في لقاء تلفزيوني أجري مع الخبير بشؤون غرب آسيا على إحدى شاشات التلفزة للحديث عن موضوع"دراسة التطورات في السعودية" قام بالتكلم فيه عن الظروف و القوانين السياسية المسيطرة على المجتمع السعودي وقال:في الأساس إن احد ميّزات الحكم في السعودية هو انه لا يوجد هناك أي إطار قانوني معيّن يحدد طبيعة الأفراد التي ستصل إلى سدّة الحكم في هذا البلد فالحاكم منهم يقوم باتخاذ قرارت بما ويتناسب مع مضالح جماعته و المقرّبين منه و يقوم بالوقت ذاته بممارسة الضغط على جماعة اخرى.
لايوجد أي إطار قانوني للوصول إلى سدّة الحكم في السعودية
أضاف هذا الخبير قائلاً:استناداً إلى الفصل الخامس من الميثاق الذي يطلق عليه اسم الدستور السعودي فإن الحكم في السعودية هو حكر على أبناء مؤسس وباني المملكة العربية السعودية ومن بعدهم تنتقل إلى أبنائهم.
قاسميان قال:في عهد العاهل السابق الملك "عبدالله" وضع قانون يعطى فيه الحق للملك بان يقوم بتعيين وعزل ولي العهد وهذا القانون كان يتضمن نقطتين الاولى هي أن الملك عبدالله كان من خلال ولي العهد و ولي ولي العهد يسعى إلى ايجاد حالة من التوازن بين العائلة السديرية والعائلة غير السديرية وعلى هذا الأساس كان الملك عبدالله من غير السديريين و"نايف بن عبدالعزيز"و"سلمان بن عبدالعزيز"من السديريين لكن في الوقت الحالي وفي الهيكلية الجدية فإن قبضة الحكم هي في يد العائلة السديرية.
وأضاف هذا الخبير في تتمة حديثه قائلاً:النقطة الأخرى هي عندما طرح في عام 2014م موضوع ولي ولي العهد الذي كان يتولى منصبه "مقرن بن عبدالعزيز"قام الملك عبدالله بوضع قانون يمنع فيه بالمطلق تغيير منصب مقرن من ولي ولي العهد إلى ولي العهد وليس من حق اي شخص القيام بمثل هذا الأمر و تحت أي ظروف كانت ويبدو بان مجلس البيعة قد اقسم على تنفيذ أوامر العاهل السعودي السابق لكن تم الحنث بهذا القسم وتمّ إخراج وعزل مقرن من دائرة القرار والحكم.
في الزلزال السياسي الأخير تمّ حذف العائلة غير السديرية من الحكم
وصرّح قاسميان بالقول:إن التغييرات الأخيرة للملك "سلمان" قد ضربت بهذا القانون عرض الحائط بشكل كلّي إذ ان الأحداث التي حصلت على مدى أكثر مئة يوم لايمكن وصفها سوى بالزلزال السياسي.
وأضاف:لقد سيطر السديريون على الحكم والآن تحرّكات و قرارات الملك السعودي تتجه نحو حذف غير السديريين من الحكم وهذا الامر سيؤدي إلى إيجاد بلبلة وأزمة على صعيد السياسة الداخلية لهذا البلد وكذلك بالنظر إلى الخبرة القليلة التي يمتلكها حكامهم و كذلك صغر سنّهم سيوجد مشكلات على مستوى المنطقة للملكة السعودية.
وقال قاسميان بأنه لا يوجد قانون خاص يلزم أحداً فيما يخص بالعزل والتنصيب في السعودية ولا يوجد أي عملية ديمقراطية تقوم على المشاورة والتصويت من أجل اختيار الملك السعودي ولأن الحكم هو بالوراثة فأننا سنشهد تغييرات كبيرة إذ أن تجاهل العملية الحالية في هذا البلد هو نتيجة الضغوط التي تمارس من خلف الكواليس فالملك في السعودية يجري تغييرات بناء على مصالحه الشخصية والعائلية والقبلية،لكن على مجلس البيعة ان يكون على دراية بالتغييرات والتطورات الحاصلة داخل دوائر القرار في المملكة في حين اننا لم نشهد أي دور لهذا المجلس في التغييرات السياسية الأخيرة.
