أسعد كمال الشبلي
من الطبيعي أن تكون المعارك العسكرية مرتبطة بملفات ووقائع سياسية معينة،وبالتالي فان حسم المعركة قد يحسم أو يمهد بتسويات سياسية مستقبلية متى ماتوفرت الظروف الاخرى لمثل هذه التسويات.
الفلوجة التي تعتبر البؤرة الحقيقية للارهاب في العراق بعد 2003 اعتدنا أن تكون عاملا صعبا في كثير من الملفات التي يتوقف حسمها على تحريرها من سطوة الارهاب بمختلف مسمياته المرحلية، واليوم وبعد أن اجتاحت داعش ثلث مساحة العراق وفعلت مافعلت من انتهاك سافر لجميع الحقوق والحريات، كان ذلك محطة للندم ولوم النفس من قبل أبناء المناطق الغربية ممن كانوا يعتقدون أن داعش تمثل لهم وسيلة الخلاص ورفع التهميش عنهم بعدما طبعت هذه الافكار في عقولهم بسبب الخلافات السياسية المفتعلة من قبل كثير من الاطراف السياسية الحاكمة في العراق والتي وفرت بيئة مناسبة لنمو دعوات التقسيم الطائفي المتآتية من خارج البلد.
في المعارك السابقة التي اشترك فيها الحشد الشعبي في تحرير بعض المدن المهمة ذات الغالبية السكانية السنية كتكريت مثلا،لاحظنا تعالي اﻷصوات المأجورة التي تدعي ارتكاب فصائل الحشد الشعبي لجرائم القتل العشوائي والسرقة ومحاولة التغيير الديموغرافي في هذه المدن، ولكن بعد تحريرها اتضحت الحقيقة وعاد سكان هذه المدن الى منازلهم بسلام مقابل آلاف الدماء التي قدمها أبناء الحشد الشعبي لا لشيء سوى لكي يعم الأمن واﻷمان في ربوع العراق.
اليوم وبعد انطلاق المرحلتين الاولى والثانية من عمليات تحرير الفلوجة نلاحظ أن شبه اندثار حصل لتلك الاصوات التي كانت تتهم الحشد بشتى التهم بل أن شبه اجماع وطني سياسي وشعبي يبارك ويرحب بهذه العمليات، وهذا يمثل بشارة مهمة تنبئنا بوحدة عراقية حقيقية قادمة على المستويين السياسي والشعبي.
من المؤكد أن النصر المرتقب للعراق على داعش في الفلوجة سيوفر مناخا سياسيا مناسبا للإئتلاف الوطني العابر للطوائف والمكونات، الذي طرحه المجلس اﻷعلى الاسلامي العراقي وسبق وأن تلمسنا رضا وترحيب من قبل كثير من اﻷطراف ومن مختلف المكونات، بهذا الإئتلاف. وهذا هو الخيار بل الضرورة التي تحقق التوازن الفعلي بين جميع المشاريع الاقليمية والعالمية بمختلف أهدافها السلبية واﻹيجابية.
ما لاحظناه أيضا أن عمليات تحرير الفلوجة منحت النظام السياسي بسلطاته الثلاث نوعا من الاستقرار وبدأنا نسمع بقرب انعقاد مجلس النواب بعد تعطيل خطير كاد أن يقضي على النظام.
جميع تلك العوامل يجب أن تستثمر بسرعة وآن اﻷوان لحسم كثير من الملفات وتحقيق التسويات بارادة عراقية خالصة قبل أن تأتي التسويات بارادة أجنبية لايمكن لها أن تضع مصلحة العراق قبل مصالح هذه الدول، واذا ماقضي على داعش في الفلوجة فان هذا يعني انكسار ظهر داعش واندحارها من الموصل بوقت أسرع وخسائر أقل،ثم ننتقل من مرحلة تحرير المدن الى مرحلة اعادة بنائها.
https://telegram.me/buratha