عندما يصف رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني اصحاب الدعوات الى فصم السليمانية عن الاقليم وتشكيل اقليم خاص بها بـ(المتآمرين) على وحدة الاكراد ويعلن بانه سيحاربهم بلا هوادة، فانه يدرك تماما ان دعاة (اقليم السليمانية) تجاوزوا الخط الاحمر وشرعوا في استكمال مشروعهم علنا بعد ان هيأوا له في العامين الماضيين اجواء سياسية واعلامية داعمة.
ومما ساعد في الترويج لاقليم السليمانية كما يقول النائب عن حركة التغيير امين بكر قرب انتهاء الولاية الثانية من رئاسة بارزاني في التاسع عشر من آب (اغسطس) المقبل ورغبة الاخير في التجديد له لولاية ثالثة وهو ما يتعارض مع دستور اقليم كردستان الذي ينص على تحديد فترة رئيس الاقليم بدورتين متعاقبتين فقط ولا يحق له التجديد او التمديد، الا في حالة واحدة تتمثل في تغيير المادة الدستورية الخاصة بذلك، وهذا أمر مستبعد في المرحلة الراهنة.
ومن يتابع وسائل الاعلام والقنوات الفضائية الكردية في اربيل والسليمانية يلحظ بوضوح ان قضية اقليم السليمانية باتت الشغل الشاغل للكثير من السياسيين والنواب والمثقفين الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض لها، رغم ان بارزاني وقيادات حزبه الديمقراطي الكردستاني يحاولون التقليل من اهميتها، فالوقائع على الارض تشير الى ان حزب الاتحاد الوطني الذي تعرض الى سلسلة صراعات سياسية في قمته العليا خلال السنتين المنصرمتين وغياب زعيمه التاريخي جلال طالباني بسبب مرضه، بدأ ينتعش شيئا فشيئا مستغلا مشروع اقليم السليمانية لتنشيط دوره وتدعيم مركزه بعد ان اصابهما الوهن في الفترة القصيرة الماضية.
ان قياديي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني رغم المحاولات التي يبذلونها لاخفاء قلقهم من اقليم السليمانية، الا انهم سرعان ما يستشيطون غضبا عند الحديث معهم بهذا الشأن ويبدأون بلعن ما يسمونه بـ(الخط الايراني) في حزب مام جلال، ويؤكدون ان هذا الخط الذي يقوده القيادي البارز في الحزب عادل مراد هو وراء الدعوة لاقليم السليمانية تنفيذا لاجندة ايرانية (على حد قولهم).
وينسب الى مسؤول الامن الاول في اقليم كردستان مسرور بارزاني وهو النجل الاكبر لمسعود، ان دعاة اقليم السليمانية استغلوا انشغال الاقليم بمحاربة داعش وبدأوا يسوقون مشروعهم الانفصالي لمصلحة ايرانية واضحة ويقول: ان طهران تأخذ على والده انه وثق علاقاته مع تركيا، ووافق على اقامة قاعدة امريكية للتعاون والتنسيق في اربيل، واصراره على تنفيذ برنامج (رؤية للغد) الذي يتضمن استفتاء عاما للشعب في الاقليم بخصوص تقرير المصير واعلان الدولة الكردية في كردستان الجنوبية، ويضيف ان هذه القضايا الثلاث تواجه بـ(لاءات) ايرانية معروفة.
ويتهم قياديو حزب الاتحاد الوطني وحركة التغيير وبعض الاحزاب الاسلامية الكردية (عائلة بارزاني) بانها تحتكر السلطة والمال والنفط والسلاح في الاقليم، ويطالبون بضرورة تنحي مسعود بارزاني عن رئاسة الاقليم في المرحلة المقبلة واختيار رئيس آخر بدلا منه في العشرين من آب (اغسطس) القادم في وقت يتم فيه تداول اسم برهم صالح ليخلف بارزاني في منصبه.
ومما شجع دعاة اقليم السليمانية واغلبهم من قياديي حزب الاتحاد الوطني وحركة التغيير الذين تجاوزوا مشاكلهم الحزبية القديمة، على المضي قدما في مشروعهم، انهم نجحوا في تحويل قضاء حلبجة الى محافظة وزاد سعيهم الى اقتطاع قضاء خانقين من محافظة ديالى والحاقه بالسليمانية والاستعداد لاعلانه محافظة كردية جديدة اضافة الى استمرار سيطرتهم على مدينة كركوك، وهذا يعني بحسبة بسيطة للنفوس والمساحة، ان اقليم السليمانية سيتألف من اربع محافظات (السليمانية وحلبجة وخانقين وكركوك) تشكل مساحتها ضعف مساحة محافظتي اربيل ودهوك وبعدد من السكان يفوق تعداد نفوس المحافظتين اللتين ستبيقيان بحوزة بارزاني الذي ما زال يستبعد اعلان الاقليم الموازي لاقليمه ويقول انه (أضغاث احلام).
ان 111 يوما باق على انتهاء ولاية مسعود بارزاني الثانية والاخيرة، وحتى ذلك التاريخ فان الحراك الكردي ازاء هذه القضية الخطيرة لا بد ويصل الى نقطة مفصلية ، اما الافتراق الودي بين حلفاء الامس او عودة الاقتتال الكردي ـ الكردي من جديد، وفي كلا الحالتين فان المتضرر الاكبر سيكون اقليم كردستان الحالي الذي سيتعرض الى هزة عنيفة تطيح بشعارات طالما لجأ اليها السياسيون الاكراد في اوقات الازمات مع بغداد وتهديدهم بتقرير المصير واعلان الدولة الكردية.
3/5/150512
https://telegram.me/buratha