التقارير

تفاؤل بغداد الحذر حيال الرياض وتشاؤمها!

1192 11:37:33 2015-02-05

رؤى عراقية للمتغيرات السعودية الجديدة

عادل الجبوري

تنظر الاوساط والمحافل السياسية العراقية للمتغيرات السياسية السعودية الاخيرة، من زاويتين، زاوية التفاؤل الحذر، وزاوية التشاؤم.

ولان السعودية تمثل طرفا اقليميا مهما وفاعلا، ولانها كانت وما زالت قريبة جدا من الشأن العراقي، بل وحاضرة فيه، ولان اي تغيير او تعديل في هياكلها السلطوية، والماسكين بزمام الامور، لا بد ان ينعكس بشكل او باخر على العراق، فمن الطبيعي جدا ان تنشغل بغداد-بمحافلها السياسية ووسائل اعلامها ونخبها-بتداعيات وافرازات وتبعات رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز وتولي شقيقه وولي عهده مقاليد الحكم في الرياض.

والتفاؤل الحذر، مثلما هو التشاؤم.. مبني على حقائق ومؤشرات ومعطيات شاخصة على ارض الواقع او قريبة منها، وهي في مجملها يمكن ان ترسم صورة استشرافية لمسار وطبيعة العلاقات بين بغداد والرياض في المرحلة-او المراحل-المقبلة، وفيما اذا كان سيطرأ عليها تغيير حقيقي وملموس ام لا.

صورة تفاؤلية

وتستند رؤية المتفائلين الى ما يلي:

-ان الملك الجديد يمتاز مقارنة بالملك الراحل، بالانفتاح والمرونة، وحدّة نزعته الطائفية اقل من سلفه، وقد اطلق اشارات مبكرة على رغبته بالمراجعة واعادة النظر بالسياسات والتوجهات القائمة، وما اقصاؤه الشخصيات المفصلية والمهمة في العهد السابق، مثل عبد العزيز التويجري، وبندر بن سلطان، وخالد بن بندر بن عبد العزيز، ومتعب بن عبد الله، الا دليل على ذلك التوجه الجديد.

-طبيعة الاوضاع والظروف السياسية والامنية التي تمر بها المنطقة، وتعرض السياسة السعودية لاخفاقات واضحة بشأن ملفات عديدة، مثل الملف السوري، والملف اليمني، والملف البحريني، ناهيك عن تهديدات تنظيم داعش الصريحة للمملكة يجعلها مرغمة على تصحيح المسارات الخاطئة.

-تعرضت علاقة السعودية مع الولايات المتحدة الاميركية لتصدعات واهتزازات كبيرة، وخصوصا العام الماضي، وهذا بلا شك اثر الى حد كبير على مكانة الرياض لدى حليفتها واشنطن، وبالتالي مستوى نفوذها وتأثيرها الاقليمي، ولعل الملك الجديد يدرك ذلك، ويقدّر ان بقاء العلاقة على هذا المنوال يعني مزيدا من العزلة والانحسار لبلده، وهو بلا شك قرأ قيام اوباما بقطع زيارته الى الهند والتوجه الى الرياض على رأس وفد رفيع المستوى ضم كبار مستشاريه ووزراء ومسؤولين كبارا سابقين لتقديم التعازي برحيل الملك، بأنه رسالة دعم وتأييد قوية ينبغي استثمارها الى ابعد الحدود.

-اطلقت الرياض اشارات، بعضها صريحة، والاخرى ضمنية عن رغبتها بإصلاح علاقاتها مع طهران، ومثل هذا الاتجاه لا بد ان ينعكس ايجابا على العلاقات مع بغداد، التي ينظر اليها صناع القرار السعودي على انها محكومة من قبل الشيعة الموالين او التابعين لطهران.

صورة تشاؤمية

في مقابل ذلك يستند المتشائمون الى حقائق ومعطيات ومؤشرات من نوع اخر، وهي الاخرى جزء من الواقع القائم، ومن تلك الحقائق والمعطيات والمؤشرات:

-ان الملك الجديد حتى وان ابدى انفتاحا واعتدالا ومرونة، فهو يبقى جزءا من منظومة سياسية تقليدية لها ثوابتها وقوالبها التي من غير الممكن الخروج عنها او كسرها بسهولة وسرعة، ومن الطبيعي جدا بالنسبة لاي وافد على قمة السلطة ان يجري تغييرات، يشكل من خلالها فريقه الخاص، ولا يبقي على الفريق القديم، اذ ان ذلك يوفر له مساحة من الولاء الخاص له، قبل ان تكون للنظام والدولة.

-الصراعات القائمة اليوم في المنطقة، هي في الواقع صراعات مذهبية-طائفية اكثر منها شيئا اخر، والسعودية تعد احد اقطابها الرئيسية، ولا توجد مؤشرات في الافق على ان تلك الصراعات في طريقها الى التلاشي والانتهاء، ولا سيما ان مغذياتها كثيرة وكبيرة، ومصادرها متعددة-ماليا وسياسيا واعلاميا وعسكريا.

-المؤسسة الدينية-الوهابية، تعد في المملكة العربية السعودية من بين ابرز مراكز القوة، ولا يمكن للمؤسسة السياسية التي تمتلك سطوة المال والاعلام ان تتجاوزها وتقفز عليها، وهذه المؤسسة ترفض رفضا قاطعا اي انفتاح مع المكون الشيعي، سواء كان مجتمعا او نظاما سياسيا

-هناك جملة ملفات شائكة بين بغداد والرياض، يتصدرها ملف الدعم السعودي للارهاب في العراق، وتورط السعودية فعليا بتقديم المال والسلاح واطلاق الفتوى الدينية وتسخير وسائل الاعلام التابعة لها والممولة من قبلها، ناهيك عن العشرات-ان لم يكن المئات-من الانتحاريين السعوديين الذين ارسلتهم الى العراق ونفذوا عمليات ارهابية اودت بأرواح اعداد كبيرة من الابرياء العراقيين، فضلا عن الاضرار والخسائر المادية.

ولعل صعوبات كثيرة تكتنف اية مساع لاغلاق هذا الملف تحديدا، في حال صدقت النوايا السعودية، وتبدلت مسارات التعامل.

قد تبدو الصورة التشاؤمية هي الاقرب الى الواقع من الصورة التفاؤلية.. ربما نشهد خطوات تكتيكية في هذا الجانب او ذاك، بيد انه من المستبعد جدا في ظل الواقع العراقي، والواقع الاقليمي الراهن حصول تحولات استراتيجية ايجابية وبناءة في علاقات بغداد والرياض، فمثلما تراكمت الازمات والمشاكل طيلة سنين طوال، وشيدت حاجزا صلدا وشاهقا من عدم الثقة، فهدم ذلك الحاجز وازالة انقاضه ومخلفاته يحتاج هو الاخر الى سنين طوال.

29/5/150205

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك