وفيق السامرائي
خبير ومحلل عسكري ستراتيجي عراقي مغتربلسوء حظ أبناء الطبقة البسيطة من سنة عرب العراق أنهم وقعوا تحت سلطة إغواء سياسيين يدّعون تمثيلهم، بعضهم فاسدون، وبعض رؤوسهم مرتبطون بقوى خليجية، ومعظمهم كانوا مسؤولين عن كارثة ساحات الاعتصام ومأساة النزوح. صوروا لهم الأقاليم جنة، والدولة السنية عزة وخلاصا.
نظرة سريعة إلى جغرافية سوريا، (وفق المعطيات الميدانية الأخيرة) تظهر استبعاد ترك الحكومة السورية للخط النازل من أقصى الشمال على الحدود التركية شمال حلب والى حمص نزولا إلى دمشق. وبما أن استعادة الرقة مسألة محسومة، وبما أن محافظة الحسكة في شمال الشرق لها مسحة كردية، فإن المنطقة الوحيدة المتبقية شرقا هي محافظة دير الزور المجاورة لمحافظة الأنبار، وهي أرض مكشوفة وتسهل السيطرة عليها من قبل القوات المدرعة والآلية، ويكون تأثير القوات الجوية فيها شديدا.
القوات السورية الآن تقاتل في درعا المحافظة الجنوبية.
وهذا يدل على أن الحكومة السورية تعمل على إعادة بسط سيطرتها على كل جغرافية الدولة، تحت غطاء جوي روسي ودعم إيراني وعراقي ولبناني..، وعلى الرغم من أن المهمة ليست سهلة إلا أن سياق الأحداث والعمليات يؤشر بهذا الاتجاه، وأصبحت الصورة هكذا، (إن لم تحدث متغيرات كبيرة تفوق العرض السعودي- الإماراتي المقيد لإرسال قوات برية لمقاتلة داعش في سوريا). وهاتان الدولتان لم تعانيا كما عانى العراقيون مرارة الحرب المدمرة مع إيران.
عراقيا: سياسيو الموصل ومعظم عسكرييها مناطقيون، يستحيل عليهم التعايش تحت سلطة الأنبار، وأهل الأنبار ليسوا مستعدين لصرف موارد ثرواتهم على أي طرف خارج محافظتهم. وبما أن العراق المركزي ليس مستعدا لصرف أموال من نفط الجنوب على أي إقليم، حيث بدأ بتطبيق ذلك على كردستان بشكل حاسم. فإن من مصلحة العراقيين نسيان وهم الأقلمة، ويستحيل أن تكون ديالى ونصف صلاح الدين على الأقل وكل أطراف بغداد مع أي إقليم.
يمكن، ولا يستبعد أن تنفصل الموصل وكردستان وكركوك بدعم تركي خليجي. لكن تصور جعل جدار فاصل بين بغداد وسوريا يبدو مستحيلا.
تصوروا أن متطوعين بعشرات الآلاف من بلدان عدة يقاتلون لحماية مرقد السيدة زينب، فكيف سيكون الحال في سامراء؟
من مصلحة سنة عرب العراق أن يديروا عقولهم عن استراتيجية حرب الخليج وتركيا، وينصرفوا إلى تعزيز التلاحم الوطني العراقي والتعايش السلمي الذي جبلوا عليه. وعلى الحكومة مساعدة الشعب مباشرة بعيدا عن توجهات السياسيين.
الملف النووي الإيراني كان محصورا بشكل أساسي بموضوعه، وإنسوا قصة التوافق الإيراني الأميركي على أقلمة العراق. فالأقلمة في بلد كالعراق مشروع حرب لا نهاية لها.
https://telegram.me/buratha