التقارير

السعودية بين القيادة والانقياد!

2085 07:15:39 2016-04-24

الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مطار الملك خالد الدولي بالرياض - 2016

لأول مرة في تاريخها تتهيأ أمام الرياض ظروف مناسبة لأداء دور قيادي في المنطقة العربية، من دون منافسة كبيرة مع القاهرة وبغداد، كما كان ذلك في حقب سابقة.

كيف سيودع العالم أوباما؟
النفط مقابل الهباء!

حظيت السعودية بمكانة هامة دوليا وإقليميا وذلك لأسباب عديدة، من بينها مساحتها الكبيرة، وثرواتها النفطية والمالية الهائلة، ولوجود الأماكن المقدسة الإسلامية على أراضيها.

ساهمت الكثير من الظروف في بروز السعودية، فقد كانت رأس حربة في مواجهة المد الشيوعي والثوري منذ الستينيات، ولعبت الرياض دورا هاما في محاربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، وفي مواجهته اقتصاديا من خلال التحكم في أسعار النفط لإضعافه وصولا إلى إسقاطه، كل ذلك تم من خلال تحالف وثيق مع الولايات المتحدة.

انتهى زخم المد الثوري العربي، الذي وقفت الرياض ضده، بوفاة عبد الناصر، إلا أن الأوضاع في المنطقة العربية انقلبت رأسا على عقب بانتصار ثورة الخميني في إيران عام 1979، فانقلبت التوازنات وبدأت تضاريس المنطقة السياسية بكاملها في التغير بشكل حاد.

وعصفت أحداث كبرى أخرى بالمنطقة بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، التي وقفت خلالها السعودية ومعظم دول الخليج مع العراق في مواجهة إيران التي ساندتها سوريا وليبيا، فكان غزو العراق للكويت وما تلاه من حروب، إلى أن صفت الولايات المتحدة عام 2003 حساباتها مع صدام حسين بغزو العراق وإسقاط نظامه وإعدامه.

كانت الرياض في كل تلك الأحداث تقف وراء الولايات المتحدة وتكتفي بلعب دورها بشكل غير مباشر باستخدام ثقلها المالي والسياسي.

وهي انتهجت سياسة محافظة شبيهة بسباق التتابع في ألعاب القوى. في مثل هذه السباقات يجري اللاعب مسافة محددة يُسلم خلالها عصا للاعب آخر حتى آخر المشوار الذي يشارك فيه في العادة أربعة رياضيين. والرياض بالمثل لم تتعود على العدو المنفرد في السباقات الطويلة، إلا أنها مضطرة فيما يبدو إلى العدو في المضمار بمفردها الآن.

لقد مر الكثير من المياه في مجرى النهر، بل يمكن القول أن المناخ بكامله في منطقة الشرق الأوسط والعالم تغير بشكل سلبي بالنسبة للسعودية، فلم تعد للنفط قيمة استراتيجية كبرى بقياس أسعاره الحالية، وانطلاق منافسة قوية واعدة لبدائل متجددة للطاقة، ولم تعد آلية التحكم في أسعار النفط تشتغل كما في السابق بيد الرياض، والأهم أن الولايات المتحدة تبدو كما لو أنها تخلت عن الشرق الأوسط، ولم تعد له أهميته الحيوية السابقة في سياستها الخارجية، بخاصة أن إسرائيل الآن تعيش في أمان تام بعد تدمير العراق وإضعاف سوريا.

[صحراء السعودية]
Reuters
صحراء السعودية

وهكذا وجدت السعودية نفسها لأول مرة وحيدة في منطقة متوترة تهددها الأخطار من كل جانب، وتعمقت ريبتها في الولايات المتحدة منذ توقيع اتفاق تسوية الملف النووي الإيراني النهائي، ما جعلها تستشعر الأخطار التي تحيق بها بصورة أكبر الآن.

وعلى الرغم من أن السعودية ودول الخليج تمكنت من الصمود في مواجهة رياح التغيير العاتية التي غيرت أنظمة تونس ومصر وليبيا واليمن، وأدخلت سوريا في حرب طاحنة منذ أكثر من خمس سنوات، إلا أنها لم تسلم من أدخنة براكين التطرف، بالإضافة إلى القلق البالغ من انتقال العدوى الطائفية إليها بتمدد النفوذ الإيراني في اليمن والبحرين.

ترى الرياض في طهران الخطر الأكبر الذي يهدد استقرارها ووجودها، وهي تحاول الآن أن تقود المواجهة مع إيران بصورة مباشرة وبشكل أكثر سفورا من السابق في البحرين وفي اليمن وفي سوريا وفي لبنان.

ويبدو أن السعودية لم تعد تنتظر الولايات المتحدة لتعود إلى المنطقة بثقلها السابق، وهي تسعى الآن إلى إقامة تحالف واسع يضم دول الخليج، التي تمكنت من حشدها، باستثناء قطر التي تغرد منذ مدة خارج السرب، بالإضافة إلى مصر وتركيا وباكستان.

وتشير الأحداث إلى أن الرياض قررت أن تبادر بقيادة الدول العربية بصورة مباشرة، وأن تضع جميع العواصم العربية خلفها، بما في ذلك القاهرة، بدا ذلك واضحا في استعادتها من مصر جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، ما يعني بشكل أو بآخر أنها غيرت من سياستها التقليدية، وهي تستعد لدور قيادي أكبر في المنطقة.

لا يبدو واضحا كيف ستواجه السعودية إيران التي سبقتها بأشواط كبيرة في المجالات العسكرية، والصناعية، والعلمية، وباتت قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب. وقد يكون تحالف الرياض مع أنقرة محاولة منها لتحقيق توازن ما، إلا أن أوضاع تركيا تتسم بحساسية خاصة، فهي منشغلة بالحرب ضد الأكراد، وبمحاولة تعزيز أمنها بمد نفوذها إلى شمال سوريا والعراق. كما أن انشغالاتها لا تبدو معنية بمخاوف السعودية، فهي تحاول جاهدة استعادة مجدها العثماني وتعزيز نفوذها في أكثر من بلد عربي عصفت به رياح التغيير المدمرة.

ويمكن القول إن المنطقة العربية الآن تتنازعها قوى دولية وإقليمية متنوعة، وحالها أصبح مشابه لانقسامها ما بين القرن الثالث والسابع الميلادي بين الغساسنة والمناذرة، بين نفوذ الروم ونفوذ الفرس. زد على ذلك الآن دخول الأتراك العثمانيون الجدد على الخط. فهل تستطيع السعودية، وكل زادها قوة مالية ضخمة متناقصة، واحتياطيات هائلة من نفط يُهجر باضطراد، أن تكون ندا لإيران؟ والأهم هل بإمكانها أن تمضي في طريقها في الظرف الراهن من دون أن تلحقها لعنة الربيع العربي؟

محمد الطاهر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك