أفغانستان ساحة مفتوحة للقوى الإقليمية
رفعت باكستان ميزانيتها العسكرية بنسبة 12 % حيث كان المبلغ المختص للمؤسسة العسكرية في ميزانية الدولة عام 2014 - 2015 يبلغ سبعة مليار دولار، وتم رفعه في ميزانية عام 2015 - 2016 ليصل إلى سبعة مليارات وثمانمئة مليون دولار، يأتي هذا الرفع في الميزانية العسكرية، إثر التصعيد الكلامي المتزايد بين باكستان والهند في الفترة الأخيرة، كما جاء على لسان وزير المالية الباكستاني إسحق دار.. فهل ستتطور هذه المشاحنات الكلامية بين إسلام آباد ونيودلهي، لتصبح صراعاً عسكرياً جديدا؟
الحرب الكلامية بين باكستان والهند ليست بالأمر الجديد، بيد أن هذه الحرب زادت حدتها بعد توقيع باكستان والصين على إقامة مشروع الممر الاقتصادي، الذي سيجعل الصين مطلة على بحر العرب من خلال باكستان، الأمر الذي أدى إلى امتعاض الهند، وما صب الزيت على النار المشتعلة أصلا بين الجارتين النوويتين، هو استهداف حافلة بكراتشي على يد مسلحين، كانت تقل قرابة خمسين شخصاً ينتمون إلى الطائفة الإسماعلية ما أدى إلى مقتل 48 شخصاً من ركابها، لتوجه باكستان اتهامها للهند وأجهزة استخباراتها بالضلوع وراء العملية الإرهابية، لكن لماذا استُهدف الإسماعيليون بالذات؟
يجيب الصحافي صدّيق أنظار عن هذا السؤال بالقول "يتمركز الإسماعيليون في إقليم جلجت بلتستان، الذي يعد البوابة الباكستانية لمشروع الممر الاقتصادي ويراد من استهداف الإسماعيليين، إرسال رسال قوية اللهجة للحكومة الباكستانية من أن الهند لن تسكت على ما تعتبره تهديداً لمصالحها الاقتصادية".
كلام أنظار ينسجم مع ما قاله وزير الدفاع الهندي منوهر باريكر قبل أيام، إن الهند ستحارب الإرهاب بالإرهاب وأن الشوكة لا يتم إخراجها إلا باستخدام شوكة أخرى، وهو التصريح الذي لقي انتقادات واسعة في الأوساط الباكستانية، وقد تكفل بالرد عليه وزير الداخلية الباكستاني تشودري نثار على خان الذي اتهم الهند برعاية الإرهاب وشنها حرباً بالوكالة ضد باكستان باستخدام الجماعات الإرهابية .
في المقابل، يرى الخبير في العلاقات الدولية قنديل عباس "أن التوتر الباكستاني – الهندي لن يتخطى حدود المشاحنات الكلامية، فالبلدان يمتلكان السلاح النووي، ما يعد عاملا مهما لردع كل منهما عن الاعتداء على الآخر، كما أن إسلام آباد و نيودلهي تدركان عدم جدوى نقل الحرب إلى الداخل الباكستاني أو الهندي، فضلاً عن أن الساحة الأفغانية تشهد حرباً بالوكالة بين مختلف القوى في الإقليم من بينها باكستان والهند".
ويتابع قنديل: "مضى عام واحد فقط على حكومة مودي في الهند، وهو أضعف من إتخاذ قرار حرب في ظل وجود معارضة هندية قوية كما أن أجندة حكومته الإقتصادية ستتضرر إذا ما دخلت حكومته الحرب".
في المحصلة، فإن السجالات بين باكستان والهند، لا تتعدى كونها حرباً كلامية، اعتاد عليها المراقبون للشأن الباكستاني الهندي، فهذه الحرب الكلامية هي جزء من السياسة الخارجية لحكومات البلدين المتعاقبة. أما الحرب الحقيقية في الإقليم فهي في أفغانستان اليوم التي حوَّلها الاحتلال الأمريكي إلى ميدان تسابق خيول متوحشة تراهن عليها دول أقليمية على حساب الشعب الأفغاني.
https://telegram.me/buratha