في تقرير صادر عن مكتب القانون الجنائي الدولي، ومقره نيويورك، عن جماعة
الإخوان، وردت معلومات بشأن علاقات الجماعة بالتنظيمات التي غزت العالم بداية من "تنظيم
القاعدة" مرورًا بـ "داعش" ووصولا إلى "أنصار
بيت المقدس" و"
بوكو حرام"، كان محل اهتمام المتابعين للإسلام السياسي في مصر والعالم.
التقرير سلط الضوء على تاريخ الجماعة الإرهابية منذ تأسيسها في مصر عشرينيات القرن الماضي، وأن "التنظيم السري"، الذي يعد الجناح العسكري للجماعة، لعب دورا حيويا وفعال في الإمدادات الرئيسية لجميع التنظيمات الإرهابية الحالية بشكل كبير، كذلك اهتم التقرير بالشخصيات البارزة في تاريخ الجماعة، خاصة سيد قطب وأخيه محمد قطب، الذي مهد الطريق لعبد الله عزام "أبي المجاهدين العرب" في أفغانستان، ومعلم أسامة
بن لادن، لكي يلتحق بالجامعة التي يعمل بها في المملكة العربية السعودية.
الاخوان والعنف
تطرق التقرير إلى علاقة
الإخوان بالتنظيمات التكفيرية، وأن الترابط تعدى التوافق الفكري وامتد لكي تستمر العمليات الإرهابية حتى الآن، وكذلك علاقة "
الإخوان" بتنظيم "داعش" في سوريا والعراق وجماعة "الشباب" في
الصومال.
وكشف مكتب القانون الجنائي الدولي عن إعداده لهذا التقرير بطلب من السلطات المصرية في سياق بناء "سند قانوني" لاعتبار جماعة "الإخوان" تنظيمًا إرهابيًا.
واعتبر الخبراء والمهتمون بشئون الإسلام السياسي أن التقرير لم يضف جديداً، فمنذ 40 سنة قال السادات إن الإخوان جماعة إرهابية تخرج من تحت عباءتها كل التنظيمات الإرهابية علي مستوي العالم، كما الإخوان قاموا بقتل النقراشي والخازندار، بعد أن أصدر قرارات وأحكاما بحل جماعة الإخوان وأن الإخوان يهدفون منذ قديم الزمان للوصول إلي الحكم معتمدين علي العنف والإرهاب ومبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، كما انهم حينما وصلوا للحكم لم تكن لديهم رؤي واضحة أو خطط رشيدة للنهوض بالبلاد وفشلوا في إدارة الحكم كما أنهم فقدوا حب الشعب الذي كانوا يخدعونه باسم الدين وانكشفت نواياهم في السيطرة على الحكم بغض النظر عن المصالح العامة.
ويؤكد التقرير أنه اهتم باستعراض أهداف نشأة جماعة
الإخوان المسلمين، ومتابعة ما قامت به خلال العقود الماضية، والاهتمام بالجهاز السري للجماعة الذى كان له دور وبصمة واضحة في كثير من القضايا والأحداث، وبروز الشخصيات الرئيسية للجماعة، وكيف نشأت الجماعة من أجل الدعوة، حتى تحولت إلى فصيل معارض قوي، قبل أن تتنامى نفوذها في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011، ووصول أحد أعضائها إلى منصب رئيس الجمهورية في يونيه 2012.
القي التقرير الضوء كثيرًا على شخصية حسن البنا مؤسس جماعة
الاخوان المسلمين، ورصد له بعض المواقف والأقوال التي تشير إلى أهمية الجماعة والدور المناط القيام به، واعتبر التقرير البنا بأنه المؤسس الأول للجماعة وأنه ما زال الأكثر احتراما وتقديرا داخل بنيان الجماعة، وتظل ايديولوجيته نحو الخلافة الإسلامية العالمية هي المحركة لجماعة الإخوان، كما انه ساهم في تأسيس الجهاز السري الذى عمل على خروج الجماعة من سياسية إلى الاعتدال والتسامح الديني إلى العنف.
واستعرض التقرير بعض مواقفه وأفكاره، ونقلت عنه ما ورد في رسالة الوداع، حينما كتب إلى اتباعه في عام 1943 عندما يعتقد البنا أنه كان على وشك أن تكون في المنفي البريطاني:
"أيها الأخوة: لا مجتمع الخيرين، لسنا حزبًا سياسيًا، ولا منظمة محلية محدودة الأغراض، بل أنتم روح جديدة في قلب هذه الأمة لتعطيه الحياة بالوسائل للقرآن الكريم، شعلة تضيء لتدمير الظلام من خلال معرفة الله".
كذلك اعتراف البنا باستخدام العنف كوسيلة لتحقيق بعض الأهداف، وهو ما يتضح بقوله "إذا اتهمكم أحد بالثورية، فقولوا لهم نحن أصوات للحق والسلام، ونحن فخورون، وسوف يسمح لنا الله بالدفاع عن أنفسنا ضد الظلم مهم كان حجمه أو مكانه".
