التقارير

داعش ما قبل اعلان قيام ’ الخلافة’ وما بعدها

1865 06:29:04 2014-07-13

محمد مرتضى

أعلنت ما تسمى " الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) قيام " الخلافة الاسلامية" لتكون بذلك قد طرحت نفسها كتنظيم عالمي يسعى لاعادة احياء " الخلافة الاسلامية" بمعناها الواسع بعيدا عن التموضع المناطقي. والواقع ان قراءة اهداف التنظيم لا ينبغي ان تستنبط من تسمية يطلقها على نفسه فرضتها الطبيعة الجغرافية لانطلاق عمله، دون الاخذ بعين الاعتبار الخلفيات الفكرية والاعتقادية التي ينطلق منها.الا ان من يتابع أدبيات هذا التنظيم سيجد أن وضع قيد لتحديد العمل " الجهادي" في منطقة محددة تناقض ما يسمونه بالشمولية الاسلامية . من هنا حمل التنظيم على "الجبهة الاسلامية السورية" عند نشوئها بانها حددت هوية مناطقية لنفسها.

ولا ترى داعش ان هذه الاشكالية تنطبق عليها بسبب وجود توصيف " العراق والشام" في اسمها. ومن هنا تأتي جدلية الاسم كنظرية تفرق بين القول " دولة العراق الاسلامية" وبين " الدولة الاسلامية في العراق" ، في الاولى اعتراف بالحدود الفاصلة، وفي الثانية جُعل العراق وصفا مبدئياً " لدولة اسلامية" تسعى لتكريس نفسها في بلدان أخرى لاحقاً.

ومهما يكن من أمر فان اعلان الخلافة لم يأت من خارج اطار التنظير الفكري ، و"التخطيط الاستراتيجي" للتنظيم الذي يعتبر انه لا بد من اعلان الخلافة الاسلامية ولو في بقعة محدودة تكون بمثابة النواة للوصول الى " الخلافة الاسلامية الكبرى"، لكنها قطعا لا يمكن ان تنطلق من أي بقعة كانت دون ان تتمتع بمواصفات خاصة.

بدأ التنظير " لنواة الخلافة الاسلامية" عام 2011 مع " المذكرة الاستراتيجية" التي دونها " عبد الله بن محمد " ( احد منظري " الجهاديين") واصدرتها " مؤسسة المأسدة الاعلامية" التابعة لتنظيم القاعدة.

توقعات بالفوضى

تنطلق هذه الدراسة من نقطة محورية وهي ان المنطقة مقبلة نحو الفوضى بعد انهيار العديد من الانظمة بسبب " الربيع العربي" وان النظام العالمي آيل للسقوط والتراجع. وهذا ما سوف يفتح ثغرة امام " الحركات الجهادية" للدخول منها لطرح فكرة " الخلافة الاسلامية" كحل وخيار بعد فشل الاطروحات الاخرى.

إن هذه الفوضى المنتظرة ستسمح بمساحة من " الحرية الاعلامية" التي ينبغي الاستفادة منها في التحشيد والتجييش والتعبئة.

في هذه الاجواء يطرح الكاتب ضرورة بناء " دولة" في منطقة منتقاة تكون "نواة" لاعادة بناء " الخلافة الاسلامية".

ويحدد الكاتب المواصفات التي ينبغي توافرها في هذه "النواة" كأن تكون حيوية، وتحظى بعامل جذب للشارع الاسلامي، وطبيعة جغرافية تساعد على العمل العسكري الدفاعي، وحيازتها على ثروات وموارد طبيعية مائية وغذائية. ويستحضر الكاتب التجربة الصهيونية في اختيار فلسطين ليشير الى ضرورة ان تكون "نواة" الخلافة قريبة من مناطق التأثر الديني.

قد لا تبدو "داعش" ملتزمة حرفيا بما ورد في هذه " المذكرة الاستراتيجية" الا انها بلا شك تعرف تماما ان "خلافتها" ليست مكتملة العناصر وربما تعرف ايضا انها خطوة متسرعة ، الا ان ثمة عوامل دفعتها لاتخاذ هذه الخطوة.

اهم هذه العوامل هي عوامل داخلية لها علاقة بالحركات " الجهادية" والصراع المحتدم بينها على خلفية ما يجري في سوريا في مواجهة جبهة النصرة، حيث وجدت "داعش" نفسها في مقابل معظم قيادات القاعدة، ابتداء من الظواهري نفسه، مرورا بالموقف الذي اطلقة احد ابرز منظري تنظيم القاعدة عاصم البرقاوي ( المعروف باسم ابو محمد المقدسي) منذ حوالي شهر ونصف اي قبل اطلاق سراحه من السجون الاردنية على خلفية الوساطة التي دخل بها المقدسي بين التنظيمين المتصارعين وافضت الى تحميل المقدسي لداعش مسؤولية فشل الوساطة والحكم عليه بانه تنظيم منحرف ومعلنا صراحة  أن تنظيم الدولة في العراق والشام؛ تنظيم منحرف عن جادة الحق، ينحو إلى الغلو ، وصولا الى البيان الاخير للمقدسي الذي اصدره متزامنا مع اعلان داعش " للخلافة" حيث ابرز البيان عمق الشرخ وحدّة الخطاب بين هذه الجماعات.

ويكفي ان ننظر الى ما قاله المقدسي نفسه لندرك ما آلت اليه الاوضاع بينهم : " ..كما طالعت فيما طالعته بعد خروجي من السجن إساءات وسفالات لا يستحق أصحابها وصف المجاهدين ولا وصف الشرعيين ولو وصفوا بالشوارعيين بدلا من الشرعيين لكان أقرب؛ فمن اتهام للمخالفين باللقطاء وابناء العواهر ونحوه من الفحش ووضيع القول ..إلى غير ذلك من الكذب والبهتان والافتراء على المخالف بما لا يليق بمن تصدر للتوقيع عن الله والفتوى في دين الله..."

وفي الواقع ، وبحسب الادبيات الفقهية للتنظيم، فان لزام اعلان " الخلافة الاسلامية" وتنصيب البغدادي " خليفة " يحتم على جميع التنظيمات المسارعة للمبايعة بمن فيهم الظواهري نفسه، ولذلك نجد ان الشيخ يوسف القرضاوي مثلا سارع الى اعتبار اعلان الخلافة باطل ولا يترتب عليه اي اثر . من هنا فان اعلان "الخلافة" هو بالواقع اعلان وراثة "داعش" لتنظيم القاعدة. وقد اظهر المقدسي هذه المخاوف على باقي الجماعات بعد اعلان " الخلافة " لذلك سارع للتساؤل عن " مصير سائر الجماعات المسلمة المقاتلة المبايع لها من أفرادها في العراق والشام وفي كافة بقاع الأرض، وما هو مصير دمائهم عند من تسمى بمسمى الخلافة اليوم، ولم يكف بعد عن توعد مخالفيه من المسلمين بفلق هاماتهم بالرصاص".

لم يتغير الكثير بين ما قبل اعلان  قيام الخلافة

"الخلافة" وما بعدها ربما لم يتغير الكثير بين ما قبل اعلان  قيام " الخلافة" وما بعدها، الا ان هذا الاعلان سيترك اثره قطعا على سلوك عناصر التنظيم في قادم الايام، فان اي انتكاسة لهذه الخطوة سيعتبرها "الجهاديون" انتكاسة لصلب مشروعهم ، وستتحمل "داعش" وزر هذا الفشل بسبب اعلان "دولة" يرون انها لم تكتمل عناصر اعلانها بعد.

6/5/140713

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك