تنفس الاتحاد الأوروبي الصعداء بعدالإعلان عن عدم حصول حزب أردوغان على الأغلبية المطلقة في الانتخابات النيابية، حيث كان الحزب طرفا صعبا في مباحثات الانضمام إلى الاتحاد. حسب التوقعات لن تستأنف هذه المفاوضات في وقت قريب.
لازال موقف المفوضية الأوروبية محايدا تماما تجاه نتائج الانتخابات التركية، سواء من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي أو غيرها، غير أنها علقت بإيجابية على الإقبال الكبير على صناديق الاقتراع، حيث وصلت نسبة المشاركة إلى 86 بالمائة. "هذه دلالة واضحة على قوة الديمقراطية في تركيا"، كما جاء في البيان المشترك لمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيرديريكا موغيريني والمفوض الأوروبي لسياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسع، يوهانس هان. ف "جميع الأحزاب السياسية أصبح لديها تمثيل في البرلمان الجديد"، وذلك في إشارة إلى تمكن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد لحقوق الأكراد من الحصول على نسبة أصوات تسمح له بدخول البرلمان التركي.
أما على الصعيد غير المعلن فهناك العديد من المسؤولين في الاتحاد الأوروبي الذين أستقبلواخسارة حزب العدالة والتنمية وعدم حصوله على الأغلبية المطلقة بارتياح كما تقول اماندا باول من مركز أبحاث السياسة الأوربية في بروكسل خلال حديثها مع DW. فهي ترى أن التخوفات من ميول حزب العدالة والتنمية للاستبدادية تقوي من أمل العديد من الموانين في أن تشكل نتائج هذه الانتخابات خطوة على الطريق الديمقراطي الصحيح. من جهته أعرب عضو الحزب الديمقراطي الحر في البرلمان الأوربي، الكسندر غراف لامبسدورف، عن سعادته بخسارة حزب أوردغان للأغلبية المطلقة، فهذه النتيجة تعبر عن "رفض الناخبين لأحلام أردوغان في السلطة المطلقة ولتوجهات أسلمة الحياة العامة".
أردوغان لا يبالي بالاتحاد الأوروبي
وقد اثبت أردوغان بكل وضوح عدم مبالاته بالاتحاد الأوربي ومعاييره. فحين اعتقلت السلطات التركية أكثر من 20 صحفيا في ديسمبر من العام الماضي وأبدى هان وموغريتي استنكارهما لما يمثله ذلك من تهديد لحرية الصحافة وانتهاك للحقوق الأساسية علق أردوغان: "تركيا لا تعيير لما يقوله الاتحاد الأوربي اهتماما وما إذا كان الاتحاد الأوربي سيوافق على انضمام تركيا إليه أم لا".
لقاءات اردوغان بممثلين عن الاتحاد الأوربي، مثل مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيرديريكا موغيريني، كان لا يخلو من التوترات
حسب هان وموغيريني هناك حاليا سبل لمواصلة تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. ولكن الحديث عن تقوية العلاقات فعليا لا يحدث على أرض الواقع. فتركيا مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي منذ عام 1999 ومنذ عام 2005 أجريت مفاوضات لإتمام هذه الخطوة. حتى الآن تم الانتهاء من فصل واحد فقط من مجموع 35 فصلا للتفاوض. هناك عدة أسباب لهذا الوضع الحالي المتجمد في المفاوضات من أهمها رفض دخول سفن تابعة لقبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، إلى الموانئ التركية.
الشيء الآخر، وبحسب اماندا باول من مركز أبحاث السياسة الأوروبية في بروكسل، هو أن أردوغان لم يقف فقط في الخط الإصلاحي بل تقهقر إلى الوراء، حسب تعبيرها. لكنها في ذات الوقت ترى أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي بما فيها ألمانيا وفرنسا، قامت بتسييس عملية الانضمام وبذلك تم توقيفها دون ضرورة حدوث ذلك.
الحوار يفيد الديمقراطية التركية
الواقع يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي وبروكسل يبديان مقاومة شديدة أمام فكرة حصول تركيا على العضوية الكاملة في الاتحاد. وهناك من يرى أن تركيا لا تنتمي للاتحاد الأوروبي لاعتبارات جغرافية وثقافية ودينية، في حين يرى آخرون أن تركيا تعاني من تعثر في المسار الديمقراطي. أماندا باول من مركز أبحاث السياسة الأوروبية ترى أن وقف فكرة انضمام تركيا إلى الاتحاد عمل خاطئ. فالحوار مع تركيا حول المواضيع التي تتعرض فيها للانتقاد أفضل بكثير من رفض المفاوضات، إذا كانت لتركيا نية تحسين الوضع السياسي.
ولا تعتقد باول بحدوث تغيير كبير في مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي بعد ظهور نتائج تلك الانتخابات. لكنها ترى وجود فرص لتعزيز التعاون بين تركيا والاتحاد الأوربي في مواضيع أخرى مثل توسيع النطاق الجمركي وقضايا المهاجرين السوريين، وهي فرصة جيدة لإعادة بناء الثقة ولضمان إمكانية فتح فصول جديدة في المفاوضات.
https://telegram.me/buratha