كما اهتم التقرير بعدد من الشخصيات المحورية الأخرى في تاريخ الجماعة، ومنها مصطفي مشهور، محمد مهدى عاكف، كذلك ركز على عدد من الشخصيات المحورية في القيادة الحالية لجماعة
الإخوان، ومنهم المرشد الحالي محمد بديع، والذى اعتبره التقرير أنه يتأثر كثيرا بأفكار سيد قطب المتطرفة، وابراز دعمه العلني لكتائب عز الدين القسام الفلسطينية في، وكذلك تصريحاته بشأن "الجهاد واجب على كل مسلم"، كذلك جاء في خطابه في 2010 "الأنظمة العربية والإسلامية خانت شعوبها بالتقاعس عن مواجهة أعداء المسلمين الحقيقيين، ليس إسرائيل فقط ولكن أيضا الولايات المتحدة، وأن الحكومات قد لا يكون لهم الحق في إيقاف شعوبها من القتال في الولايات المتحدة ".
وأيضا ركز التقرير على خيرت الشاطر، نائب المرشد العام وهو حاليا قيد الاحتجاز في انتظار المحاكمة في بعض القضايا، وخاصة التحريض على العنف، كما ينظر له على انه الأكثر نفوذا داخل الجماعة، وكذلك محمد عزت، ومحمود غزلان، والشيخ عبد الله الخطيب، محمد البلتاجي، صبحي صالح، والذى اعتبره التقرير بأنه من أكثر الشخصيات تطرفًا داخل الجماعة، ونقل عنه قوله بأن الجماعة تسعى لتحقيق
دولة إسلامية حتى ولو رفض الأقباط ذلك".
كذلك اهتم التقرير بمتابعة نشأة عدد من التنظيمات والجماعات الإرهابية الأخرى، من خلال رصد نشأتها، وأبرز الشخصيات القيادية بها، مثل تنظيم
القاعدة، تنظيم الدولة "داعش"،
بوكو حرام، حركة الشباب، كتائب الشهيد عز الدين القسام وولاية سيناء ( جماعة أنصار
بيت المقدس سابقا) وارتباطهم مع
الإخوان المسلمين، من حيث المرجعية الأيدولوجية والفكرية والتنظيمية.
السلاح لغة الاخوان فى ا لمظاهرات
التقرير اهتم أيضا بالتوسع في استعراض أنشطة جماعة
الاخوان المسلمين، والقواعد التي من خلالها قامت الجماعة بتأسيس قواعد لها في محافظات مصر، وكذلك في عدد من بلدان العالم، والتطرق إلى أصل شعار "الإسلام هو الحل"، وهو الشعار الذى اعتمدت عليه الجماعة بشكل كبير في أنشطتها، وتنامى نفوذها، والغوص في قواعد الجماعة وقواعدها الداخلية، وخاص السمع والطاعة، والولاء للمرشد.
تعرض التقرير أيضا لما قامت به الجماعة من محاولات وصدامات مع السلطات المصرية المتعاقبة، وصعودها باعتبارها من ضمن الحركات الاسلامية أكثر نفوذا وتأثيرًا على الرأي العام، وما تعرض له الهيكل التنظيمي للجماعة على مدى عقود، كما اهتم التقرير أيضا بالتعرف على الجهاز السري داخل الجماعة، والأدوار المناط القيام بها، والعمليات التي يراها المراقبون والمهتمون مسئولًا عنها الجهاز السري أو العسكري للجماعة.
تطرق التقرير أيضا إلى شبكة جماعة
الاخوان المسلمين في مصر من حيث القواعد الشعبية وعلاقاتها بالأحزاب والقوى السياسية والنقابات المهنية، وكذلك تشعب الجماعة في عدد من البلدان العربية والأجنبية.
كما استعرض التقرير بتوسع الأنشطة السياسية في مصر 1970-2010، وظهور
الإخوان المسلمين كقوة سياسية في مصر، وكيفية صعودهم سياسيا واجتماعيا، منوها إلى التأثير الذى قامت به الجماعة لتغيير المجتمع المصري ليتوافق مع أفكارها، حتى أصبحت جماعة
الاخوانالمسلمين أقوى جماعة معارضة في مصر.
كما منح التقرير اهتمامًا كبيرًا بتنظيم الدولة المعروف بـداعش، مشيرًا إلى الدعم الأيدولوجى الذى قدمته جماعة
الإخوان المسلمين لهذا التنظيم في السابق، وهو نفس الدعم الى حصلت عليه جماعات متطرفة آخري مثل
القاعدة وبوكو حرام وغيرهم من الجماعات، التي تعتبر جماعة
الإخوان المسلمين المرجع الفكري والملهم الأكبر لهم.
ورصد التقرير ما أقدم عليه محمد الظواهري شقيق
أيمن الظواهري رئيس تنظيم
القاعدة، حينما دعا إلى قتال الجيش المصري الذى أطاح بمحمد مرسي رئيس الجمهورية، ودعا إلى نشر الجهاديين والمتطرفين في سيناء لمهاجمة الجيش والشرطة المصرية، وهو ما برز فيما بعد من الهجمات التي تعرّض لها كل من الجيش والشرطة على يد جماعة انصار
بيت المقدس في سيناء، قبل أن تعلنا لبيعة لتنظيم داعش في سوريا والعراق.