“لا يعود تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية إلى فقهاء وعلماء مسلمين، بل إلى جنرالات وضباط استخبارات علمانيين فى حزب البعث العراقي بمساعدة غير مباشرة من قبل الجيش الأمريكي”، هذا ما يقره الكاتب كريستوف رويتر فى كتابه “السلطة السوداء.. تنظيم الدولة الإسلامية واستراتيجية "الإرهاب" “عن نشأة تنظيم داعش.
وذكر رويتر الذى يعمل مراسلا لمجلة دير شبيغل الألمانية الشهيرة، في سوريا في كتابه أن نشأة التنظيم بدأ بعد غزو العراق عام 2003، تحت إشراف رئيس الإدارة الأمريكية السابق فى العراق بول بريمر، والذي حل الجيش العراقي، وتم بعده تصفية عدد من ضبط الجيش العراقي، مشيرا إلى أن ليس كل من تمت تصفيتهم كانوا تابعين لصدام حسين.
ونتيجة لما وصفه رويتر بـ”الظلم” الذى تعرض له ضباط العراق، اتجه بعضهم لتأسيس “كتائب البعث”، لمقاومة الولايات المتحدة الأمريكية، ومهدت هذه الكتائب الطريق لظهور تنظيم داعش.
وأشار رويتر إلى أن مؤسسي داعش، كانوا يدركون أنه إن قاموا بالدعوة إلى إعادة إحياء حزب البعث العربي الاشتراكي، الذى تأسس عام 1947 وربط كلا من الوحدة العربية القومية والعلمانية مع الاشتراكية العربية، لن يسمع إليه أحد ولذلك استغل التنظيم الدين، فادعى أنه سيعيد للإسلام مكانته بتأسيس دولة إسلامية، لجذب أكثر عدد من هؤلاء المستعدين للموت فى سبيل دينهم.
ورأى رويتر أن من بين الامتيازات التى فاز بها داعش من خلال تحويل إقامة دولة للإسلام هدفا له هو “الشرعية” التى منحها لنفسه، لتصنيف الناس لمعسكرين أحدهما مؤمن والآخر كافر، وبهذا تفوق التنظيم على حزب البعث فى حجم سلطاته.
وعن انتقال أعضاء داعش إلى القتال فى سوريا عام 2012، يقول رويتر إنه كان بهدف توسيع رقعة نفوذهم، فتكون لهم الريادة فى المنطقة أمام بقية التنظيمات، مشيرا إلى أن الفوضى التى سيطرت على شمال سوريا فى ذلك الوقت سهلت لهم القيام بذلك.
ولفت رويتر إلى ما اعتبره “مفارقة” يجب الانتباه لها، وهي أن معظم ضحايا داعش كانوا من السنة، بعدما قدم التنظيم نفسه باعتباره “راعيا” للسنة، مشيرا إلى أن ذلك كان مخططا دعائيا استغله التنظيم، الذي لا يزال التنظيم يتمسك بمحاولة الصعود العسكري فى سوريا بالتحالف التكتيكي القديم مع نظام الأسد، “العلوى”، المنشق عن الشيعة.
وأكد رويتر نظام الأسد استغل داعش لتحجيم نشاط المتمردين، فعندما حاولت فى عام 2014 جماعات المتمردين السوريين المتحدة إخراج داعش من سوريا، قصفتهم قوات الأسد الجوية، دون الاقتراب لداعش لأن الأسد اعتبر "إرهاب" التنظيم “هدية”، ولولاه لتمكن "الإرهابيون" من فرض سيطرتهم على دمشق، إلا أنه بعد استيلاء داعش على مستودعات السلاح العراقية وسيطرته على مصافي النفط، ازداد نفوذه، فتحول قتاله ضد الجيش السوري نفسه، الذى كان أحد المستفيدين منه.
https://telegram.me/buratha