هذا الخبير في قضايا المنطقة أشار إلى أن"الهيكل السياسي للحكم في السعودية لا يستند إلى أي قاعدة قانونية" وأشار إلى أنه ضمن هيكلية الحكم في السعودية بإمكان الملك ان يقوم بعزل ولي العهد حيث ان هذا القانون تمّ وضعه في عهد الملك عبدالله وكما يبدو كان ينوي من وراء هذا العمل أن يفتح الباب أمام ابنه متعب بن عبدالله ليصل إلى سدّة الحكم في المملكة حيث تم إجراء نفس السياسة من قبل الملك سلمان حيث شهدنا التغييرات الحالية كيف تم تعيين محمد بن سلمان وزيراً للدفاع و كذلك ولياً لـ ولي العهد.
لاضمانة لأن لا تتكرر حادثة ولي العهد مرة اخرى
وحول سؤال يتعلق بإمكانية ان نشهد تغييرات أوسع في المستقبل على مستوى الحكم في السعودية قال:مقرن بن عبدالعزيز الذي تمّ تعيينه في عام 2014م كولي لولي العهد و أقسم امام مجلس البيعة وتمّ تأييده من قبل ولي العهد آنذاك ها نحن الآن نرى بعد موت الملك عبدالله و بعد 97 يوماً على تولي الملك سلمان وبدون أن يُستشار مجلس البيعة وقسم أعضاء المجلس وخلافاً للعادة قام بعزل مقرن وتنصيب شخص من العائلة السديرية وهو ابن أخيه الشقيق حيث كانت هذه بدعة بكل معنى الكلمة وعلى هذا الأساس لايوجد أي ضمانة لأن لا تتكرر الحادثة نفسها مع ابن الملك مرة أخرى.
هذا المحلل لشؤون غرب آسيا تحدث كذلك حول دور الجماعات المؤثرة على القرارت المتعلقة بمستقبل السعودية وعن الأخطار التي من الممكن ان تتبع التغييرات الأخيرة في السعودية فقال:قام الملك سلمان بتغييرات واسعة خلال اكثر من ثلاثة أشهر (حوالي مئة يوم و نيّف)من توليه للحكم حيث كانت هذه التغييرات على ثلاث مراحل والتي من الممكن أن تسبب له ازمات على المستوى الداخلي والخارجي.
وأضاف بان المرحلة الأولى من التغييرات التي قام من خلالها بعزل المقرّبين من العاهل السعودي السابق من مناصبهم و معارضة الاصلاحات التي قام بها الملك عبدالله وقد شهدنا في هذه المرحلة كيف قام بعزل رئيس الديوان الملكي في عهد الملك عبدالله"خالد التويجري" قبل ان يتم دفن الملك عبدالله والتي أظهرت مدى الخلاف والنزاع الموجود بين أعضاء هذه العائلة.
وأضاف باننها شهدنا كذلك في هذه المرحلة كيف تمّ عزل ابن الملك السابق من منصبه كامير لـ مكة المكرمة و كذلك عزل أمير إمارة الرياض وعزل بندر بن سلطان من رئاسة جهاز الاستخبارات السعودي وكل هؤلاء من عائلة وأقرباء الملك السابق وكذلك في إجراء اكبر من سابقاته قام بحل كافة المؤسسات والمراكز التي أوجدها الملك السابق في المجالات السياسية،الثقافية،الاجتماعية،التربية و التعليم وذلك بسبب ان الملك سلمان يعتقد على خلاف الملك عبدالله بان المجتمع السعودي هو مجتمع تقليدي والهيكلية الديمقراطية لا تلائم الوضع الحالي لهذا المجتمع.
اليمن هو المستنقع الذي غاصت فيه السعودية
قاسميان في تتمة حديثه و في إشارة منه إلى المرحلة الثانية لتغييرات الملك سلمان على صعيد السياسة الخارجية للسعودية صّرح قائلاً:لقد شهدنا في هذه المرحلة ازدياد التقارب و التلاقي بين المملكة والكيان الصهيوني فيما يتعلق بتطورات المنطقة و التأكيد كذلك على السلام بين إسرائيل وفلسطين وإثارة موجة الخوف من التمدد الإيراني وعرقلة مسير التوافق النووي بين إيران و الغرب.
ويعتقد هذا الخبير بان الملك سلمان في فترة حكمه التي طالت ثلاثة أشهر حتى الآن قام بقرع طبول الحرب المذهبية في المنطقة وابرز مثال على ذلك سياسة السعودية في الاعتداء الخاطئ على اليمن والذي جرّ اذيال الهزيمة على السعودية حتى الآن.
