اتصل في ضواحي العاصمة السويسرية محادثات السلام اليمنية إلى نهايتها بعد أسبوع من جلسات لم تخرج بأي نتيجة سوى هدنة هشة لم تصمد لساعات وسط خلافات بين طرفي الصراع لا تزال كبيرة.
ينتظر أن ينتزع الوسيط الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد موافقة الجانب الحكومي والحوثيين وأتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح على تشكيل لجنة عسكرية برئاسة عميد متقاعد في الجيش اللبناني يعمل لدى الأمم المتحدة هو سليم رعد، ستكون مهمتها العمل على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وتولي مهمة التأكد من فتح منافذ لوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الذين يحاصرهم الحوثيون وأتباع الرئيس السابق في مدينة تعز منذ عدة أشهر.
على أن المباحثات سترفع بعد ذلك ولمدة ثلاثة أسابيع بسبب حلول أعياد رأس السنة الميلادية، وهو أمر يعني أن القتال سيتواصل وسوف تستمر معه الاتهامات المتبادلة بعد الالتزام بالهدنة وعدم الجدية بالسلام.. وسترحل كميات التفاؤل التي حاول الوسيط الدولي ترويجها إلى مطلع العام القادم الذي ربما يكون امتداداً للعام الحالي بكل مآسيه على اليمنيين أو أن يكون بداية لمسيرة سلام لن تكتمل قريباً.
بهذا الإنجاز البسيط يتوقع أن يخرج الوسيط الدولي ليتحدث عن تقدم مهم في مسار المباحثات لكن على الأرض القتال ما زال على أشده واقترب أكثر من الطريق المؤدي إلى صنعاء للمرة الأولى منذ بدء عمليات عاصفة الحزم في مارس/آذار الماضي.. كما تمكنت القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وبدعم من قوات التحالف من تحقيق مكاسب مهمة في محافظات مأرب والجوف وحجة.
خلال جلسات المحادثات اتضح وجود رؤيتين متعارضتين للحل السياسي.. الأولى يتمسك بها الجانب الحكومي وتقوم على أساس تنفيذ قرار مجلس الأمن من جهة والانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة، وقبل ذلك الإفراج عن المعتقلين لدى جماعة الحوثي وبالذات وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس هادي وغيرهم، وذلك قبل أن يتم الاتفاق على وقف شامل ودائم لإطلاق النار واستئناف المسار السياسي.
أما على الجانب الآخر، فإن فريق الحوثيين وصالح يرى أن المسار السياسي يبدأ بالاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار، يعقبه الإفراج عن المعتقلين، وذلك قبل أن تذهب الأطراف للاتفاق على آلية للانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة.. وهي عملية شاقة وطويلة يمكن أن تستمر لأكثر من عام، ويمكن أن يتجدد خلالها القتال في أي لحظة، لأن كل طرف لديه مبررات كافية لعدم تنفيذ الصيغة المقترحة، سواء من حيث الجهة التي ستتولى حفظ الأمن في المناطق التي سيتم الانسحاب منها أو في كيفية التعامل مع الميليشات ودمجها أو من حيث الأسلحة المطلوب نزعها كما ونوعا.
ولأن الحال كذلك، فإن الطريق للوصول إلى صنعاء سواء كان سياسيا أو عسكريا ليس سهلا بل مليء بالألغام والتعقيدات حتى وإن تمكنت قوات الجيش الحكومي من الدخول إلى أطراف محافظة ريف صنعاء والتقدم صوب محافظة الحديدة، فإن ذلك لا يعني أن المعركة ستحسم عسكريا، فالواضح هو الرغبة في الحل السياسي ولكن بعد تحقيق أي انتصار من جانب التحالف لتبرير الذهاب إلى اتفاق.
فالجانب القبلي المحيط بالعاصمة والطبيعة الجغرافية الصعبة والنفوذ الذي يتمتع به الحوثيون وصالح في هذه المناطق، سيجعل المواجهات المسلحة هناك حرب استنزاف على كافة الأصعدة وهو أمر بات من الجليّ أن عدداً كبيراً من دول التحالف لا تفضله ولا ترغب في استمراره.. ولهذا فإن انتهاء إجازة العام الجديد، ومع منتصف شهر يناير/كانون الثاني، ربما تحمل بشائر جيدة للسلام لملايين اليمنيين الذين دمرت الحرب آمالهم.
محمد الأحمد
https://telegram.me/buratha