نشر مقال على الصفحات الاولى للتايمز الاميركية اشار به المحلل السياسي « سان بارنيت الى « ان الإرهاب الدولي مر عبر ثلاثة أجيال متعاقبة ومختلفة، فالجيل الأول كان خارجاً من الطابع القومي المتطرف الذي اجتاح أوروبا منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى عقد الثلاثينيات من القرن العشرين، وكان أغلب القياديين من الوطنيين المتطرفين. أما الجيل الثاني فهو عبارة عن الموجات ذات الطابع الأيديولوجي في أثناء الحرب الباردة حيث نشأ العديد من الحركات الإرهابية اليسارية مثل «الألوية الحمراء» الإيطالية و»الجيش الأحمر» الياباني، وأبرزت هذه الفترة (الحرب الباردة) حركات من العنف والصراع على النفوذ بين القطبين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي) والصراع على السلطة في شتى الأقاليم وخاصة البلدان النامية.»
كما اضاف « تحتل ظاهرة الإرهاب واقعاً ملموساً وساطعاً في الشرق الأوسط مما يخلق إطاراً مهماً للتفاعلات الدولية بسبب انعكاساتها الخارجية والداخلية لكثير من البلدان، فهنالك مسائل تعزز وتحفز وتخرج هذه الظاهرة في المنطقة (الشرق الأوسط) كما أن هنالك ظواهر تعبر في مجملها عن حالة عدم الاستقرار تؤكد استمرارية هذه الظاهرة، حيث تكمن معادلة العنف والعدوان بين المسائل ذات الطابع الجدلي وظواهر (عدم الاستقرار).»
كما اشار الى ان من اسوأ ما يمر به العالم في مواجهة «التعقيدات السياسية»، والتي تتطلب سرعة في الحركة والتوحد في مجابهتها من قبل المجتمع الدولي، هو الإهمال والنسيان في ادراج أصحاب القرار الاممي والقوى الكبرى، والتي بدورها كانت سبباً مباشراً في بروز الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية التي استغلت الخلافات السياسية والأوضاع الأمنية المرتبكة، لإقامة ملاذات آمنة، واعداد الموالين والخلايا النائمة.»
على سبيل المثال، حسب رأي بارنيت ان « هناك توقعات متسارعة باستغلال تنظيم «داعش» لسوء الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا واستغلالها لصالح التنظيم في مقابل الخسائر التي مني بها في العراق وسوريا، وهي انتقالة مهمة للتنظيم ان تمكن من فتح بوابة شمال افريقيا وبالتالي الخطر المتطرف نحو افريقيا واوروبا، وهي تكهنات سبق الحديث عنها في اثناء وبعد رحيل «القذافي» بعد ان اتفق الجميع على اسقاط نظامه المستبد واختلفوا في البدائل السياسية التي من المفترض ان ترشح كبديل سياسي.»
كما أكد ان « ليبيا التي انقسمت الى حكومتين، ولا يفصلها عن الساحل الأوروبي سوى البحر، كانت وما زالت الهاجس الغربي الأهم في تصدير الإرهاب اليها، ومع هذا ما زالت جميع الجهود الدبلوماسية في الدفع باتجاه حكومة وحدة وطنية تذهب ادراج الرياح، حتى مع الضغوط التي مارسها مجلس الامن الدولي، وفي هذه الاثناء تجد تحركات غير مسبوقة لتنظيم «داعش» في السيطرة على المدن واحدة تلو الأخرى، خصوصا قرب آبار ومصافي النفط، فضلا عن تجنيد المزيد من العناصر والموالين اليه.»
كما اشار الى ان «التوقعات الأمنية تعتمد على فرنسا، مع انباء غير مؤكدة بشأن تعاون عسكري واستخباري بينها وبين الجزائر لمنع تحقيق التنظيم المزيد من النجاحات في ليبيا الضعيفة والمنقسمة، الى جانب دول جوار تعاني الكثير من المشكلات ولا يمكن الاعتماد عليها كشريك فعلي في مواجهة تمدد داعش في شمال افريقيا.»
على الجانب الاخر حسب رأي بارنيت ، وفي شبه الجزيرة العربية، وتحديداً في اليمن التي تعاني هي ايضاً من انتكاسات سياسية وامنية كبيرة، ربما مهدت الطريق لحرية الحركة في الخليج بالقرب من منابع النفط وحركة مروره العالمية، حيث ينشط تنظيم القاعدة مستغلا «عاصفة الحزم» السعودية والانقسام بين حكومة «هادي» التي تحاول المملكة فرضها تحت قصف «التحالف العربي» وبين أطراف سياسية داخلية ترفض استمرار هذه الحكومة وتنادي بحكومة «وحدة وطنية» تشترك فيها كل الأطراف.»
كما اضاف «بعيداً عن التجاذبات السياسية (الداخلية والخارجية) التي تحيط بهذا الخلاف، فان تداعيات الأوضاع في اليمن لا تقل خطورة على منطقة الشرق الأوسط، من الأوضاع المضطربة في ليبيا، والأخطر من ذلك ان الأفق بحل سياسي قريب او محتمل تكاد تكون معدومة.»
كما اوضح « في الوقت الذي يحقق فيه «التحالف الدولي» الى جانب القوات العراقية النجاح ضد تنظيم داعش، الى جانب ما تحقق من نجاحات ضد التنظيم في سوريا، فان القلق ينتاب المراقبين للتطورات الميدانية الأخيرة، والتي تحسب لتنظيم داعش في ليبيا، فضلا عن تحركات تنظيم القاعدة في اليمن، وكلاهما استغل حالة الارباك الأمني والفوضى السياسية في كلا البلدين لصالح تحقيقهما المزيد من المكاسب الميدانية.»
وشدد بالقول ان» محاصرة التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا والقضاء عليها، لا يعني اهمال بقية المناطق المرشحة لتكون بديلا عن العراق وسوريا، فللتنظيمات المتطرفة القدرة على إعادة ترتيب اوراقها والانتشار في مناطق جديدة مستغلة أي خلل أمنى او سياسي فيها، وهو ما حدث بعد ان تمكن تنظيم داعش الانتقال الى سوريا بعد احداث الربيع العربي عام 2011 بعد ان تعرض لضربات قاسية في العراق قبل هذا التاريخ.»
واختتم حديثه قائلا ان « المجتمع الدولي مطالب بشدة لإعادة فتح هذين الملفين، سواء على الصعيد الأمني او السياسي وعدم ترك الأمور على عواهنها لمنع أي تداعيات يمكن ان تفتح جبهة جديدة للإرهاب العالمي قد تستغرق المزيد من الوقت والجهد من اجل القضاء عليها.»
* عن صحيفة الـ «واشنطن تايمز»
https://telegram.me/buratha