وأضاف كذلك هذا الخبير قائلاً:إن السعودية من ناحية لم تتمكن من التوصل إلى أهدافها التي ترمي إليها في وقف وإبطاء مسير الثورة وكذلك قمع هؤلاء الثوار ومنع تقدّمهم داخل اليمن ومن ناحية اخرى الاستمرار على هذا النحو من قبل السعودية والدخول في مرحلة الاعتداء البري و إرسال الااسلحة إلى الارهابيين و استئجار الجيوش وإرسالها إلى اليمن هو بمثابة الغوص في مستنقع اليمن ولذلك فعلى صعيد الساحة السياسية الخارجية للملكة فإنه بالرغم من تحول السياسة السعودية إلى حالة أكثر هجومية و أكثر علنية إلا ان هذا جلب لها العناء وعاد عليها بنتائج وخيمة.
الزلزال السياسي في السعودية من خلال تعيين أشخاص ذو ميول امريكية
اطلق قاسميان على المرحلة الثالثة من التغييرات اسم الزلزال السياسي وصرّح بان المرحلة الثالثة كانت عبارة عن تغييرات اجريت على رأس هرم الحكم وعلى مستوى رفيع وأبرزها عزل "مقرن بن عبدالعزيز"الأخ غير الشقيق لولي العهد سابقاً أي الملك سلمان وتعيين "محمد بن نايف"ابن الأخ الشقيق للملك سلمان كولي للعهد وتعيين واختيار ابنه "محمد بن سلمان:وزير الدفاع الحالي ليكون ولياً لولي العهد،وعزل "سعود الفيصل"بعد أربعين عاما من العمل في الجهاز الدبلوماسي السعودي واختيار"عادل الجبير"ليحل مكانه في منصب وزير الخارجية.
وقد اكّد على حصول تغييرات واسعة اخرى على مستوى 9 وزارات وصرّح بالقول:يمكننا مشاهدة عدة نقاط تدعو للتأمل في هذه المرحلة و اول هذه النقاط هي أن اولاد الملك فيصل هم من تولّوا مسؤولية السياسة الخارجية على مدى الأربعين عاما ً الماضية وكان من المتوقّع ان يتم اختيار ابن الملك عبدالله الذي كان نائباً لسعود الفيصل في وزراة الخارجية ليحل محلّه إلا أن هذا الاخير تم عزله كلّياً وتنحيته وهذا بمثابة رسالة أيضاً إلى غير السديريين.
وكما قال هذا الخبير إن وزير الخارجية السعودي الحالي"عادل الجبير" هو عميل واداة أمنية امريكية ترعاه وكالة الاستخبارات الأمريكية(CIA) وهو خريج الجامعات الأمريكية التي درس فيها الاقتصاد والعلوم السياسية والعلاقات الدولية ولديه خبرة دبلوماسية من خلال تواجده في سفارة السعودية في أمريكا وهكذا يتبادر للاذهان بان إدخاله إلى ميدان السياسة الخارجية للسعودية من اجل التعاون التنسيق معه لتنفيذ سياسات الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة.
ويؤكد قاسميان في كلامه قائلاً:إن الوضع في داخل السعودية وصل لدرجة أنه من الممكن في أي لحظة ان يحصل امر ما فعلى سبيل المثال ليس من المستبعد أن يتم تقديم وجوه جديدة و شابة إلى مجلس البيعة بحجّة المرض الجسمي والعقلي الذي يعاني منه الملك السعودي المصاب بمرض الزهايمر وليتم بذلك تمكين وتمتين موقع ابنه في الحكم اكثر مما هو عليه.
أقوى رجال السياسة الجدد في السعودية
هذا الخبير في جواب له على هذا السؤال وهو من هي الشخصية السياسية التي تتمتلك زمام الأمور و الحكم في السعودية قال:بان وزير الخارجية،ولي العهد و ولي ولي العهد هم اقوى رجال القرار في المملكة السعودية ومن بين هؤلاء محمد بن سلمان الذي يمتلك أكبر قوّة بين هؤلاء.
وأضاف أيضاً:هذا الوضع أدى إلى حالة من السخط والنقمة من قبل كافة الامراء الآخرين في السعودية الذين يكبروه سنّاً ويتفوّقون عليه خبرة و تجربة ومن جهة اتخاذ القرارت والتواجد في الميدان السياسي هم مناسبون اكثر إذا هذه الخلافات موجودة ومن الممكن حتى ان تؤدي إلى حصول انقلاب داخل المملكة.
