نقلاً عن موقع "منامة بوست"
أسقطت الجنسيّة البحرينيّة عن خليط من المواطنين يوم السبت 31 يناير/ كانون الثاني 2015، بينهم المعارض للنظام، واللاجئ للعائلة الحاكمة في قطر، والمنتمي لتنظيم «داعش» الإرهابيّ.
هذه «الفسيفساء» المدروسة بعناية والمتناقضة والمتباعدة في توجّهاتها، تحمل رسالة «تبشّر» بها القبيلة الخليفيّة، وهي «لا حدود لقبليّتنا، نحن محميّون من حلفائنا في واشنطن ولندن، كلّ دول العالم معنا ضدّكم». لقد أرادت القبيلة «بخلط أسماء المعارضين لها مع المنتمين لتنظيماتٍ إرهابيّة دوليًّا، القول بأنّها على نهج حلفائها في ملاحقة الإرهاب والمنتمين له»، وفي الجانب الآخر، هي ماضية في «حربها على الهويّة» ضدّ المُكوّن الأصيل لشعب البحرين، عبر استقدام شعبٍ بديل من الخارج، يزاحم المواطنين الأصليّين في حقوقهم وأرزاقهم، والأهمّ من ذلك في «وطنهم». وهذا ما فضحه مستشار الديوان الملكيّ السابق الدكتور صلاح البندر في تقريره عام 2006، وقد أثبتت مشروعَ «غدّة سرطان التجنيس»، طوابير الآلاف من الأجانب في مبنى الجوازات، الذين يترقّبون استلامهم الجنسيّة البحرينيّة، أو الاستفادة من مشاريع وزارة الإسكان، وغيرها من الخدمات الحكوميّة التي ينعم بها الوافد والمُجنّس، فيما يُحرم المواطن البحرينيّ الأصيل، الشيعي والسُنّيّ على حدٍّ سواء، منها. وإن كُتِبَ له الحصول عليها، فسيحصل عليها بالإذلال بعنوان «المكرمة الملكيّة».
منتصف ديسمبر/ كانون الأوّل 2012، عقدت الجالية الأجنبيّة مؤتمرًا في فندق الكراون بلازا بالمنامة، وبرعاية من جمعيّة الميثاق المقرّبة من السلطة، قالت فيه المتحدّثة الأولى «باتسي ماثيسون»، رئيسة جمعيّة اتحاد الجاليات الأجنبيّة، إنّ الأجانب في البحرين يشكّلون 600 ألف نسمة من 130 دولة من دول العالم، أيّ ما نسبته 51% من عدد السكان «البحرينيّين»، بحسب ماثيسون. وهنا سؤالٌ يطرح نفسه، ماهي الرسالة التي تريد إيصالها «ماثيسون» من إطلاق هذه التصريحات؟
إذن هي حملة شعواء تشنّها السلطة على البحرينيّين من خلال تمرير مخطّطاتها عبر خلط الأوراق ودمج المجرمين بالوطنيّين لتشويش الصورة، لكنّ ذلك لا يمكن أن يكون مشوّشًا على من حملوا همّ الوطن كقضيّة واضحة المعالم منذ عقود.
حرب «إسقاط الجنسيّة».. القبيلة الخليفيّة إلى أين؟
النظام يقول من خلال خطوته التصعيدية الأخيرة: لا حدود لقبليّتنا
إلا أنّ المهم في ذلك هو «قراءة قواعد الاشتباك» مع السلطة التي تمضي للأمام وتقتحم الخطوط تلو الخطوط، ولا يُعلم عند أيّ حدٍّ ستقف، أو بالأحرى عند أيّ حدٍ مرسوم لها أن تقف. فالضوء الدوليّ الأخضر على تجاوزات السلطة ضدّ المواطنين بات أمرًا واضحًا، من جهتين: الأولى أنّه لم يكن موجودًا السابق، الثانية: أنّ خطوات السلطة التصعيديّة تتناغم بوضوح مع الرتم الإقليميّ الذي ترتفع وتيرته في المنطقة.
والأهمّ جدًّا في «قراءة قواعد الاشتباك» محليًّا، هو المخرجات التي ستفرزها تلك القراءة، بمعنى، ما الخطوات الجديدة والجديّة والمناسبة التي ستّتخذها المعارضة «بتلاوينها المختلفة»، إزاء هذا الكمّ الهائل من التجاوزات الرسميّة والتي لها دلالات تتجاوز قضيّة القمع والإقصاء والتهميش.
وصف أحد الناشطين الأمر الذي دخلت في طوره السلطة بـ«الحرب المفتوحة»، وهو تعبير قريب من الدقّة، إذا ما أمعنّا النظر في توقيتات تصعيدات القبيلة ونوعيّتها.
والواضح أنّ الجميع من أفراد هذا الوطن مستهدف في رزقه وأمنه وأهله، بل حتى في حقّ الانتماء المكفول إنسانيًّا وقانونيًّا وأخلاقيًّا.
دراسة قواعد اللعبة السياسيّة جديرة بالاهتمام من قبل المعنيّين، إذا ما نظر إلى أنّ التصعيد ذاهب في أفق غائم الملامح، وعليه فإنّ إعادة ترتيب البيت الداخليّ هو الشغل الشاغل لدى بعض السياسيّين كما علمت «منامة بوست» - من مصادر رفيعة المستوى، غير أنّ ذلك الهمّ لن يكون ذا أثر ما لم يترجم إلى مشروع يمارس على الأرض بشكل مدروس وحكيم وشجاع، للحؤول دون تنفيذ مخططٍ يحاكي مشروع الكيان الصهيونيّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة.
ربما يوجد فرقٌ واحد هنا فقط بين ما يمارسه الكيان الصهيوني «المحتلّ للأراضي الفلسطينيّة»، وما تقوم به «القبيلة الخليفيّة الغازية للبحرين»، ألا وهو «اختلافٌ في الأسماء والفعل واحد»..
24/5/150201
https://telegram.me/buratha