عمار العامري
أسامة؛ الذي نال وسام الشرف بترت ذراعه في أصعب مُنازلات رجال الحق مع العصابات التكفيرية, بمعارك جزيرة الخالدية, أهم معاقل الإرهاب, يروي على مسامع من يزوره ملاحم لولا ثقتي العالية فيه لقلت, أنها ضرب من الخيال, لذا أقول أن الحشد فعلاً مقدس؛ والمُقدس شيء مبارك يبعث في النّفس احترامًا وهيبة.
لم تكن الإصابة الأولى لأسامة, ربما هي الثالثة أو الرابعة لرجل ترك ملذات الحياة, وسافر إلى الله محتسباً ما وصل إليه الوطن من تدنيس, فأنه حاملاً لشهادة البكالوريوس في القانون, وموظفاً في موقع مهم بوزارة النفط, شغل مؤخراً المفتش العام في شركة مصافي الوسط, ولو كان ذلك لغيره ما تركها الحياة لحظة, والتحق بمصير نهايته النصر أو الشهادة أو الإصابة.
التحق منذ الأيام الأولى لفتوى الجهاد الكفائي مع إخوته الكفائيون, حتى أصبح قائد ميداني في تشكيلات "أبا الأحرار الجهادية", حيث شارك في معارك تحرير حزام بغداد والثرثار والتكريت وسبايكر والصينية وبيجي والصقلاوية, حتى اختيرت قواتهم لما تتمتع فيه من ثبات وبسالة, لان تكون قوة ضاربة في تحرير جزيرة الخالدية, وذلك لتواجد ما انسحب إليها من عناصر التكفير بعد تحرير الفلوجة.
يروي المجاهد أسامة المعموري؛ الساعات الأخيرة قبل إصابته, حيث تم تكليفه مع زميل أخر له على قيادة عمليات معركة, لم يستطيع احد ألوية الجيش من الانتصار فيها, بعدما قدم أكثر من 90 شهيداً, و200 جريح, إلا أن بإيمان وعقيدة أسامة وزملائه تم تحرير تلك المنطقة بأقل الخسائر, بعد أن طالت المعركة سبع ساعات متواصلة, وصل النزال فيها لاستخدام الرمان اليدوي.
بعدها تم تكليفهم بواجب أخر, وهو تحرير منطقة مكونة من سبع المنازل, تحوي على إنفاق رابطة, يختبئ فيها إعداد كبيرة من الإرهابيين, يكمل أسامة روايته بالقول؛ تقدمنا مجموعتين كل مجموعة مكونة من 10 أشخاص, محملين بأنواع الأسلحة والذخائر وأجهزة الرادار, وبعد تمكنهم من تجاوز خطر القناص, والعبوات الناسفة, وصل اثنان من مجموعة أسامة, وواحد من المجموعة الثانية, بعدما أصيب الباقين.
حيثما تحقق الوصول ودخلوا لأول الأهداف, بدأت صولات النزال الحقيقي, والمواجهة التي تحسب بالأمتار, حيث يتم تطهير المنزل غرفة بعد غرفة, وعندما صعدوا سطح الدار اكتشف أسامة إن داخل البيت قد احتل مرة أخرى, حيث خرج الإرهابيين من الإنفاق, فبدأت المنازلة الأخرى, أسامة وصاحبه يستترون بشرفة السطح, والطيار عابس بطائرته "أبو كاظم" يصول ليحصد الإرهابيين حصداً داخل صالة المنزل وغرفه.
لينزل أسامة وهو يمشط داخل المنزل باستخدام الرمان اليدوي, وكلما تقدم خطوات خرج عليه التكفيريين من حفرهم, فيقضي عليهم ويجعلهم أشلاء متناثرة, ليعود من جديد لتحرير المنزل, وما إدراك ما ذلك المنزل!! حيث يحوي العشرات من الإرهابيين, وبعد صولات متكررة حرر أسامة وزميليه بقية المنازل السبعة, إلا إن القدر لم يسمح له أن يخرج دون نيل وسام الشرف, فبترت ذراعه.
هكذا هو التقديس؛ الذي يمكن أن نصف فيه أولئك الثلة برجال الله, ممن كانت غايتهم تحقيق فتوى نائب الإمام الحجة عج, فإذا كانت هذه قصة واحدة لأسامة المعموري, فكم من أسامة وأسامة لم يطلع العالم على بطولاتهم؟؟ ولم تسلط الأضواء عليهم, فماذا سنقول الأجيال؟ إذا لم نُخلد بطولات الحشد المقدس.
https://telegram.me/buratha