تعتقد وكالات الاستخبارات الغربية بأن تونس تتصدر الدول في المقاتلين الأجانب الذي ينضمون إلى داعش التكفيري، وتحدد السلطات في تونس بلدة القصرين، على أنها الأنبوب المغذي لعملية التجنيد.
وبعد دورها المعروف في الثورة التونسية، فإن القصرين الآن هي مصدر مهم للتطرف بين جموع الشباب الذين يذهبون إلى سوريا وليبيا بالآلاف.
لماذا إذا؟ ولماذا هنا؟
على بعد 30 كيلومترا من الحدود التونسية مع الجزائر، تقع مدينة القصرين، وهو موقع جغرافي أهلها لكي تكون مكانا مناسبا كنقطة التقاء التكفيريين من الدولتين، وتوفر لهم جبال الشعانبي مكانا مناسبا لتغطية التدريبات الإرهابية في المعسكرات، بالرغم من جهود الحكومة لاقتلاع الإرهاب.
في حي الزهور الفقير بمدينة القصرين تسمى إحدى الطرق من قبل سكان المنطقة بأنها "شارع الجهاد"، لأنها كما يقولون تشتهر بالعدد الكبير من العائلات التي فقدت أبناؤها، أو قتلوا أو سجنوا، وأول ما يصدمك هو العدد الكبير من الشباب الذين يطوفون في وسط النهار دون أن يكون لديهم أي عمل.
علموني كيف أصلي!
في أحد البيوت، وافق أحد الشبان على الحديث معنا ما دمنا لن نظهر هويته، وبدأ الحديث بعصبية "كنت أتعاطى الكحول وأدخن، وقررت أن أجد طريقي في المسجد المجاور، أن أجد طريقي إلى الله .. وعندما قابلتهم، علموني كيف أصلي".
لقد حولوه إلى عنصر تكفيري في داعش، ولكن الشاب يقول بأنه لم يكن يعلم ذلك في وقتها، ويضيف بأن كل ما يعرفه بأنه كان يبحث عن إجابات، وكانت لديهم القدرة على تزويده بها.
يقول الشاب "رأيت لديهم مجموعة خاصة صغيرة، وانضممت إلى مناقشاتهم، وكانوا يتحدثون عن كيفية دخول الجنة، وما هي واجبات المسلم ".
وقال بأن ما نسمعه عن التجنيد لداعش في الغرب بأنه يتم عبر الانترنت، ولكن هنا في القصرين يتم عبر المساجد في الأحياء، وبعد الهجوم المميت على السياح في متنجع سوسة، أعلنت السلطات عما أسمته المساجد الـ80 الممنوعة في البلاد.
أما قاتل أو مقتول
بالنسبة للشخص الذي قابلناه، جاء كل ذلك في أحدى ساعات الصباح عندما كانوا يتجمعون لصلاة الفجر، حيث أغارت الشرطة على المسجد، وكانت بحسب قوله "اختبار الحقيقة"، حيث يقول "لقد توقفت عن الذهاب إلى المسجد، حتى أنني توقفت عن الصلاة، وبعدها اتهمتني الشرطة بالصلاة مع الإرهابيين، والاقتران بهم، وقد أمضيت ثلاثة أيام في السجن هنا، وثلاثة في تونس العاصمة، وبعد ذلك، عندما أطلقوا سراحي، بقيت جالسا في البيت".
وفي وقت سابق من السنة يقول بأن التهديدات بدأت تصله عبر الفيسبوك، من الرجال الذين كانوا في المسجد، وقالوا له بأنه يعرفون أين يسكن، وأن ذنبه هو عدم الانضمام إليهم، "قالوا لي إننا نعرف والدتك، ووالدك، إنني أعيش بالقرب منك، يمكنني أن أخذ أخيك، والدتك، يمكنني إلقاء قنبلة على حائطكم".
وبسبب الخوف وافق على مقابلة التكفيريين، وقد رتبوا له موعدا في البلدة حيث كان هناك شخص يصف نفسه بأنه قائد "داعش"، وقال له "لدي عمل لك" وعرفت حينها، أنني سأكون "قاتلا أو مقتولا".
وبعد ذلك اللقاء تم القاء القبض عليه من قبل الشرطة للمرة الثانية، وقالوا له بأنه يمكنهم حمايته من "داعش"، ولكنه لم يكن مقتنعا، لأن دورية الشرطة قد تأتي في اليوم الأول وربما الثاني والثالث، ولكن أولئك ينامون إلى جانبي، يمكنهم أن يلقوا علينا قنبلة، فهؤلاء يمكنهم الذهاب والمجيء كما يشاؤون، ولا أحد يشعر بالأمان.
...................
https://telegram.me/buratha