التقارير

تحليلات ومواقف/ نقاط الالتقاء بين ’داعش’ وعواصم الفتنة

1593 09:07:15 2016-01-15

بغداد ـ عادل الجبوري 

شهدت العاصمة العراقية بغداد ومناطق في أخرى خلال الايام القلائل الماضية، عمليات ارهابية عديدة طالت المدنيين، واوقعت عشرات الشهداء والجرحى، فقط يوم الاثنين الماضي سقط ما لايقل عن خمسين شهيدا، واكثر من مئة جريح، جراء الهجوم الانتحاري بسيارات مفخخة واحزمة ناسفة في احد اسواق بغداد الجديدة وسط العاصمة، والهجوم الارهابي المزدوج في قضاء المقدادية التابع لمحافظة ديالى، فضلا عن عمليات ارهابية اخرى.

تنظيم داعش الارهابي لم يتأخر في اعلان مسؤوليته عن تلك العمليات، وحتى لو لم يعلن عن ذلك، فإن طريقة التنفيذ وطبيعة الاستهداف يكفيان للقطع بأن داعش وراء ارتكاب مثل هذه الفظائع التي لا تمتُّ الى النزعة الانسانية السليمة بأية صلة.

ومع ان ذلك التنظيم الارهابي لا يتوانى قيد انمله عن استهداف الناس الابرياء في اي مكان وزمان، الا ان سلسلة العمليات الاخيرة، يبدو انها جاءت كردَّة فعل على الهزائم الكبيرة التي مُني بها مؤخرا في مدينة الرمادي، وفي مناطق واحياء تابعة لمحافظة صلاح الدين. اذ ان المعروف عن داعش انه غالبا ما يسارع الى فتح جبهات اخرى او الرد باستهداف اماكن تواجد المدنيين، حينما يتعرض لانتكاسات وهزائم في جبهة ما، وهو بذلك يحاول الانتقام والثأر من جانب، ومن جانب اخرى يحاول صرف الانظار عن بؤرة الحدث (هزيمته) الى مكان اخر يسفك فيه الدماء ويزهق الارواح ويدمر الممتلكات، وبالتالي يطلق رسالة مفادها "اننا ما زلنا اقوياء وقادرين على القتل والتدمير".

وسواء كان هدفه الانتقام والثأر، او صرف الانظار عن هزائمه الى اتجاهات وزوايا اخرى، فهو من خلال ذلك يعترف ويقر انه في وضع ضعيف ومربك لا يُحسد عليه.

داعش يرد على هزائمه الميدانية باستهداف المدنيين

ولا شكَّ ان ما تحقق في الرمادي خلال الاسبوعين الماضيين من انتصارات للجيش العراقي وابناء العشائر على عصابات داعش، اشر بوضوح الى قدرة وكفاءة الجيش العراقي والقوى الشعبية الساندة له على الامساك بزمام المبادرة، وحسم المعارك بنجاح باهر، والتقدم الى الامام بشجاعة وثقة.

وقبل الرمادي، حصل ذلك في جرف النصر، وامرلي، والعلم، وسامراء، وبيجي، ومناطق اخرى، ومن الطبيعي ان الانتصارات المتتابعة للجيش والحشد والشعبي وابناء العشائر، مقابل الخسائر والانكسارات المتواصلة لداعش، ترسم صورة معينة، في جانب منها تعزز دموية واجرام الاخير، حينما تكون ردة فعله باستهداف الناس الابرياء في بيوتهم واسواقهم ومدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم.          

ويأخذ الهدف التدميري-التخريبي ابعادا دموية اوسع واشمل، حينما يتمحور حول مسعى احداث الفتنة الطائفية، عبر استهداف مكون من لون مذهبي اخر بصورة مركزة، لتأتي ردة فعل هذا المكون باستهداف مكون اخر بأسلوب انفعالي غير منضبط، وهذا ما انتهجه تنظيم القاعدة الارهابي طيلة اعوام عدة، ليأتي تنظيم داعش الذي ولد من رحم "القاعدة" ويواصل هذا الاسلوب، معزَّزا بخطاب سياسي واعلامي غارق في النزعة الطائفية التحريضية، والفتاوى الدينية المقيتة، والتسويق السياسي من عواصم عربية وغير عربية مختلفة.

ولعل اثارة الفتنة الطائفية وايجاد التناحر والصراع بين الطوائف والمذاهب الاسلامية المختلفة هدف يلتقي عنده تنظيم داعش وقبله تنظيم القاعدة مع عدد من انظمة الحكم العربية، والتي في مقدمتها المملكة العربية السعودية.

ومثلما يستهدف تنظيم داعش المناطق ذات الاغلبية الشيعية بأسواقها ومساجدها وحسينياتها، ليوحي بأن المكون السني يقف وراء ذلك، فأنه فيما بعد يعمل على استهداف رموز واماكن عبادة تابعة للمكون السني، وكأن من استهدفها الشيعة كرد فعل على استهدافهم، وما حصل مؤخرا في قضاء المقدادية من هجمات على مساجد تابعة لديوان الوقف السني، بعد التفجير الارهابي المزدوج يمثل مؤشرا ودليلا واضحا على مثل هذا النهج.   

 وما حصل من استهداف في محافظة بابل لمساجد تابعة هي الاخرى لديوان الوقف السني بعد قيام السعودية بتنفيذ حكم الاعدام بحق الشيخ نمر النمر لا يخرج عن ذلك النهج.


ويتوقع خبراء في مجال الامن، ان يعمل تنظيم داعش خلال الفترة المقبلة على زيادة وتيرة عملياته الارهابية ضد المدنيين والمؤسسات الحكومية للتغطية على هزائمه وانكساراته الميدانية من جانب، وعدم فقدانة الزخم المعنوي لعناصره من جانب اخر.

وكذلك فإن ما يمكن ان يدفعه الى زيادة وتيرة عمليات الارهابية، هو التحريض والدعم الخارجي، انطلاقا من اجندات وخطط خاصة، لا يريد اصحابها استقرار العراق والقضاء على الارهاب فيه.

 وهذا يحتم على الاجهزة والمؤسسات الامنية العراقية اعادة النظر في بعض خططها واستحكاماتها، ومعالجة الثغرات والهفوات الحاصلة، كما هو الحال في عملية بغداد الجديدة، التي لايمكن القول بعدم وجود تقصير او قصور امني تسبب بوقوعها.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك