حرصت الصين على تجنب الحديث عن قدراتها العسكرية طوال السنوات الماضية، وحاولت جاهدة إخفاء قوتها الحقيقية وعدم الكشف عن أسرارها التكنولوجية وكانت تنفى صحة أى تقارير تتحدث عن برامج تسليح سرية لجيش الشعب الصيني، لكن جاء العرض العسكري، أمس الخميس، بمناسبة مرور ٧٠ عاما على انتصار الصين فى الحرب العالمية الثانية، ليكشف عن كمية هائلة من الأسلحة الجديدة المتطورة، لتتحول الاحتفالات إلى أضخم استعراض قوة من التنين الصيني.
وعرضت بكين فى الاستعراض العسكرى أنواع مختلفة من الأسلحة النووية والتكتيكية والاستراتيجية والصاروخية، التى أذهلت الجميع، وذلك فى حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع ٣٠ رئيسا ورئيس حكومة ومسئولا دوليا، بينهم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وافتتحه ٥٦ مدفعا روسيا بإطلاق النار إيذانا ببدء العرض، ثم ألقى الرئيس شى جين بينج خطابا.
وكان من اللافت للنظر غياب الرئيس الأمريكى باراك أوباما عن الاحتفالات، رغم أن الصين كانت من حلفاء الولايات المتحدة ضد اليابان وألمانيا فى الحرب العالمية الثانية، كما تغيبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إضافة إلى رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبي، الذى بدأ بمراجعة السياسة السلمية لليابان، وأعلن تطوير الجيش اليابانى وتعزيز قدراته القتالية.
وأقيم العرض فى ميدان السماء أو «تيان آن من»، بمشاركة ١٢ ألف جندى بينهم ١٠٠ جندية، و٥٠٠ معدة ثقيلة ومدفعية وصواريخ باليستية ودبابات ومدرعات، و٢٠٠ طائرة تمثل ٢٠ طرازا مختلفا، وقاد العرض أكثر من ٥٠ جنرالا من مختلف الأفرع والأسلحة الصينية.
وشمل العرض العسكرى الضخم ٥٠ تشكيلا تمثل جميع الأسلحة والقوات الصينية، منها ١١ تشكيلا من قوات المشاة والبحرية المترجلة، وكذلك ٢٧ تشكيلا ميكانيكيا، و١٠ أسراب من الطائرات والقوات الجوية، إلى جانب مشاركة فريق الموسيقى العسكرية المشتركة، وكذلك سلاح التمريض العسكري، واستغرق العرض بالكامل ٤٠ دقيقة، واستهله الرئيس الصينى بإلقاء كلمة عن انتصارى الجيش الصينى على الفاشية النازية، وكذلك المقاومة الشعبية على الاحتلال الياباني.
وكانت المفاجأة ظهور حافلات تقل ٣٠٠ من المحاربين والقادة القدامى للجيش الصينى إبان الحرب، يتقدمهم حرس الشرف، وكان بينهم ١٠٠ مقاتل شاركوا فى المقاومة الشعبية ضد اليابان، وجميعهم تخطوا حاجز التسعين عاما، وبلغ أكبرهم ١٠٢ عام.
وكانت غالبية الأسلحة من الإنتاج المحلي، لكن ما لم يتوقعه أحد أن ما يزيد على ٨٠٪ من تلك الأسلحة تظهر للمرة الأولى بصورة علنية، ولم يكن أحد يعلم عنها أو عن برامج تطويرها أى شيء، وفقا لصحيفة «تشاينا ديلي» الصينية.
وشهد العرض ظاهرة مثيرة أيضا، وهى مشاركة أكثر من ١٠٠٠ جندى يمثلون ١٧ دولة، من بينهم ٨١ جنديا مصريا، وكانت أبرز الدول المشاركة روسيا وكوبا، والمكسيك، وباكستان، وصربيا، وأفغانستان، وكمبوديا، وفيجى، ولاوس وفانواتو وفنزويلا.
وحمل العرض مفاجأة من الرئيس الصينى الذى أعلن عن تقليص عدد جيش الشعب بمقدار ٣٠٠ ألف جندي، ويعد الجيش الصينى هو الأكبر عالميا من حيث عدد المقاتلين ويضم نحو ٢.٣ مليون جندي، لكنه أعلن أنه سيبدأ عهدا جديدا من تحديث وتطوير القدرات العسكرية الصينية، وإدخال أحدث المعدات العسكرية فى العالم إلى الخدمة.
واستعرضت الصين أكثر من ١٠ أنواع من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وجميعها قادرة على حمل رؤوس نووية، ومنها صواريخ تسمى «قاتلة حاملات طائرات»، وهى من طراز «دى إف-٢١ دي»، والتى أثارت فى السنوات الأخيرة الكثير من التكهنات فى الأوساط العسكرية، بشأن ما إذا كانت ستقلب موازين القوى فى المحيط الهادئ، وستمنع حاملات الطائرات الأمريكية من الاقتراب من الصين أو مناطق نفوذها، وظل برنامج تطويرها سريا لا يعرف أحد عنه شيئا.
وعرضت الصين للمرة الأولى طائرات «جية-١٥» أو «القرش الطائر» المتعددة المهام، وهى صينية الصنع بالكامل وتعد من الجيل الأول من الطائرات القادرة على الإقلاع من على متن حاملات الطائرات، لتنفيذ مهام متعددة فى أى مكان بالعالم.