الكاتب .. حميدي العبدالله
في سياق الردّ على انتصارات الجيش السوري في منطقة حلب جنّ جنون تحالف الحرب على سوريا، وظهرت ردود الفعل غير العقلانية بأشكالها المختلفة، منها الاعتداءات التركية المباشرة على الأرض السورية، ومنها الموقف غير المسؤول للحكومات الغربية من مشروع القرار الروسي إلى مجلس الأمن الذي يدعو إلى احترام سيادة الأراضي السورية، ومنها التلويح بغزو بري تقوم به تركيا والسعودية بقيادة الولايات المتحدة لبعض المناطق السورية بذريعة محاربة «داعش».
ولكن أكثر السيناريوات جنوناً هو ذاك السيناريو الذي يقترحه أحد الباحثين في «معهد واشنطن» الموالي للكيان الصهيوني، والمنشور بتاريخ 5-2-2016. تحت عنوان: «معركة حلب: مركز رقعة الشطرنج السورية» إذ يلمح كاتب البحث بما يشبه التوصية إلى كل من السعودية وتركيا قائلاً:«إن كلاً من تركيا والسعودية قد لا تقف مكتوفة الأيدي» وثمة خيار لديهما «هو فتح جبهة جديدة في شمال لبنان، حيث قد تنخرط الجماعات السلفية المحلية وآلاف اللاجئين السوريين في القتال».
ويضيف الباحث أن «من شأن هذه الخطوة» أن تهدد «طرطوس وحمص» و«تهدد أيضاً الطريق الرئيسي إلى دمشق، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى تطويق قوات النظام، وقطع طرق التواصل والإمدادات والتمويل لحزب الله بين سوريا ولبنان».
وبمعزل عن صحة الرهانات على مثل هذا الخيار، وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه الحدود التركية من أهداف كبرى، علماً أن طول الحدود التركية، وسهولة حشد وإرسال الإرهابيين عبرها إلى سوريا، وما تمثله تركيا من عمق بسعتها الجغرافية وعدد سكانها الكبير وقدراتها العسكرية لا يمكن لطرابلس أن توفره، بمعزل عن كل ذلك فإن هذا السيناريو قد يراود جدياً مخيلة بعض صانعي القرار في المملكة العربية السعودية في ضوء حجم التفاعل والتلاقي المباشر بين بعض المسؤولين السعوديين وبعض حاملي هذه الأفكار في واشنطن وغيرها.
في هذا السياق ربما يكون التصعيد المفاجئ من قبل المملكة العربية السعودية بذريعة تصويت لبنان في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذين مر عليه أكثر من شهر تحركه مثل هذه الحسابات، كما أن استقالة أشرف ريفي من الحكومة اللبنانية، قد تكون جاءت في السياق ذاته لتحضير الأجواء الشعبية لتفجير تكون طرابلس منطلقه. ويهدف إلى تحقيق هذه الغايات، ولا سيما لجهة قطع طريق عام شتورا المصنع، الذي قد تغامر بعض الجماعات في العمل على قطعه.
لا شك في أنه دون تنفيذ هذا السيناريو الكثير من العقبات أبرزها الغطاء الدولي، وتوازن القوى المحلي، والقدرة الفعلية على تحقيق الكثير مما يُراد تحقيقه، إضافة إلى مستوى التأييد الشعبي، ولا سيما من قبل أهل طرابلس، الذين أحبطوا أكثر من 24 جولة عنف مع جبل محسن كانت تسعى إلى تحقيق غايات مثل هذه الغاية التي يتحدث عنها «معهد واشنطن».
المصدر .. موقع العالم الاخباري
https://telegram.me/buratha