نشرت وزارة الدفاع الروسية شريط فيديو يظهر عبور شاحنات نفط تابعة لتنظيم "داعش" وهي تعبر الحدود السورية متجهة إلى تركيا.
الوزارة أوضحت، خلال مؤتمر صحفي حاشد، أن عائدات داعش من التجارة غير الشرعية بالنفط كانت تبلغ ٣ ملايين دولار يوميا قبل بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا منذ شهرين، لكنها تراجعت في الآونة الأخيرة إلى مليون ونصف المليون دولار. في إشارة واضحة تعكس الأضرار البالغة التي أصابت ليس فقط داعش، بل أيضا جميع المتورطين والشركاء في هذه الجريمة.
ومع ذلك ترفض الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية المعلومات التي عرضتها روسيا من خلال وسائل الإعلام على الرأي العام العالمي والأوساط السياسية والعسكرية والقانونية الدولية. ما يظهر أيضا شكلا من أشكال التورط، أو في أحسن الأحوال التواطؤ.
وعلى الرغم من عرض الصور والمعلومات الروسية، إلا أن المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية أليسا سميث أعلنت، في مؤتمر صحفي الأربعاء ٢ ديسمبر الحالي، أن واشنطن "ترفض الفرضية التي تقول أن القيادة التركية متواطئة مع داعش في تهريب النفط، نحن لم نشاهد أي إثباتات تدعم هذه الاتهامات".
حالة من "الإنكار المَرَضي" تسيطر على واشنطن وحلف الناتو وأنقرة. ما يعطي انطباعا بأن هناك أهدافا أخرى تتجاوز أزمة القاذفة الروسية وتجارة النفط. ولا يتجاهل المراقبون هنا أن الولايات المتحدة وحلف الناتو ينويان التصعيد على أكثر من محور، سواء بإعلان الاستعداد لضم دول جديدة إلى حلف الناتو أو دعم تركيا في مواجهة روسيا، على الرغم من أن موسكو أكدت أكثر من مرة أنها لن ترد عسكريا على خطوة أنقرة بإسقاط القاذفة الروسية.
في الحقيقة، يبدو أن داعش بحاجة ملحة إلى شريان حياة رئيسي، متمثلا في النفط الذي يدر عليه ملايين الدولارات. ويبدو أيضا أن داعميه يعرفون ذلك جيدا. ولذلك وفروا له كل المسوغات اللازمة للثراء وتمويل خزينته، وتسليح عناصره لمواصلة "مهامه". وهو ما يذكرنا جيدا بنفس النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة وحلفائها في نشر زراعة المخدرات على نطاقات واسعة في أفغانستان كشريان رئيسي لتمويل المنظمات الإرهابية التي كانت تحارب القوات الحكومة الأفغانية والقوات السوفيتية.
إن الولايات المتحدة التي لعبت دورا مهما في توسيع رقعة المساحات المزروعة بالمخدرات في أفغانستان، عادت بقواتها إلى هذا البلد بعد أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ لتجده أكبر مزرعة مخدرات في العالم. والمدهش أن هذه التجارة ازدادت رواجا وازدهارا طوال السنوات الأخيرة لتهدد أوروبا نفسها. غير أن واشنطن لا تعبأ كثيرا بذلك، إذ على الجماعات الإرهابية أن تمول نفسها بنفسها لتستطيع الحصول على أسلحة إضافية غير تلك التي تسقط عليها "بطريق الخطأ" من الطائرات الأمريكية وطائرات الدول الحليفة لواشنطن.
الآن يتم استخدام نفس السيناريو بمشاركة تركيا، عضو حلف الناتو، والتي وعدت واشنطن وبروكسل بدعمها، ليصبح النفط الداعشي معادلا تاريخيا واقتصاديا للمخدرات الأفغانية.
أشرف الصباغ
https://telegram.me/buratha