نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانيّة مقالاً للكاتب روبرت فيسك تحدّث فيه عن " مؤتمر غروزني " الذي جمع علماء سُنّه في الشيشان ، معتبراً أنّ المملكة العربيه السعوديه تتعرّض لهجوم من قبل القادة السُنّه والشيعه معاً للمرّة الأولى . وقال : " على السعوديين أن يطرحوا على أنفسهم السؤال التالي : ماذا حدث للقادة المتملقين والمتوددين الذين لطالما زحفوا إلى المملكه ؟ " . ورأى فيسك في مقاله أنّ " السعوديين وقعوا في المشاكل وغاصوا عميقاً بها منذ أسبوع تقريباً " ، وأوضح أنّه بعد غرقها بالحرب " السخيفه " في اليمن ، فهي الآن تواجه مشكلة جديدة من خلال بيان أصدره نحو 200 رجل دين مسلم من بينهم شيخ الأزهر أحمد الطيّب ، إعتبروا فيه أنّ النهج " الوهابي " الذي تعتمده السعوديه يُعدّ " تشويها خطيراً " للإسلام السُنّي . واللافت هو أنّ " الأزهر " يعدّ أهم دار للدراسات الإسلاميه ، وقد إنتقد شيخه التأويلات الفاسدة للنصوص الدينيه والقراءة الخاطئه للقرآن والسُنّه ، ما يوجب العودة إلى مدارس المعرفة الكبيرة خارج المملكة السعوديه
هذا الإجتماع عُقد في العاصمة الشيشانيه " غروزني " وتمّ تجاهله من معظم وسائل الإعلام في العالم ، وهو يعني بحسب فيسك ، أنّه أكثر دراماتيكيه من رعب الحرب السوريه . وكشف فيسك أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على بيان المؤتمر الذي يتبنّى عزل السعوديين وإبعادهم عن قيادة السُنّه والجماعه . وقال فيسك إنّ الأئمّه لم يذكروا السعوديّه بالإسم ، لكنّ الإعلان عن هذا البيان يُعدّ " إهانةً مُذلّةً " لدولةٍ تنفق ملايين الدولارات سنوياً على المساجد والمدارس الوهابيه حول العالم . ورأى أنّ " الخطر الأكبر في الوهابيّه بعيون السُنّه الذين إلتقوا في الشيشان هو تشجيع السعوديّه للعنف ضد الكفّار من بينهم المسلمين الذين يرفضون التأويلات الوهابيه " . وأشار إلى أنّ تنظيمات " داعش " و" القاعدة " و" طالبان " هي الأتباع الأساسيّه لهذه العقيده خارج قطر والسعوديه . السعوديون يصرّون ويكررون إنّهم ضد كلّ أشكال الإرهاب ، بحسب فيسك الذي أشار إلى أنّ ردّة فعلهم على إعلان غروزني كان مفاجئاً ومُذهلاً ، حيثُ قال عادل الكلباني إمام مسجد الملك خالد بن عبدالعزيز في العاصمه السعوديه بشكل واضح وصريح إنّ " العالم يستعدّ لحرقنا " . وهكذا توالت الأخبار السيئه – وفقًا لفيسك دائماً - فصحيفة " الأخبار " كشفت عن وفاة 90000 حاج من جنسيات مختلفة خلال زياراتهم لمكّه خلال الـ14 عاماً الماضيه . وقد صدر نفي رسمي لهذه المعلومه ، لكنّ الشيعه خصوصاً في إيران صدّقوها ، لا سيما مع خسارة طهران لمئات المواطنين في الحج من بينهم غضنفر ركن آبادي ، السفير الإيراني السابق وضابط الإستخبارات في لبنان . توازياً ، أطلق خامنئي هجوماً غير مسبوق على السعوديين وإتهمهم بقتل الإيرانيين حيثُ وضعوا المصابين مع القتلى في حاويات . هنا ردّ وكيل وزارة الثقافة والإعلام للإعلام الخارجي في السعوديه ، الدكتور عبدالمحسن إلياس فإعتبر أنّ ما قاله خامنئي " تدنياً جديداً لا أساس له من الصحّه ، وتوقيته يخدم فقط بروباغندا الفشل غير الأخلاقيه " . من جهتهم ، قاطع الإيرانيون الحج هذا العام لأنّهم لم يتلقّوا ضمانات بتأمين حماية كافية لهم ، حيثُ قال خامنئي إنّ المملكه تُغرق العالم الإسلامي بالحروب الأهليه ، ويقول فيسك : " بالرغم من المبالغة في كلام خامنئي ، إلّا أنّ هناك أمر واضح وهو أنّ السعوديه تواجَه من قبل القاده المسلمين الشيعه والسُنّه للمرة الأولى" . وشدّد على أنّ تواجد شيخ الأزهر في مؤتمر غروزني أمرٌ أغاظ السعوديه على وجه الخصوص ، لا سيّما وأنّ المملكه ضخّت ملايين الدولارات للإقتصاد المصري منذ تولّي الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسه . وهنا على السعوديين أن يسألوا أنفسهم " ماذا حصل لأولئك الذين كانوا يتوددون للمملكه ؟ " . إحدى الصحافيات كتبت إنّه " عام 2010 ، كانت السعوديه تجول الحدود بسلام كقوّة تعمل مع إيران وسوريا وقطر وآخرين بسبب الأزمات الساخنة في المنطقه ، أمّا عام 2016 فقد تجاهلت نهجها السابق في السياسه الخارجيه وتبنّت الجنون التكفيري " . وإذ لفت فيسك إلى أنّ الكويت ، ليبيا ، الأردن ، السودان كانت متمثلة في غروزني ، قال إنّ هناك روابط شديده بين رئيس الشيشان رمضان قاديروف الذي إستضاف المؤتمر وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان . وأضاف أنّ بوتين إفتتح المؤتمر ما أظهر بوضوح آراءه وتفكيره بالنسبة للسعوديه ، كما أنّ أي رجل دين سُنّي لم يطلب منه وقف القصف الروسي في سوريا ، فيما طرح الأئمه قضية تنظيم " الدوله الإسلاميّه " وكيفية القضاء عليها . والمستغرب هو إستقبال الشيشان للمؤتمر ، البلد الذي أغرقت روسيا شعبه بالدماء ، والذي لطالما عانى من المجموعات " الوهابيه " . وختم فيسك بالقول : " أين هم الممثلون الحقيقيون للإسلام السُنّي إذا ما وُضِعت السعوديّه جانباً ؟ ما هو مستقبل السعوديه؟ أسئلة كهذه لا تصنعها إلّا الثورات
ترجمة : سارة عبد الله
https://telegram.me/buratha