أجرى الصحفي "David Ignatius" مقابلة مع مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية "James Clapper" نشرت في صحيفة "واشنطن بوست" بتاريخ العاشر من أيار/مايو الجاري، أشار فيها الى أن الأخير أعرب عن تأييده الصريح لموقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يعتبر أن الولايات المتحدة لا تستطيع إصلاح الوضع بالشرق الاوسط بشكل احادي.
وورد في المقابلة أن موقف "Clapper" المؤيد للتعاون العالمي الاستخبارتي ضد الارهاب تلقى جرعة دعم، اذ اجتمع الاخير مع عدد من مدراء اجهزة الاستخبارات الاوروبية قرب قاعدة "Ramstein" الجوية في المانيا منتصف نيسان ابريل الماضي، وذلك لبحث تعزيز مشاركة المعلومات الاستخبارتية. وجاء ايضاً ان البيت الابيض طلب عقد هذا الاجتماع، إلّا أنه لم يتم الاعلان عنه.
ونقل "Ignatius" عن السفير الالماني لدى واشنطن "Peter Wittig" قوله بان الاجتماع حصل بالفعل، وان هناك توافقًا مع الطرف الاميركي وانه يجب اتخاذ كافة الخطوات الممكنة لتحسين التعاون الاستخبارتي ضمن الاطر القانونية.
وذكر "Ignatius" ان "Clapper" كان قد اعترف في مقابلة اجريت معه في شهر أيلول/سبتمبر عام 2014 أن الولايات المتحدة استخفت بداعش، مضيفًا ان "Clapper" لا يكرر هذا الخطأ الآن. ونقل عن مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية أن الولايات المتحدة تقوم بإضعاف المتطرفين لكنها "على الارجح لن تسيطر على معقل داعش الاساسي في العراق (الموصل) خلال هذا العام وتواجه صراعاً طويل الامد سيستمر عقود".
كذلك نقل عن "Clapper" قوله إن استعادة الموصل ستستغرق وقتاً طويلاً وهو لا يتوقع حصول ذلك خلال ما تبقى من فترة اوباما الرئاسية. كما حذر "Clapper" في المقابلة من ان المشكلة ستتواصل حتى بعد هزيمة المتطرفين في العراق وسوريا، وتحدث عن "حالة قمع" ستستمر لفترة طويلة.
ورأى "Clapper" أن "الولايات المتحدة لا تستطيع اصلاح الوضع" في الشرق الاوسط، اذ لفت الى ان القضايا الجوهرية مثل المناطق غير الخاضعة للحكم و الشباب الساخط و التحديات الاقتصادية و توفر السلاح لن تحل قبل فترة طويلة.كما انتقد من يعتبرون ان لدى الولايات المتحدة عصا سحرية تستطيع من خلاله اصلاح الوضع، واصفاً ذلك بانه غير واقعي بسبب مدى تعقيد المشكلة.
ونقل "Ignatius" عن "Clapper" ايضاً ان الاخير يشارك تشاؤم اوباما حيال توسيع الدور الاميركي في الشرق الاوسط ويعتبر كما اوباما ان محاولة اميركا حل كل المشاكل في المنطقة ستضر بمصالحها في مناطق اخرى. غير انه نقل عن "Clapper" ايضاً قوله بان الولايات المتحدة لا تستطيع ترك المنطقة وانه عليها التواجد من اجل لعب دور تسهيلي وللوساطة واحياناً لـ"توفير القوة".
ونبه "Ignatius" الى ان "Clapper" كان قد عاد للتو من جولة آسيوية حيث جرى "تبادل كلامي حاد" مع المسؤولين الصينيين حول "عسكرة" بحر الصين الجنوبي. وتوقع "Clapper" أن تعلن الصين قريباً بحر الصين الجنوبي منطقة دفاع جوي، اذ قال ان الصين "بدأت تتحرك بهذا الاتجاه".
[محمد بن سلمان ومحمد بن نايف]
محمد بن سلمان ومحمد بن نايف
Al-Monitor
بدورها، قالت الباحثة السعودية مضاوي رشيد في مقالة نشرت على موقع "Al-Monitor" بتاريخ العاشر من أيار/مايو الجاري، إن "التغييرات الحكومية التي اجريت في السعودية مؤخراً "تجسد رؤية محمد بن سلمان لعام 2030".
