بعد ساعات على إعدام 47 شخصا اتهمتهم السلطات السعودية بالإرهاب ، بينهم الزعيم الديني المعارض الشيخ نمر النمر، أعلنت السعودية انتهاء الهدنة الهشة في اليمن.
استأنفت طائرات التحالف العربي غاراتها المكثفة على مختلف مناطق اليمن وضربت مواقع سبق واستهدفتها عشرات المرات.
وإذا كان معلوماً أن الهدنة لم تحترم أصلا من كلا الجانبين، فإن إعلان نهايتها لن يغير شيئاً على الأرض، بقدر ما رآه البعض محاولة للتخفيف من حملة الانتقادات التي تعرضت إليها الرياض بسب إعدامها شخصيات معارضة لنظام الحكم السعودي، حملة بلغت الذروة بانتقادات وجهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وشاركت فيها واشنطن الحليف القوي للرياض.
المملكة السعودية التي حرصت على تقديم نفسها سندا للشرعية في اليمن، تجاهلت الطريقة المناسبة لإخراج قرار استئناف الحرب، إذ يشير مراقبون إلى أنها نسيت في زحمة العاصفة التي أثارها تنفيذ حكم الإعدام أن تطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إعلان انتهاء الهدنة على الأقل من باب أنه هو الذي أعلن سريان عملية وقف إطلاق النار منتصف الشهر الماضي وأمر بتمديدها، واكتفت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية ببث خبر قرار التحالف إنهاء الهدنة مثلها مثل بقية وسائل الاعلام.
وفي ظل تنامي الرغبة السعودية بقيادة المنطقة العربية وتزعم ما يسمى بـ"العالم السني" في مواجهة إيران، فإن الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الرياض تندرج في سياق إعداد المنطقة لجولة من الصراع، يصفها كثيرون بأنها ستكون على أساس طائفي، إذ ستحتدم المنافسة بين دول المنطقة لتقديم نفسها للعالم باعتبارها الأمينة على مصالحه.
ولأن الحسم العسكري بات مستحيلا بعد انقضاء تسعة أشهر على بداية عمليات التحالف، فإن الذهاب نحو الحل السياسي بات خيار المتقاتلين، لكن كل طرف يعمل بدأب لتحسين موقفه التفاوضي وهو ما ظهر بصورة واضحة عقب اختتام الجولة الثانية من المحادثات في سويسرا، إذ عمد الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى تهديد السعودية بحرب طويلة، وبعدها تم إطلاق عدد كبير من الصواريخ البالستية على الأراضي السعودية وكثفت الهجمات اليومية عبر المناطق الحدودية.
حلفاء المملكة يبحثون عن مخرج سياسي للحرب في اليمن، لذلك بدأوا بالدفع نحو نجاح مهمة المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وتراجعت خطط المعارك البرية لصالح تدريب قوات يمنية تتولى المواجهات على الأرض بعد الخسائر التي لحقت بالقوات الإماراتية في الهجوم الذي استهدف معسكرها في محافظة مأرب.
الرئيس اليمني السابق علي صالح يدرك جيدا الوضع الصعب الذي تعيشه السعودية بسبب عجزها عن حسم المعركة لصالحها، لهذا تعمد إصدار التهديدات ودفع بأكبر عدد من قواته إلى الحدود مع السعودية، بل ويشير كثيرون إلى طموحه لأن يصبح الحل السياسي قائما على أساس تفاوضي بينه وبين الحكومة السعودية، مع أنه يدرك استحالة قبول الرياض بذلك.
عند بداية عمليات التحالف في اليمن كانت الحكومة السعودية تتوقع أن تحسم المعركة لصالحها خلال أشهر، لكنها الآن أدركت أن المستنقع اليمني ليس سهلا وأن تضاريس هذا البلد وتعقيداته ستغرقها، لكن خياراتها محدودة أمام وصول حلفاء إيران إلى خاصرتها الجنوبية وتحالف الرئيس السابق معهم واستمرارهم في استهداف أراضي المملكة والسيطرة على أجزاء واسعة من اليمن.
وفي انتظار عودة المبعوث الدولي الخاص باليمن إلى الرياض الأسبوع القادم، فإن سير المعارك لن يشهد أي تغيير، بل ان التراشق الإعلامي بين الرياض وطهران سيزيد من حجم الضغوط الدولية التي ترمي لإبرام اتفاق للسلام في اليمن ملامحه بدت واضحة خلال الجولة الثانية من المحادثات؛ ذلك أن المجتمع الدولي لا يتحمل حربا إقليمية في منطقة توجد فيها أهم آبار النفط، وتشرف على أهم الممرات المائية، كما تتعاظم فيها مخاطر الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.
محمد الأحمد
https://telegram.me/buratha