الدول، ولاسيما الولايات المتحدة وحلفائها، يعتبرون داعش في نفس الوقت حليفاً موضوعياً ضد الدولة السورية، بعضهم أيضاً يرعى هذا الهجوم الولايات المتحدة، السعودية، فرنسا، إسرائيل، وتركيا.
لماذا أقدمت داعش على احتجاز 15 دبلوماسياً تركياً مع عائلاتهم إضافة إلى عشرين عنصراً من القوات الخاصة التركية في قنصلية بلادهم بالموصل، وإثارة غضب أنقرة؟
من المحتمل أن تكون واشنطن قد أوقعت أنقرة في هذا الفخ.
تذكرنا هذه القضية بقيام الجيش الأميركي بتاريخ 4 تموز 2003 باعتقال عناصر من القوات الخاصة الأتراك في منطقة السليمانية بالعراق والتي جسدها فيلم وادي الذئاب-العراق.
الفرضية الأكثر ترجيحاً هي أن أنقرة لم تكن مستعدة للمشاركة في هجوم واسع النطاق، وأنها اكتشفت في منتصف الطريق أن واشنطن تخطط لإنشاء كردستان.
لذا، وفقاً للخريطة المنشورة عام 2006، من المفترض أن يضم الكيان المحدث أجزاء واسعة من الأراضي التركية، لأن الولايات المتحدة لا تقتطع أراضي من أعدائها فقط، بل من حلفائها أيضاً. تأسيساً على ذلك فقد كان احتجاز الدبلوماسيين وعناصر القوات الخاصة التركية وسيلة لمنع أنقرة من تخريب العملية.
لدى وصولها إلى أنقرة قادمة من عمان يوم الخميس الماضي، شجبت الممثلة الخاصة للولايات المتحدة في مجلس الأمن، السفيرة سامنتا باور، بنفاق واضح تصرفات الدولة الإسلامية في العراق والشام.
إن وجود من يتملقون التدخل الأخلاقي لواشنطن في الشرق الأوسط، يجعلنا نعتقد أن ردة فعل الولايات المتحدة كانت متوقعة ضمن سيناريو العملية.
إن الإطاحة بالدولة العراقية الحالية، يصب بلا شك في مصلحة السعودية، الخصم الإقليمي الأكبر لطهران، التي سبق أن دعاها وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل (شقيق الأمير عبد الرحمن الفيصل، القائد الفعلي لداعش) إلى التفاوض.
14/5/140616
https://telegram.me/buratha