يقضي الفوتوغرافي العراقي، هاشم محمد طراد، جل وقته في جمع الصور النادرة، والتي تجسد حضارة بلاد الرافدين، حتى جمع كماً هائلاً من الصور الفوتوغرافية تجاوزت 8 آلاف صورة، تعود لأماكن تراثية ونوادر التحف والآثار العراقية المسروقة، فضلاً عن صور لمخطوطات قديمة غير مألوفة في الشارع العراقي.
يقول طراد لـ”الخليج أونلاين”: إنه بذل جهداً استثنائياً في جمع هذه الصور “من جهد وعشق وسهر ليال، وعلى مدى أربعين عاماً من الترحال والتجوال بين البلدان”، ويضيف: “بالرغم من قلة مواردي الشخصية كنت أغامر بشراء أي وثيقة قديمة، وكانت الفرحة تغمرني باقتنائها.
8 آلاف صورة متنوعة عن تاريخ العراق تجولت برفقة الفوتوغرافي العراقي، في 25 دولة أوروبية أثناء المشاركة في معارض دولية، كما أوضح طراد، واستطرد بالقول: “هذا العدد من الصور، ومقدار ما صرف عليه من أموال لا أستطيع أن أحدده برقم، لأن عملية جمع هذه الصور تمتد لسنوات عديدة”.
والأماكن التراثية التي اختزنتها ذاكرة طراد الفوتوغرافية بعضها اندثرت، وبعضها الآخر مهدد بالزوال، فيما تحتفظ صور أخرى له بنوادر من التحف والآثار العراقية المسروقة، وأخرى لمخطوطات قديمة ونادرة.
– متحف متجول
يقول طراد: إن “طموحي لا يتوقف وأهدافي كثيرة، أسعى إلى تحقيقها رغم التحديات الكبيرة. في عام 2012 نجحت في تأسيس منظمة مستقلة لا تنتمي إلى جهة حزبية أو حكومية، تعنى بالثقافة والتراث والفن، أسميتها المتحف العراقي المتجول”.
ويهدف المتحف الفريد من نوعه إلى توعية الصغار والشباب بضرورة تمسكهم بحضارتهم وتاريخهم المجيد، وإعادة الآثار إلى العراق، بحسب هاشم طراد، لافتاً إلى حلمه في جولة حول العالم على متن “باص” يحوي صوراً لآثار آشورية وبابلية وأكدية، لكي يذكر البشرية بأن “العراق من علمهم القراءة والكتابة”.
متحف طراد المتجول يفتح في كل يوم جمعة أبوابه للزائرين، في بناية القشلة في بغداد، وهي بناية تعود إلى الحكم العثماني في العراق، ويعرض في المتحف صوراً لكنوز العراق الأثرية في المتاحف العالمية، فضلاً عن صور للحضارة الإسلامية، ورواد الشعر والأدب والسياسة في العراق.
ويصف طراد متحفه، لـ”الخليج أونلاين” بأنه “إطلالة كبيرة على التراث للكنوز والعلوم والفنون والإبداع العراقي الكبير، الذي تحتويه المتاحف الكبيرة في شتى بلاد العالم”.
– التباهي بالتاريخ
الاهتمام بالماضي لا يأتي من منطلق “عجز الحاضر”، على الأقل بالنسبة لطراد، الذي يؤكد أن عرض تاريخ العراق بشكل دائم ليس هدفه “التباهي بما لسنا نملكه اليوم، ولكن شعباً صنع كلّ هذا الجمال قبل آلاف السنين لا يمكن أن يتحوّل لشعب لا يعرف معنى الحياة”.
المتحف المتجول ينظم فعاليات عديدة، من بينها عمل مجسمات من المرمر، ونحت على الحجر لتماثيل آشورية، وفي هذا الصدد، يقول الفوتوغرافي العراقي: “إن هذا المشروع هو رسالة إلى أعداء الثقافة والحضارة والجمال، مفادها أن تاريخ العراق لا يمكن أن يزول بمعاول داعش”.
من جانبه قال الباحث في شؤون التراث، عبد الرحيم الكوفي: “كان من المفترض أن وزارة السياحة والآثار في الحكومة الاتحادية هي من تقيم المعارض داخل وخارج العراق، عن صور الآثار العراقية في المتاحف العالمية، وخاصة عن الآثار العراقية التي دمرت على يد عصابات تنظيم داعش”.
وكان تنظيم ”داعش”، قد قام بتدمير آثار نمرود الآشورية، بعد أن دمر تماثيل تعود لفترة ما قبل الإسلام باستعمال الجرافات، كما قام بتدمير متحف نينوى شمال الموصل بالعراق، وبث شريطاً مصوراً يظهر تدمير عناصره المتعمد لعدد كبير من التماثيل الآشورية الموجودة بالمتحف.
5/5/150521
https://telegram.me/buratha