أكد وزير الثقافة المصري الكاتب حلمي النمنم أن مصر علمانية بالفطرة، وأنه مستعد لإجراء حوار مع من وصفهم بالمتطرفين فكريا، ولن يعيد إلى الوزارة كل القيادات السابقة التي استبعدها سلفه.
تصريحات وزير الثقافة الذي تولى المسؤولية ضمن الحكومة الجديدة، أثارت جدلا واسعا حول هوية مصر التي اعتبرها علمانية، فيما يؤكد معارضوه أن مصر بلد عربي مسلم ، وفقا للدستور، مطالبين بمحاسبته وإقالته.
الوزير النمنم ﻻ يمثل ذاته وانما يمثل معسكرا واسع الطيف في مصر يسيطر على غالب المؤسسة الثقافية منذ عقود طويلة، ولذا لم يتركه المثقفون فريدا في مواجهة "قوى الظلام" على حد تعبيرهم ، مؤكدين أن مصر بلد علماني بالفطرة ومطالبين بحل الأحزاب الدينية التي تمثل تلك التيارات.
معالم صدام وزراء الثقافة المتدينين مع جماعة المثقفين
الصدام بين المثقفين والإسلاميين وبخاصة تيار الإسلام السياسي شهدت فصولا عديدة قديما، فيما تطورت بشكل هائل بعد ثورة يناير، إذ لم يمكث وزير ثقافة الثورة الأول محمد عبد المنعم الصاوي غير 9 أيام، إذ واجهه المثقفون بمنتهى القوة حتى استقال. كما خاض المثقفون معركتين ضد وزير ثقافة الإخوان، وأخيرا ضد وزير الثقافة السابق لكونه ذا ميول إسلامية، فضلا عن كونه أزهريا، ولم تهدأ للمثقفين ثورتهم حتى تمت الاطاحة به من الوزارة ليحل الوزير الحالي النمنم محله.
معارك فاروق حسنى وجابر عصفور مع السلفيين والأزهر ﻻ تنتهي
في جانب آخر اصطدم كل من فاروق حسنى، وزير الثقافة في عهد مبارك، و الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق وغيرهم كثيرون، بجماعات الإسلام السياسي والأزهر بسبب رؤيتهم لهوية مصر وكونها بلدا حاضنا لكل الثقافات، وضرورة الفصل بين الدين والسياسة، ورفض تجسيد الأنبياء و كبار الصحابة وآل البيت. واعتبر وزراء الثقافة وبخاصة عصفور أن الأزهر والسلفيين على حد سواء يمارسون دورا كهنوتيا ﻻ مجال له الآن.
أزمة الوزير بدأت بحوار تلفزيوني عبر فيه عن وجهة نظره التي لم تكن خفية على متابعيه إذ كان دائم التهجم على تيار الإسلام السياسي.
الدعوة السلفية تستنكر تصريحات النمنم بأن مصر علمانية وتدعو السيسي لمحاسبته
من جهتها عبرت الدعوة السلفية، في بيان مطول، عن أملها في أن يلتزم وزير الثقافة التزاما حقيقيا بما أقسم عليه من احترام الدستور وما فيه من مرجعية الشريعة ومرجعية الأزهر، ودعت رئيس الوزراء شريف إسماعيل إلى أن ينظر في شأن هذا المخالفات، وإلا فإن السلفيين يطالبون الرئيس عبد الفتاح السيسي بصفته رأس السلطة التنفيذية بأن يتخذ اللازم؛ فأقل ما يجب أن يقوم به وزير صادم الدستور والقانون ودين ومشاعر القطاع الأكبر من شعبه أن يعتذر، أو يستقيل إن أبى الاعتذار.
Reuters Mohamed Abd El Ghanyالأزهر
مثقفون يطلقون حملة لمناصرة الوزير في مواجهة "قوى الظلام"
في المقابل، دشن عدد من المثقفين حملة مضادة للسلفيين، أكدوا فيها مساندتهم لوزير الثقافة حلمي النمنم في حربه ضد من وصفوهم بـ " قوى الظلام " التي تتربص بكل ما هو تنويري في مصر.
شعبان يوسف: لن نتركه يواجه السلفيين وحده.. والإسلاميون هم قتلة فودة
من جهته أكد الشاعر والناقد شعبان يوسف أنه على الجماعة الثقافية ألا تترك النمنم يواجه معركته ضد السفليين وحده، وأن "على المثقفين أن يساندوه في مواجهة هذه الحراب المشرعة في وجوهنا منذ بداية الدولة المصرية الحديثة"، حسب قوله.
عبد المعطي حجازي: مصر ﻻ بد أن تبقى علمانية.. ويجب حل كل الأحزاب الدينية
كما تضامن مع الوزير الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي حيث أكد من قبل في تصريحاته، ضرورة أن تبقى مصر علمانية، مشيرا إلى أنه من الطبيعي أن يشن السلفيون هجوما على وزير الثقافة حلمي النمنم، لأنهم مجموعة من الأشخاص قادمين من العصور الوسطى، في حين أن مصر يجب أن تكون علمانية، لأنها دولة ديمقراطية، ولا توجد دولة ديمقراطية من دون فصل الدين عن الدولة، لأنه إذا سمحنا للمتاجرين بالدين أن يعملوا في السياسة، فسوف يضللون الجماهير ويخدعونها.
صراع دائم بين المثقفين و"الإسلاميين"
وبين تيارات الإسلام السياسي التي يقاتل بعضها سياسيا الآن، مثلما قاتلت في التسعينات من أجل هذا المبدأ، والتيارات العلمانية واليسارية والليبرالية التي تصنف كل منها مصر وفق عوامل سياسية مختلفة تحت مظلة الدولة المدنية، يتجدد صراع أبدي بين الجانبين، ما يلبث أن يهدأ حتى وينطلق من جديد.
إيهاب نافع
https://telegram.me/buratha