في الوقت الذي بات يتفق فيه الجميع على الخطر الكبير القادم من تنظيم داعش الإرهابي ليس على المنطقة فحسب وإنما على العالم أجمع تبدو دول الغرب والولايات المتحدة في حيرة من أمرها في كيفية مكافحة هذا التنظيم الإرهابي الذي كانت نشأته وظهوره النتيجةالحتمية لسياسة دعم التنظيمات الإرهابية والتغاضي عن نشاطها التي اتبعتها واشنطن وحلفاؤها في سورية والعراق تحت ذرائع مختلفة تنفيذاً لأجنداتهم في المنطقة.
ورغم الحراك الإعلامي والدبلوماسي الكبير الذي تقوم به دول الغرب والإدارة الأمريكية هذه الأيام عبر تصريحات مسؤوليها المتكررة التي تدعو إلى إقامة تحالف دولي من أجل مكافحة هذا التنظيم إلا أن شكل هذا التحالف لم يتبلور بعد ولا سيما مع تصريحات بعض المسؤولين الغربيين الذين ما زالوا يضلون الطريق الصحيح لمكافحة الإرهاب ويتعاملون بازدواجية فاضحة في المعايير والمواقف.
وضمن هذا السياق زعم المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست في تصريحات صحفية له اليوم أن بلاده “ما زالت تبذل جهدا كبيرا للتعامل مع تحديات الوضع في سورية والعراق” حيث تحاول الإدارة الأمريكية إيهام الرأي العام بأن دعم ما تسميها “المعارضة المعتدلة في سورية” هو أحد السبل لمحاربة تنظيم “داعش” متجاهلاً أن من تسميهم بلاده معارضة معتدلة هم بالأساس تنظيمات إرهابية دعمتها واشنطن وزودتها بالسلاح قبل أن ينضم العديد منها إلى تنظيم داعش وتقاتل في صفوفه وتحت لوائه.
وكان العديد من المسؤولين الأجانب حذروا الإدارة الأمريكية نفسها من مغبة تزويد من تسميهم “مسلحي المعارضة” بالأسلحة لخطورة وقوعها لاحقا في يد إرهابيي تنظيم داعش بينما رفضت هذه الإدارة ذلك وواصلت إرسال شحنات الأسلحة إلى “معارضيها” وهي تبدو اليوم وكأنها تعيد الخطأ ذاته وفق متابعين ومحللين سياسيين.
إلا أن ما قاله المتحدث باسم الإدارة الأمريكية لم يتطرق له وزير خارجية بلاده جون كيري الذي دعا في مقال له في صحيفة نيويورك تايمز إلى “رد موحد بقيادة الولايات المتحدة وإقامة أوسع تحالف ممكن بين الأمم” كاشفاً أن “الرئيس باراك أوباما سيقترح استراتيجية ضد داعش خلال قمة لمجلس الأمن الدولي الذي ستتولى الولايات المتحدة رئاسته في أيلول”.
كيري الذي لم يوضح كيفية وهوية هذا التحالف بشكل مفصل والخطوات العملية له واكتفى بالقول إن “أوباما ما زال يعد خطة شاملة لدحر داعش” أشار إلى أنه “سيتوجه مع وزير الدفاع تشاك هيغل إلى المنطقة بعد قمة حلف الأطلسي للحصول على مزيد من الدعم من الدول الأكثر تعرضاً للتهديد المباشر من تنظيم داعش” دون أن يحدد شكل التنسيق اللازم مع دول المنطقة التي ينتشر فيها هذا التنظيم والذي يعد شرطاً لنجاح وتحقيق هدف هذا التحرك بالقضاء عليه ومكافحته.
وفي التعليق على تصريحات مسؤولي دول الغرب والإدارة الأمريكية التي تبين رفضهم التعاون مع حكومات دول المنطقة التي ينتشر فيها التنظيم في محاولة للالتفاف على أي تنسيق معها ولا سيما في سورية انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالأمس هذه التصرفات الغربية واصفاًَ هذا الأمر بأنه “ازدواجية معايير واضحة وغير بناءة وهي قصيرة النظر”.
وبعيداً عن تصريحات المسؤولين الغربيين والأمريكيين التي يصفها محللون سياسيون بـ “المتخبطة” انضم ملك آل سعود الراعي والممول الأول للإرهاب في المنطقة والعالم إلى جهود الدعوة للتصدي لتنظيم داعش الإرهابي في خطوة متوقعة ولا سيما أن هذا التنظيم انقلب على صانعيه ومموليه وبات يشكل خطراً عليهم في دول الغرب والولايات المتحدة فكيف بمملكة في الصحراء لا تملك أياً من مقومات الدولة التي تستطيع مواجهة أي خطر يحيق بها.
خوف الملك السعودي على حكمه بعد انقلاب تنظيم داعش عليه دفعه إلى تعظيم خطره أمام المجتمع الدولي عبر كلمة له أمام سفراء دول أجنبية وعربية نقلت مقتطفات منها قناة العربية ورأى فيها أن “هذا الإرهاب يحتاج إلى سرعة في محاربته وإلا فإنه خلال شهر سيصل إلى أوروبا وبعد شهر ثان سيصل إلى الولايات المتحدة”.
وتؤكد العديد من التقارير والمعلومات الاستخباراتية الغربية أن مملكة آل سعود ودويلة قطر هما الداعمان الأساسيان لتنظيم داعش الإرهابي وقامتا على امتداد السنوات الماضية بتمويله قبل أن يقوم هو ذاته بالاعتماد على تمويله الذاتي من خلال عمليات السطو والإجرام التي جعلته يسيطر على مناطق في سورية والعراق.
ولم ينس المتحدث باسم الإدارة الأمريكية ارنست في إطار علاقة بلاده مع مملكة آل سعود تثمين علاقة بلاده مع السعودية في مجال مكافحة الإرهاب قائلا إن هناك سجلا يثبت هذا متفاخرا بـ “العلاقة الخاصة” التي تجمع بلاده مع مملكة آل سعود راعية الفكر الوهابي والتكفيري في المنطقة.
وبنظرة شاملة على التحركات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب الذي يهدد كامل المنطقة والعالم نجد أن دولاً عديدة منها روسيا وإيران وغيرها قد عبرت بوضوح كامل عن رغبتها الثابتة في مكافحة الإرهاب الدولي بكل أشكاله وبالتعاون مع دول أخرى مؤكدة أن هذا الموضوع يتم عبر التنسيق مع حكومات المنطقة المعنية بينما تواصل دول الغرب والإدارة الأمريكية تخبطها محاولة السير في عدة طرق مبتعدة عن طريق النجاح في مكافحة هذا الخطر الداهم.
10/5/140831
https://telegram.me/buratha