بي بي سي الحكمة – متابعة: لاجئون سوريون يبكون ويتعانقون أثناء توديعهم لبعضهم بعضا في شمال الأردن، وأطفال يساعدون آباءهم في حمل حقائب صغيرة ووضعها في حافلة تنتظرهم. هؤلاء اللاجئون إما لم يستطيعوا الذهاب إلى أوروبا أو لا يرغبون بذلك، وسيذهبون في رحلة مختلفة محفوفة بالمخاطر ليعودوا إلى ديارهم في منطقة الحرب. قالت سيدة، أم لثلاثة أطفال من درعا في جنوب سوريا : “ليس لدي أقارب هنا ولا أملك المال. الجميع بدأ في العودة. نحن متعبون”. وأضافت : “في سوريا سأجد أناسا أعرفهم وسأكون بينهم، سأكون بخير، مهما حدث”. تذكرة ذهاب قالت الأمم المتحدة إنها تشهد في خلال الأشهر الأخيرة ارتفاعا يدعو إلى القلق في عودة اللاجئين إلى سوريا. ففي شهر يوليو/تموز، سجل متوسط العودة اليومية 66 لاجئا، لكن في أغسطس/آب تضاعف الرقم إلى نحو 129 لاجئا، ومنذ ذلك الوقت ظل متجاوزا 100 لاجئ يوميا. وثمة نحو 600 ألف لاجئ مسجلين في الأردن، معظمهم يعيشون في مناطق حضرية. وبعد أربع سنوات من حرب أهلية دامية، أصبحوا لا يملكون شيئا وتملكهم اليأس. فكل من يرغب في مغادرة الأردن إلى سوريا يتعين عليه التسجيل لركوب الحافلة في منطقة المغادرة في مخيم الزعتري للاجئين، كما يلجأ الكثيرون إلى الحصول على نصيحة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. نحو 86 في المئة من اللاجئين السوريين يعيشون في الأردن تحت خط الفقر (3.2 دولار يوميا). وقال أحد موظفي الحماية ويدعى عمر : “أول شئ نخبرهم به هو أنه لا يوجد أمان في سوريا من وجهة نظر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ثانيا هو عدم استطاعة العودة إلى الأردن على الإطلاق. إنها تذكرة ذهاب فقط”. ويعاني اللاجئون السوريون في الأردن من تعثر مالي شديد. وتقول الأمم المتحدة إن 86 في المئة يعيشون حاليا تحت خط الفقر الأردني والذي يقدر بـ96 دولارا في الشهر. ولا تسمح الحكومة للكثيرين بالعمل بشكل قانوني ولم تعد توفر رعاية صحية مجانية. في مطلع الشهر الماضي حصل 229 ألف لاجئ يعيشون خارج المخيمات على مساعدات أقل من برنامج الأغذية العالمي نتيجة عدم توافر تبرعات دولية. واضطرت الأسر إلى اتخاذ خيارات شديدة الصعوبة. “لا خيار” قرر أحد اللاجئين، ويدعى أبو أحمد، من حمص البقاء مع أمه المسنة في الأردن في حين أخذت زوجته طفليهما الصغار، إحداهما رضيعة، لتعود إلى والديها في دمشق الخاضعة لسيطرة النظام السوري. وقال : “الحياة صعبة جدا هنا. ابنتي الرضيعة مريضة بالفعل ولا أقدر على تحمل نفقات علاجها. في سوريا سيكون ذلك متاحا”. عاد نحو 4 الآف لاجئ إلى سوريا في شهر أغسطس/آب. وأضاف : “نحن منقسمون لأننا لا نملك خيارا. بعض المواقف أقوى منا، وابنتي لها الأولوية. تستيقظ من نومها ليلا على حالة اختناق، وأنا لا أملك سيارة لأذهب بها إلى المستشفى كما لا أملك المال لشراء الدواء”. وتتذكر زوجته رحلة الخروج من سوريا وتصفها بـ”عذاب”، وتتابع أخبار القتال المستمر وهي تدرك مخاطر العودة. وقالت زوجته : “لسنا سعداء بالذهاب لكن الوضع هنا سئ للغاية. باهظ جدا. لا نحصل على قسائم صرف التعيينات الغذائية. ونضطر إلى شراء المياه التي نشربها”. وأضافت : “زوجي لا يستطيع العمل بشكل غير قانوني لعدة أيام في الشهر”. “أشد خطورة” تعتزم أسرة سورية أخرى تعيش في إربد الانقسام مؤقتا. الأب ويدعى خالد سيأخذ ابنته، آية، البالغة من العمر 19 عاما ويعود بها إلى مدينته درعا حتى تستطيع الانتهاء من دراستها في المرحلة الثانوية والالتحاق بالجامعة. و ستبقى زوجته مع أطفالهما الآخرين لعدة شهور. يقول خالد “”لا أنكر أني خائف جدا، لكنك تموت عندما ينفد الوقت”. كان خالد ميسور الحال في سوريا، لكن مدخراته نفدت حاليا، وهو يعتمد على أقاربه لسداد نفقات الإيجار والغذاء والمواصلات، حوالي 847 دولارا في الشهر. وأراني صورة لمنزله الكبير في درعا. والداه هناك وقالا له إن الوضع هادئ حاليا. وأضاف : ” كان الأمر فظيعا، قصف يومي وقنابل برميلية. الناس تموت، على مدار 20 يوما الماضية ثمة حديث عن هدنة”. سألت إن كان قلقا من أن يصبح الوضع عنيفا من جديد، فأجاب : “لا أنكر أني خائف جدا، لكنك تموت عندما ينفد الوقت. ليس لدينا حياة هنا”. وتختار الكثير من الأسر العودة إلى الصراع الذي لا يبشر بنهاية، بدلا من مواجهة الجوع وقسوة الحياة في الأردن.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha