أكد كبار خبراء التركيبة السكانية في الأمم المتحدة قبل مايو (أيار) 2011، أن عدد سكان العالم سيصل إلى ذروته عند 9.1 مليار نسمة في عام 2100، ثم ينخفض إلى 8.5 مليار نسمة بحلول عام 2150.
في المقابل، أكدت المراجعة التي أجرتها المنظمة في عام 2011 أن عدد سكان العالم سيبلغ 9.1 مليار في وقت سابق عن ذلك بكثير، ربما بحلول عام 2050 أو قبل ذلك.
وبحلول عام 2100 سيبلغ عدد سكان العالم 10.1 مليار. والأكثر من ذلك، انطوت هذه التنبؤات على أننا قد نظل نحقق ارتفاعاً طفيفاً في إجمالي أعدادنا على مدار قرن من الآن. فماذا سنفعل؟ هل يعيش الكثير من الناس على هذا الكوكب؟ هل هذه هي نهاية الحياة كما نعرفها؟
يعتقد أستاذ الجغرافيا المتميز داني دورلينج أننا لا ينبغي أن نقلق كثيراً، فسوف نتعامل مع أي تهديد وشيك يحيط بنا وذلك في الوقت المناسب. وفي سلسلة من الفصول الرائعة داخل كتابه، يبين لنا خريطة صعود الجنس البشري من البداية إلى النهاية عندما يبلغ السكان 10 مليارات نسمة. فيخبرنا أنه استغرق بنا الحال حتى عام 1988 كي نصل إلى 5 مليارات نسمة،. ووصل عددنا إلى 6 مليارات نسمة بحلول عام 2000، ثم 7 مليارات بعد أحد عشر عاماً، وسيصل عددنا إلى 8 مليار نسمة بحلول عام 2025.
ومن خلال شرحه لكيفية وصولنا إلى هذا العدد، يعرض لنا دورلينج القضايا الرئيسية التي سنواجهها في العقود المقبلة: كيف سنتعامل مع ندرة الموارد، وكيف ستتمدد المدن التي نعيش فيها ويزيد فيها عدد الإناث، ولماذا يُعتبر التغيير الذي ينبغي أن نستعد له حقاً هو انخفاض عدد السكان الذي سيحدث بعد بلوغنا 10 مليارات نسمة. يُعد هذا الكتاب عملاً مهمّاً لأحد الجغرافيين الروّاد في العالم وسوف يغير طريقة تفكيرك في المستقبل. يمتلئ الكتاب بالأفكار والملاحظات غير البديهية، ولذا يُعد بمثابة طقم أدوات يُساعدنا في الاستعداد للمستقبل ويمكّننا من طرح الأسئلة المناسبة.
يؤكد المؤلف أن العالم قد تخطى ذروة استهلاكه للطاقة
مناقشة أرقام الأمم المتحدة
الجميع بات مفتوناً بعلم الأنساب والسكان. من نحن؟ ومن أين جئنا؟ والأهم في هذه الأيام، ما العدد الذي يستطيع هذا الكوكب استيعابه؟ هل يمكننا أن ننجو من أزمة وشيكة، وإذا كان الأمر كذلك، كيف؟
يدعونا داني دورلينج، أحد كبار الجغرافيين في المملكة المتحدة، إلى عدم القلق. ويناقش في أحدث مؤلفاته إحصاءات الأمم المتحدة وتوقعاتها بانفجار الأزمة السكانية بحيث يصل إجمالي عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة.
أولاً، يعرض الكاتب بعض الإحصائيات، وفي موضوع كهذا، تُعتبر البيانات عنصراً حيويّاً لإلقاء الضوء على القضايا التي يركز عليها الكتاب. وبالنظر إلى حسابات دورلينج، استغرق كوكبنا 64.000 سنة للوصول بإجمالي عدد سكان العالم إلى مليار نسمة لأول مرة في عام 1820. ولقد انخفض عدد السكان في مراحل مختلفة خلال تلك الفترة الطويلة، على سبيل المثال أثناء الفترات التي انتشر فيها الطاعون والأوبئة المتنوعة الأخرى وغزوات المغول وغيرهم.
وبلغ إجمالي عدد سكان العالم 2 مليار بعد 106 عاماً، في عام 1926 – أي بسرعة تضاعفت 600 مرة. وسجل عدد السكان 3 مليارات في عام 1960، بعد 34 سنة فقط، و4 مليارات في عام 1975. وارتفع العدد إلى 5 مليارات نسمة في عام 1988 – وهو العدد الذي عدّه الخبراء نقطة المنتصف بالنسبة للحد الأقصى للأنواع.
