قال عراقيون فروا من الفلوجة الخاضعة لتنظيم "داعش" الإرهابي مع زحف القوات الحكومية والقوات المتحالفة معها على المدينة إنهم كانوا يعيشون على التمر وإن مسلحي التنظيم يستخدمون الطعام في تجنيد المقاتلين الذين يتضور أقاربهم جوعا.
وقد فرض مقاتلو "داعش" من السنة المتشددون حراسة مشددة على مخازن الغذاء في المدينة المحاصرة قرب بغداد والتي سيطروا عليها في يناير كانون الثاني عام 2014 قبل ستة أشهر من إعلان "دولة الخلافة" في مناطق واسعة من العراق وسوريا.
وقالت هناء مهدي فياض (23 عاما) وهي من منطقة سيجير على الأطراف الشمالية الشرقية للفلوجة إن إرهابيي التنظيم زاروا الأسر بانتظام بعد نفاد الطعام وعرضوا تقديم المؤن لمن ينضم إلى صفوفهم.
وأضافت "قالوا لجارنا إنهم سيعطونه جوالا من الطحين (الدقيق) إذا انضم ابنه إليهم فرفض وعندما ذهبوا فر مع عائلته."
وقالت "رحلنا لأنه لم يتبق طعام أو خشب لإشعال النار بالإضافة إلى أن القصف كان قريبا جدا من بيتنا."
وقالت هي وآخرون أجرت رويترز مقابلات معهم في مدرسة تحولت إلى مركز للاجئين في بلدة الكرمة الخاضعة لسيطرة الحكومة شرقي الفلوجة إنهم لا يملكون المال لشراء الطعام من "داعش".
وكانت الحكومة العراقية توقفت عن سداد مرتبات العاملين في المدينة ومدن أخرى خاضعة لسيطرة التنظيم قبل عام وذلك للحيلولة دون حصول التنظيم على المال.
وقد هربت هناء من سيجير يوم 27 مايو آيار بعد أربعة أيام من بدء هجوم القوات الحكومية على الفلوجة مع مجموعة مكونة من 15 فردا من أقاربها وجيرانها وساروا عبر أراض زراعية رافعين أعلاما بيضاء.
وأغلبية النازحين الذين لجأوا إلى المستشفى في الكرمة وعددهم 1500 شخص من النساء والأطفال لأن الجيش يقتاد الرجال بمعزل لفحصهم للتأكد من عدم وجود صلة لهم بـ"داعش". وقالت هناء إنها تنتظر سماع أنباء عن شقيقيها اللذين يخضعان للتحقيق.
دروع بشرية
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأسبوع الماضي إنه تم إبطاء الهجوم لحماية عشرات الآلاف من المدنيين المحصورين في الفلوجة في ظل إمدادات محدودة من المياه والطعام والكهرباء.
وقالت هناء إن الوضع صعب للغاية بالمدينة. وأضافت "الشيء الوحيد الباقي في المتاجر القليلة المفتوحة هو التمر.. تمر قديم جاف .. وحتى هذا باهظ الثمن."
وقالت أزهار نزار هادي (45 عاما) إن الإرهابيين طلبوا من أسرتها الانتقال من السجر إلى الفلوجة نفسها في محاولة واضحة لاستخدامهم كدروع بشرية.
وقالت "اختبأنا. حدث إطلاق نار وقذائف مورتر واشتباكات.. ظللنا مختبئين إلى أن أتت القوات الحكومية" ورافقتهم إلى مركز النازحين.
وأضافت أزهار أن الإرهابيين أخذوا مئات الأشخاص وماشيتهم معهم إلى الفلوجة.
وقالت "الحياة كانت صعبة.. صعبة جدا.. خاصة وأننا لم نعد نتسلم الرواتب والمعاشات".
وقالت ايضاً "خلال الشهور السبعة الأخيرة نفد كل شيء لدينا واضطررنا للاعتماد على التمر والماء. الدقيق (الطحين) والأرز وزيت الطهي لم يعد موجودا بسعر معقول."
ويبلغ سعر كيس الدقيق الذي يزن 50 كيلوجراما 500 ألف دينار (428.45 دولار) أي نحو نصف الراتب الشهري لموظف عراقي متوسط.
كان العبادي قد أمر بشن الهجوم على الفلوجة التي تبعد 50 كيلومترا غربي بغداد بعد سلسلة من التفجيرات التي أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها ضربت أحياء شيعية بالعاصمة.
وتشير تقديرات للجيش الأمريكي إلى أن ما بين 500 و700 إرهابي موجودون في الفلوجة. ويقول الحشد الشعبي والذي يساعد الجيش العراقي في الهجوم على المدينة إن عدد مقاتلي التنظيم يقترب من 2500 .
وتقول الأمم المتحدة إن زهاء 50 ألف مدني لا يزالون في الفلوجة التي تخضع للحصار منذ ديسمبر كانون الأول عندما استعاد الجيش العراقي بلدة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار إلى الغرب منها.
وعندما سئلت أزهار عما كان إرهابيو "داعش" يقولونه للمدنيين في الفلوجة أجاب طفلها البالغ من العمر ست سنوات بتلاوة آية من القرآن "اصبروا إن الله مع الصابرين".
https://telegram.me/buratha