وتقعان جزيرة تيران وصنافير عند مدخل خليج العقبة في موقع استراتيجي هام يمنح المحتل السيطرة الكاملة عليه، وتصر السعودية على جعل القضية طيّ الكتمان منذ احتلالهما عام 1967. عندما أعطى الملك فيصل السيطرة على الجزر لمصر من أجل منع "إسرائيل" إرسال سفنها لمحطة إيلات خلال حرب الأيام الستة التي خسر فيها العرب وبدأ الاحتلال للجزيرتين.
الصمت السعودي على احتلال الجزر شجع الرئيس المصري انور السادات رفضه إداراج تيران وصنافير كجزء من معاهدة السلام التي وقعها مع تل ابيب باعتبار إنهما تنتميان للمملكة العربية السعودية، فيما الرياض لم تعلق ولم تشر منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة الى جزيرتيها المحتلتين اسرائيلياً، حتى خلال اقتراح الملك عبد الله مبادرة "السلام" العربية لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي خلال مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002 والتي رفضها الكيان الاسرائيلي ايضاً جملة وتفصيلاً .
تطور الأحداث وإنكشاف العلاقات الوثيقة القائمة بين مملكة آل سعود والكيان الاسرائيلي المحتل طيلة عقود طويلة منذ رسالة الملك عبد العزيز بمنح أرض فلسطين على طبق من ذهب لليهود (بسم الله الرحمن الرحيم - أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الفيصل آل سعود، أقر وأعترف ألف مرة، لسير برسي كوكس، مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم، كما تراه بريطانيا، التي لا أخرج عن رأيها، حتى تصيح الساعة)، خير دليل على سماح الرياض لـ"اسرائيل" البقاء في جزيرتي تيران وصنافير الهامتين جدًا لمساعدة الأخيرة في إبقاء سيطرتها على خليج العقبة، ومنحها ممرًا يمكنها من الوصول إلى مياه البحر الأحمر وهو شيء يسير لا يؤخذ بعين الاعتبار قياساً بأرض فلسطين وسائر الأراضي العربية المحتلة.
نوايا إصرار السلطة السعودية بتعزيز علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي المحتل كشف عنها مصدر دبلوماسي أوروبي نقلاً عن مسؤول سعودي رفيع مقرب من الديوان الملكي، قوله "إن الملك سلمان بن عبد العزيز لديه أولوية تتمثل في المواجهة مع ايران، وتعزيز العلاقات مع جهات ثلاث وبمباركة أميركية، وهي اسرائيل وقطر وتركيا" - كشفت عنه صحيفة نيويورك تايمز الأميركية قبل اسبوعين.
اللقاءات المتكررة التي لم تعد خافية بين المسؤولين السعوديين والاسرائيليين وكثافتها تؤكد عمق العلاقة القائمة بين النظامين ووحدة الرؤية والأهداف ومن هذا المنطلق نرى الترحيب الاسرائيلي بالعدوان السعودي على اليمن ومشاركة طيرانه بقصف صنعاء وغيرها بقنابل فراغية ومشعة محرمة دولياً، أوقعت مئات الضحايا من الشعب اليمني الفقير بين قتيل وجريح، كرد جميل على صمت السعودية عن جزيرتيها تيران وصنافير خدمة لأمن "اسرائيل" الإقليمي.
لقاء عضو اللجنة الخاصة بمجلس الوزراء السعودي الجنرال المتقاعد أنور عشقي مدير مركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية في جدة مع مرشح مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية دوري غولد - أمين سر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو وأحد كبار مستشاريه في مجال السياسة الخارجية منذ عقدين - مؤخراً في واشنطن بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، لم يكن الأول ولا الأخير حيث التقى الطرفان خمسة مرات اخرى من قبل في وشنطن حسب ما كتبته صحيفة (اسرائيل اليوم)، واستمراراً للقاءات سعودية اسرائيلية سابقة شهدتها الهند وإيطاليا وجمهورية التشيك وهو ما كتبته صحيفة (بلومبرغ) الأميركية، تناول فيها الطرفان سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والامنية لمواجهة التمدد الايراني في المنطقة، حسب الصحيفة.
وكشفت بلومبرغ "إن عشقي عرض في كلمته على الجانب الاسرائيلي خطة مندرجة من سبعة بنود على رأسها تحقيق السلام بين "اسرائيل" والعرب، كما تضمنت تعاون الطرفين لتغيير النظام الايراني ..، وبناء جيش عربي باشراف وموافقة أميركية واوروبية لحماية الدول الخليجية وحفظ السلام".
تصريحات المسؤول السعودي عشقي خلال حواره مع جريدة القدس العربي بالقول: "حين سئلت عن الفرق بين "إسرائيل" وإيران قلت إن "إسرائيل" هي عدو عاقل وإيران صديق "جاهل" وعدو عاقل قد يكون أفضل من صديق جاهل"، يكشف حقيقة العلاقات القائمة بين المملكة والكيان الاسرائيلي وعمقها ما يدفع الأولى بكتم سر احتلال الثانية لأراضي سعودية منذ عقود طويلة خاصة اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ما نشره موقع الوعي نيوز نقلاً عن مصدر أمني فلسطيني قوله "وصلتنا معلومات مؤكدة بأن الإسرائيليين يخططون للقاء سري مع محمد بن سلمان في إحدى زياراته الى الدول الأوروبية"، واذا ما اضفنا اليها تأكيد "غيري سيك" عضو المجلس الاعلى للأمن القومي الأميركي في عهد الرؤساء فورد وكارتر وريغان بأن "الحكومات العربية في المنطقة اعتمدت بشكل مذهل النهج الذي يسير عليه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو اقليمياً".
-------
https://telegram.me/buratha