وقد واصل معدل السكان في الزيادة، وسجل 6 مليار نسمة في عام 2000. ثم تسارعت الزيادة بقوة. وإذا ما استمرت زيادة النمو السكاني بهذه السرعة المهولة، سيحمل عالمنا بين جنباته 133.592 مليار نسمة في عام 2300. أو بالأحرى لن يكون هناك عالم من الأساس. وبالنظر إلى هذه الحسابات، سنتعرض جميعا للهلاك في شيء أشبه بالمِرْجَل.
هناك جدل أكاديمي أكثر خطورة، حول نطاق أضيق من الأرقام. قبل مايو 2011، اتفق علماء الديموغرافيا على نطاق واسع بأن عدد سكان العالم سيصل إلى ذروته عند 9.1 مليار دولار في عام 2100، ثم ينخفض إلى 8.5 مليار نسمة بحلول عام 2150. وربما فزعت الأم المتحدة من عدد السكان البالغ 7 مليار في عام 2011، فراجعت توقعاتها وأكدت أن عدد سكان العالم سيبلغ 9.1 مليار نسمة في وقت سابق عن ذلك بكثير، ربما بحلول عام 2050 أو قبل ذلك. وبحلول عام 2100، سيكون هناك 10.1 مليار نسمة يدفع بعضهم بعضاً بشكل خطير فوق هذا الكوكب.
ينطوي الرقم 10 مليار على نوع من السحر، وهناك فيض من الكتب التي تنذر بسوء العاقبة من تلك اللحظة التي نصل فيها إلى هذا العدد. وهناك كتاب ضخم كتبه ستيفن إيموت وسيُنشر قريبا يحمل رسالة مخيفة جداً. لكن كتاب دورلينج، على النقيض من ذلك، يبدو أكثر تفاؤلاً. فهو يقول إن هناك عدة عوامل تؤدي إلى خفض معدلات الخصوبة. أولاً: التعليم. وثانياً: الصحة العامة. ومن أكثر نقاط الكتاب إثارة للاهتمام نقاشه حول الهجرة؛ حيث يقول:”يميل الناس إلى تبني معدلات الخصوبة في الأماكن التي ينتقلون إليها. وإذا كان الأوروبيون يريدون الحصول على الرعاية وهم في سن الشيخوخة، وإذا كنا نريد الوصول إلى عدد سكان أقل في المستقبل، فآخر شيء يمكننا القيام به هو محاولة تقليل الهجرة إلى أوروبا”.
يقوم دورلينج بتحطيم العديد من الأساطير، بما في ذلك العلاقة بين الجريمة وحجم السكان. ويقدم لنا أفكاراً مثيرة للاهتمام حول تأثير السكان على الحراك الاجتماعي وفجوة الثروة وظاهرة الاحتباس الحراري. ويلاحظ أنه خلال الركود الاقتصادي، لا تميل معدلات الخصوبة إلى الانخفاض (بشكل عادي) فحسب، ولكن يتسع فارق السن بين الزوجين أيضاً.
ويبدو تحليله للماضي مقنعاً أكثر من توقعاته بشأن المستقبل. ويؤكد المؤلف أن العالم قد تخطى ذروة استهلاكه للطاقة. ربما ينطبق هذا القول أكثر على الغرب منه على الاقتصادات المزدهرة في آسيا.
في النهاية، قد يكون المؤلف على صواب؛ فربما لا يكون معدل النمو السكاني العالمي كبيراً بالقدر الذي أفزعنا ذات مرة. لعل هناك انعدام مساواة كبيرا، ومتناميا، داخل بعض البلدان، لكنه آخذ في الانخفاض بين البلدان والقارات، مما يشكّل فرصاً جديدة.
يقدم دورلينج لنا الأمل بأن وجود عالم أكثر استدامة سيكون أكثر انفتاحاً. وبدلاً من قطع السبيل أمام المهاجرين، يدعونا إلى عالم بلا قيود. وقد يشاركه الكثيرون في رؤيته الأممية، لكنها تظل رؤية طوباوية. وأحد الدروس المستفادة من العشرين سنة الماضية هو أنه كلما عشنا في عالم مفتوح تكنولوجيّاً واقتصاديّاً، زاد تشبث أكثر الناس احتشاماً بكل ما هو مألوف.
(24 – عرض: طارق عليان)