واعتبرت الكاتبة أن ولي ولي العهد أصبح فعلاً "امير الحرب والنفط"، وأن صعوده هذا سيخيف الكثيرين في العائلة الملكية. كما قالت إن ولي العهد محمد بن نايف يراقب ابن سلمان عن كثب ليس لجهة صعوده الدولي فقط، بل في خطواته بالداخل. وشددت على أن آخر ما يريد ان يراه ابن نايف هو تغير جديد سيؤثر عليه شخصياً، وبالتحديد تعيين محمد بن سلمان في منصب ولي العهد. وقالت إن لدى ابن نايف الكثير من الاسلحة والتجهزيات بحوزته التي "لن يتردد باستخدامها أمام هذا الاحتمال.
وفيما يخص إعفاء وزير النفط السابق علي النعيمي من منصبه، لفتت الكاتبة الى أن الأخير قام خلال فترة توليه منصبه بحماية النفط من سياسات الأمراء، وان النفط استخدم مرة واحدة فقط كسلاح، وذلك في الحظر الذي فرض عام 1973.
وأضافت أنه ومنذ ذلك الحين، فإن السوق يحدد سعر النفط بدلاً من الامراء، وأن ذلك ساهم بحماية قطاع النفط. كما قالت إن التحدي امام وزير النفط الجديد خالد الفالح يتمثل بكيفية التعاطي مع سياسات محمد بن سلمان وتدخله في الملف النفطي. ولفتت الى أن ابن سلمان عازم على اجراء تغييرات من "الاعلى الى الاسفل" وبالتالي تخطي محمد بن نايف وتخطي تحكم وزارة الداخلية التي يقودها (يقودها ابن نايف) في كافة المسائل المرتبطة بالامن القومي وكذلك الشؤون الدينية والقضائية والاجتماعية.
واعتبرت أن مساعي ابن سلمان لتنويع الاقتصاد تتضمن فتح ابواب المملكة امام السياحة، محذرة من أن هذه الخطوة ستزعج "المحافظين" الذي كانوا يوافقون فقط على سياحة دينية.
ونبهت الى أن هؤلاء "المحافظين" يتلقون الرواتب من وزارة الداخلية وان ابن سلمان يريد انشاء لجنة للترفيه مقابل لجنة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر (المعروفة بالشرطة الدينية). وأردفت أن تقليص الوظائف في القطاع العام، وفي الوقت نفسه زيادة التوظيف في القطاع الخاص هو جزء من رؤية ابن سلمان لعام 2030، مشدّدة على أن ذلك سيؤثر حتمًا على وزارة الداخلية التي يرأسها ابن نايف، اذ يعتقد ان وزارة الداخلية توظف العدد الاكبر من المواطنين في القطاع العام حيث يخصص لها ميزانية ضخمة جدًا.
هذا وأشارت الكاتبة الى أنه لا يزال من غير الواضح ما اذا كانت ستؤدي رؤية ابن سلمان الى نجاح العمليات الانتقالية على المدى الطويل.
كذلك قالت إن رؤية ابن سلمان على المدى القصير تشبه "الاوهام"، اذ أعدّها مستشارون من الخارج لا يعرفون الثقافة في الداخل وكذلك القيود الهيكلية والنزاعات على السلطة داخل المملكة. ولفتت الى أن التكهنات حالياً متشائمة، إذ يتوقع بعض المعلقين إفلاس السعودية "هيكليًا" بسبب زيادة الإنفاق في ظل انخفاض سعر النفط.
ولفتت الى أن صعود ابن سلمان على حساب أمراء كبار آخرين قد يفجر الوضع، مشيرة الى أنه سيسكت أصوات المعارضة في حال نجاحه. وتحدثت عن صعوبة تحدي ابن سلمان طالما بفي والده "القائد الاعلى"، لكنها أضافت انه سيواجه ازمة من الاعلى والاسفل (من الامراء و الشعب) في حال فشله وعدم وجود والده ليحميه، وتابعت أن إعادة تأهيل وتثقيف مجتمع اعتاد على "الدولة الحاضنة" امر صعب.
الكاتبة شدّدت في الختام على أن إبعاد السعوديين عن الاعتماد على مساعدة الدولة سيكون التحدي الاكبر امام ولي ولي العهد في الاعوام المقبلة، وقالت انه في حال عدم التمكن من شراء الولاء بالنفط، فحينها سيكون على ابن سلمان إعادة النظر باصلاحياته الاقتصادية وربما التفكير ببدائل – مثل إعطاء الشعب دوراً حقيقياً يتضمن على سبيل المثال "جمعية وطنية منتخبة".
https://telegram.me/buratha