وقال قاسميان كذلك:بأن هناك بعض الأمراء لم يبايعوا ولي العهد و لا ولي ولي العهد حتى الآن و اكثر شخصية منافسة لولي ولي العهد هو "متعب بن عبدالله"رئيس الحرس الوطني السعودي وابن الملك السعودي السابق والذي لم يتم التشاور معه بشأن التغييرات التي حصلت مؤخراً وقاموا بإرساله قبل يوم من هذا الزلزال السياسي إلى الحدود الجنوبية مع اليمن وتّم الإعلان عن توقف الهجمات العسكرية بالضبط قبل وصوله حيث لم يتم استشارته في تغييرات الحكم وهذا الأمر أوصل الخلافات بين آل سعود إلى أقصى حدّ لها الأمر الذي لم تكن نتيجته سوى تزايد التوترو النزاع فيما بينهم.
من المرجح ان يتمّ عزل متعب بن عبدالله من منصبه في رئاسة الحرس الوطني في حال سنحت الفرصة.
وقد اكّد هذا الخبير في حديثه عن مستقبل السعودية والمسار الذي تسير فيه المملكة وما مدى تاثير هذه التغييرات المحتملة على سياسات هذا البلد على مستوى المنطقة وعلى جاراتها فقال:فيما يتعلق بالبعد الداخلي وكذلك ايقاع التغييرات و الجهة التي تتحرك باتجاهها لابد من القول انه بسبب عدم بيعة كافة الأمراء وأبناء الامراء مع ولي العهد و ولي ولي العهد ولأن من بين هؤلاء شخصيات ذات نفوذ لذلك فإن الخلاف بين الأمراء سيبقى على نفس وتيرته و حدّته وهذا الأمر سيسبب مشكلة جدّية لولي العهد و ولي ولي العهد في اتخاذ القرارت المهمة المتعلقة بالحكم.
واكد كذلك:باننا على المدى القريب ربما نشهد حصول احداث ما لان متعب بن عبدالله لم يوضع في صورة التغييرات الحالية ولذلك من المتوقع أن يكون التغيير الآتي سيشمل رئاسة الحرس الوطني لانه في حال حصل صراع داخلي فإنه سيكون بين الموالين والمدافعين عن متعب بن عبدالله في الحرس الوطني والقوات الموالية للملك و ولي العهد و ولي ولي العهد وهذا الأمر ليس مستبعداً.
مجلس البيعة لا دور في لعبة السياسة الجديد
وقال قاسميان بانه من المحتمل ان تطرأ أمور على منصب ولي العهد على المدى البعيد ولكن نسبة هذا الاحتمال متعلقة بسير الخلافات و إلى أي درجة سيصل هذا التوتر بين عائلة آل سعود لكن ماهو واضح هو ان الملك سلمان من خلال البدعة التي اوجدها ألغى دور مجلس البيعة ولم يعد له ذاك الدور المهم في لعبة السياسة عليه فإن الملك هو أول من يقرر وبعد ذلك يقوم اللوبي بلعب دوره داخل مجلس البيعة ولذلك فإنه لا يبدو مستبعداً أن يحتدم التوتر و الخلاف داخل الهيكل الحاكم.
وكما قال قاسميان فيما يتعلق بمستقبل السياسة السعودية على مستوى المنطقة يتوقّع أن تواجه السعودية مصاعب اكثر فأكثر فيما يتعلق بقضية التطورات في اليمن فاليوم نشهد تزايد موجة المعارضة المندّدة بالجرائم التي ترتكبها السعودية في اليمن متخطية المنطقة لتصل إلى منظمات حقوق الانسان ومنظمات دولية والرأي العام العالمي الذين اعلنوا عن معارضتهم و انزجاره من الجرائم التي ترتكبها السعودية في اليمن.
وفي النهاية قال بان النقطة الأخيرة التي أود ان أشير إليها هي ان الشخصيات الشابة صاحبة القرار في السعودية نظرتها إلى الأمور هي امنية و تتماشى مع سياسات أمريكا على مستوى المنطقة وليس مستبعداً ان تصبح السعودية مُنفّذاً لسياسات امريكا لا اكثر وقبل كل ذلك ان تقوم بالاعتماد على أمريكا وهذا الأمر بالتالي سيؤدي إلى أفول وتراجع دور السعودية أمام الملكيات و الأمارت الموجودة في منطقة الخليج الفارسي.
https://telegram.me/buratha
