مشهد من تفجير بمدينة الصدر
في وقت سقط فيه قتلى وجرحى بتفجير في المدائن جنوب بغداد الأربعاء 18 مايو/ أيار، شهدت العاصمة العراقية بغداد الثلاثاء يوما داميا.
فقد ضربت بغداد في أوقات متزامنة عدة تفجيرات، شملت مناطق الشعب والصدر والرشيد، وأسفرت عن مقتل وإصابة 187 شخصا على الأقل.
وفيما أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن تفجير الشعب الدموي، الذي وقع داخل سوق شعبي في منطقة الشعب شمال بغداد، لم يتضح بعد المسؤول عن التفجير الدموي الآخر الذي وقع في السوق الشعبي وتجمع العمال بمدينة الصدر، التي شهدت تفجير سيارة مفخخة في أحد أسواقها الشعبية قبل أسبوع.
وقد أعلن مصدر في الشرطة العراقية أن قسم الجهد الهندسي تمكن من تفكيك سيارة مفخخة في ساحة 55 في مدينة الصدر شرق بغداد، وأشار المصدر إلى أن "سرايا السلام" التابعة لمقتدى الصدر ألقت القبض على انتحاري قبل تفجير نفسه في سوق الكيارة التابع لمدينة الصدر.
وعلى الأثر، أمر رئيس الوزراء حيدر العبادي بتوقيف المسؤول الأمني المباشر عن منطقة التفجير في الشعب شمال بغداد، متعهداً بملاحقة منفذي التفجيرات، التي ضربت بغداد، وأوقعت العشرات من القتلى والجرحى؛ فيما أوعز بإجراء تغييرات في المنظومة الاستخبارية لحماية المدن.
من جانبه، وجه الصدر، المعتكف في إيران منذ بداية شهر أيار/مايو الجاري، انتقادا حادا إلى الحكومة، مشفوعا بتهديد واضح على خلفية تفجيرات بغداد. وقال الصدر في بيان له إن هذه التفجيرات هي أكثر الأدلة وضوحاً على أن الحكومة باتت عاجزة عن توفير الأمن للمواطنين "بعد أن سرقت كل خيراتهم". وأضاف الصدر أن "كل قطرة دم تجري في هذا الشهر إنما تسقي شجرة الحرية والسلام والاستقرار ورفض الظلم والفساد والإرهاب"؛ لافتا إلى أن دماء الناس لن تذهب سدى، وأنه يحتفظ بحق الرد.
وفور صدور بيان الصدر، انتشر المئات من عناصر "سرايا السلام" و"لواء اليوم الموعود" التابعين للصدر في الضاحية الشرقية لبغداد، مدججين بمختلف أنواع الأسلحة قبل أن تنسحب في وقت لاحق. ويتوقع أن تشهد بغداد، صباح الأحد المقبل، مراسم تشييع جماعية للضحايا، تخشى السلطات من وقوع أعمال عنف أو شغب خلالها.
في هذه الأثناء، دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم البرلمان إلى تمديد فصله التشريعي شهرا آخر. وحث السيد معصوم المحكمة الاتحادية على البت في أزمة البرلمان المحتدمة.
وجاءت دعوة الرئيس معصوم، التي استجاب إليها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري فورا، بعد مساع من قبل النواب المعتصمين، الذين يحاولون طرح مبادرة لتلافي أزمتهم. وتأتي دعوة معصوم واستجابة الجبوري في ضوء انتهاء الفصل الثاني من عمر البرلمان بعد أيام، ليدخل في إجازة دستورية.
وبناء على ذلك، وجهت المحكمة الاتحادية العليا خطاباً إلى جميع أطراف دعاوى الطعن في دستورية جلستي مجلس النواب المنعقدتين الشهر الماضي لتقديم إجاباتهم وفقاً للمدد القانونية. وقد حدد يوم الـ25 من أيار/مايو الحالي موعدا للنظر في دعاوى الطعن. وعلى ذلك من المتوقع أن تعقد جلسة البرلمان، بعد قرار المحكمة الاتحادية.
ولعل ردود أفعال الكتل السياسية المتكلسة على سخونة ودموية أحداث بغداد أمس تشبه تكلُّس الكتل الإسمنتية التي تنتشر حول المنطقة الخضراء، التي اقتحمها المتظاهرون في الثلاثين من نيسان/أبريل الماضي، وقد يفعلونها مرة أخرى.
في غضون ذلك، ترددت أسئلة بشأن ما ستنعكسعنه هذه التفجيرات والهجمات على المستوى السياسي خلال الفترة المقبلة.. فبالرغم من بعض التقدم عسكرياً في عدد من المناطق في مواجهة داعش، يشير متابعون إلى أن الوضع الأمني لا يزال بعيداً عن الاستقرار، ويبدو أن الضربات السياسية والهزات التي ستتعرض إليها الحكومة والسلطات الأمنية ستدفع باتجاه مزيد من التشديدات والإجراءات والتغييرات السياسية سواء على مستوى الحكومة والوزراء أو على مستوى المسؤولين في كافة الأجهزة الأمنية بالعاصمة وربما في مناطق أخرى.
https://telegram.me/buratha