مأوى للاجئين بألمانيا
تحقق الشركات الألمانية الخاصة والأجنبية التي تدير مراكز إيواء اللاجئين أرباحا طائلة ناهيك عن الفضائح التي هزت بعض الشركات لسوء معاملتها للاجئين ، ففي ربيع 2015 فازت شركة “هيومن كير” في بريمن بعقد قيمته 3 ملايين يورو لإدارة مأوى للاجئين يضم 210 أشخاص، وبالإضافة إلى قيمة العقد فإن الشركة تقبض مبلغا ماليا سنويا قدره 300 ألف يورو لإدارة مبنى آخر في مدينة فولفسبورغ.
وتلقت حكومة برلين انتقادات لاذعة الأسبوع الماضي بعدما تبين أنها دفعت 238 ألف يورو لشركة “ماكينيزي” الأمريكية للاستشارات مقابل تقديم مشورة بشأن وضعية اللاجئين.
إلا أن الأمر لم يتوقف عند حدود الشركات الأجنبية، فحتى الذين يعارضون سياسة اللجوء المتبعة في ألمانيا لأسباب أيديولوجية لا يجدون حرجا على ما يبدو في الاستفادة من العقود الحكومية المربحة، حيث نشرت مجلة “دير شبيغل” الأسبوعية هذا الأسبوع خبرا مفاده بأن شركة “هيتسه ميتالباو” المملوكة لفرانك هيتسه، شقيق أحد المشاركين في تنظيم التظاهرات المعادية للاجئين في “كلاوسنيتس” بولاية ساكسونيا، قامت بتزويد ملجأ للاجئين في مدينة “لايبسيش” بحاويات معدنية.
رغم هذه الفضائح التي هزت الرأي العام الألماني، فإن بعض الخبراء لا يرون بديلا أفضل من هذه الشركات.
مأوى للاجئين بألمانيا
جدير بالذكر أن ألمانيا سجلت فائضا بميزانيتها في الأسبوع الأخير لشهر فبراير/شباط، إضافة إلى أن اقتصادها يشهد نموا مضطردا، لكن بالرغم من الاستقرار الاقتصادي تطالب العديد من السلطات المحلية في العديد من المدن بتوفير المزيد من الموارد لتغطية نفقات إيواء اللاجئين.
وللإشارة فإن بعض السلطات المحلية، كما هو الحال في برلين يئست من إيجاد أماكن للاجئين لدرجة أنها تعرض مقابل إيواء اللاجئين مبلغ 50 يورو عن كل فرد في الليلة الواحدة وهو عرض لم يفوته العديد من أصحاب العقارات.
ونظرا لتفاقم هذه الظاهرة قالت السلطات في برلين إنها ستتخذ إجراءات صارمة ضد المستغلين.
هذا وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قد وعدت في شهر آب/أغسطس الماضي بأن تعمل الحكومة على سد الثغرات القانونية التي يستغلها ملاك العقارات لتحقيق الأرباح، حيث صرحت ميركل في لقاء عقدته في “ماركسلوه” بمدينة دويسبورغ “الناس أصبحوا يعاملون كمنتوجات ويتعرضون للاستغلال”.
ومن جهته أفاد كلاوس كوكس، المتحدث باسم شركة الرعاية المنزلية الأوروبية، من أكبر مقدمي خدمات الرعاية المنزلية في ألمانيا، بأن الشركة توظف قرابة 1500 شخص وتوفر الخدمات الاجتماعية لما يفوق عن 16 ألف طالب لجوء ولاجئ في 100 مركز.
وباتت شركة الرعاية المنزلية الأوروبية تقدم خدمات عديدة من التخطيط والاستشارات وتجديد البنايات إلى دروس اللغة الألمانية ومساعدة اللاجئين على التعامل مع السلطات وحتى تطوير برامج الكومبيوتر الخاصة بالإدارة، حيث حققت هذه الأخيرة أرباحا كبيرة تضاعفت أربع مرات ما بين سنة 2008 و 2013 أما الأرباح بين 2012 و2013 فقد بلغت إلى 1.4 مليون يورو، بحسب آخر الإحصاءات الرسمية التي نشرتها الحكومة.
لاجئون بألمانيا
أرباح وفضائح
لكن هذا الارتفاع السريع صاحبته فضائح، ففي عام 2014 تصدرت الصحف صور التقطت في مبنى بـ”بورباخ” غرب ألمانيا، تظهر موظفين يعلمون لصالح شركة تابعة لشركة الرعاية المنزلية الأوروبية وهم يدوسون بأقدامهم رؤوس لاجئين مكبلين، وقد أثارت الصور استياء كبيرا.
إلى ذلك أطلقت الفضيحة نقاشا حول مخاطر خصخصة الخدمات المنزلية الخاصة باللاجئين، علما بأن السلطات في برلين قطعت مؤخرا علاقاتها مع شركة أمن بعد تصوير حراس تابعين للشركة وهم يسيئون معاملة لاجئين.
ويرى البعض أن الحوادث مثل حادث “بورباخ” لا يمكن تفاديها عندما يكون قطاع الرعاية مخصخصا، حيث صرح الصحفي الأسترالي أنتوني لوينشتاين في حوار مع صحيفة “فرانكفروته روندشاو” بأن تجربة خصخصة خدمات رعاية المهاجرين أثبتت في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا أن الاعتداءات كانت “مضمونة عمليا”، مضيفا أن هناك دليلا واضحا على أنه ينظر إلى اللاجئين أينما كانوا على أنهم كتلة لمراكمة الأرباح.
وللتذكير فإن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تواجه انتقادات من أطراف عدة حول السياسة التي اتخذتها مع المهاجرين واللاجئين وعدم تحديدها لسقف اللاجئين الوافدين، حيث وجه زعيم المحافظين البافاريين هورست سيهوفر السبت 27 فبراير/شباط، أصابع الاتهام إلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، قائلا إنها أصبحت بعيدة عن الواقع في أزمة المهاجرين.
ودعا هورست سيهوفر المستشارة الألمانية إلى الحد من وصول اللاجئين في أسوأ موجة للمهاجرين تهز أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
المصدر: وكالات