للمرة الثالثة يعتزم مجلس النواب إجراء بعض التعديلات على قانون مجالس المحافظات الذي تم تشريعه لأول مرة عام 2008. ويقضي التعديل الأخير الذي وصل، أمس السبت، من الحكومة الى رئاسة البرلمان، بتقليص أعضاء الحكومات المحلية الى النصف، وإلغاء مجالس الاقضية والنواحي. ورغم عدم حسم أمر تعديل القانون، فقد شرع عدد من النواب بجمع تواقيع لتأجيل الانتخابات المحلية لإجرائها بالتزامن مع الانتخابات التشريعية في 2018. وخلال 6 تجارب انتخابية محلية ونيابية، شهدها العراق منذ 2003، دشن البرلمان 3 قوانين انتخابية جديدة، وعدل 3 قوانين اخرى، بمعدل قانون واحد لكل لكل دورة انتخابية. ودرس مجلس النواب، خلال الاشهر الماضية، مقترحات لتقليص أعضاء مجالس المحافظات، كما تضمنت تلك المقترحات إضافة مسؤولين تنفيذيين كأعضاء شرف ضمن تشكيلة المجالس بهدف اختصار الإجراءات البيروقراطية.
وكانت أطراف سياسية قد كشفت، مؤخراً، عن سعيها لعدم تكرار الوقوع في خطأ "التحالفات الهشّة"، كما حدث في تشكيلة الحكومات المحلية الحالية. وبدأت الأطراف مساعي مبكرة لتغيير (قانون انتخابات مجالس المحافظات) لضمان أغلبية مريحة في المحافظات.
ومن المفترض أن تجري الانتخابات المحلية في الربيع المقبل، إلا أن تواجد داعش في بعض المدن، وبطء عودة النازحين الى المناطق المحررة، قد يدفعان الى تأجيلها.
وزادت الازمة المالية من دائرة المطالبات الداعية لضغط نفقات الانتخابات البرلمانية والمحلية، وإجرائهما بشكل متزامن.
ترشيق مجالس المحافظات
بدوره يكشف النائب رسول أبو حسنة، عضو لجنة الاقاليم البرلمانية، لـ(المدى) عن "إرسال الحكومة، أمس، تعديلاً جديداً على قانون مجالس المحافظات الى رئاسة البرلمان بعد ان تم تدقيقه في مجلس شورى الدولة". وأوضح أبو حسنة ان "التعديل يتضمن تحديد أعداد أعضاء مجالس المحافظة بـ11 عضواً، للمحافظات التي يزيد عدد سكانها على الـ500 ألف نسمة، ويضاف عضو واحد لكل 250 ألف نسمة". وكان البرلمان قد شرع في 2008 قانون رقم 21 الخاص بمجالس المحافظات، ثم جرى تعديله في عامي 2010 و2013. وبيّن عضو لجنة الاقاليم بأن "التعديل نص على إلغاء مجالس الاقضية والنواحي، وتحول مهماتها الى مجالس المحافظات"، مشيرا الى ان "التعديل لم يتطرق الى آلية اختيار المحافظين، وأن الأمر سيترك لمناقشات مجلس النواب".
وبالتزامن مع الاحتجاجات التي انطلقت في صيف 2015، قرر عدد من المحافظات حل مجالس الاقضية والنواحي رغبة منها في تهدئة الشارع. لكن هذه الخطوة وصفت بعد ذلك بأنها "غير المدروسة"، وتم التراجع عنها بعد عدة أسابيع.
وفي السياق ذاته، قال كاطع الزوبعي، عضو مجلس مفوضية الانتخابات، في تصريح لـ(المدى) ان "مجلس النواب طلب رأينا في تقليل اعضاء مجالس المحافظات وإلغاء الاقضية والنواحي".
وأكد الزوبعي ان "المفوضية ردت بأن تقليص الاعضاء سيقلل الناخبين وعدد المرشحين ايضا". وبشأن مقترح إلغاء الاقضية والنواحي، قالت المفوضية في إجابتها إنها "لم تجرِ سابقا أي عملية انتخابية لتلك المجالس، لذا يبقى القرار لمجلس النواب". وكانت آخر انتخابات لاختيار مجالس الاقضية والنواحي قد أُجريت 2005. وتتهم تلك المجالس بأنها "حلقات زائدة" في الهيكل الاداري.
تأجيل الانتخابات المحليّة
من جهته يقول النائب حسن توران، عضو اللجنة القانونية البرلمانية، إن "تعديل قانون مجالس المحافظات لن يؤثر على طريقة الانتخابات او احتساب الاصوات"، معتبرا ان "تلك التفاصيل قد حددت في قانون آخر باسم قانون انتخابات مجالس المحافظات". ويؤكد توران، في اتصال مع (المدى)، ان "بعض النواب قاموا، أمس، بجمع تواقيع لتأجيل كلّ الانتخابات أو لبعض المحافظات، ودمجها مع الانتخابات التشريعية". وأشار الى ان "التعديل على قانون الانتخابات لم يناقش بعد بشكل جدي في مجلس النواب".
ودعا زعيم التيار الصدري، يوم الجمعة، الى تغيير قانون الانتخابات وتصفية المفوضية من "الزوائد غير المستقلة" حسب وصفه. وطالب الصدر بتعميم الانتخابات في جميع العراق وعدم استثناء اي محافظة بـ"حجة الإرهاب".
بدوره أكد رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم، في وقت سابق، ضرورة إقرار قانون جديد للانتخابات المقبلة وتقديم وجوه جديدة، وإقرار قانون انتخابات يتناسب مع طبيعة النظام البرلماني المبني على أساس الكتل النيابية.
وكانت قد تشكلت الحكومات المحلية، بعد الانتخابات الاخيرة في 2013، خاصة في الجنوب، بأغلبيات بسيطة. وأحياناً يتسبب انسحاب شخص واحد من احدى القوائم، بانهيار التحالفات وتغيير الخارطة السياسية. وخاضت الكتل السياسية الانتخابات المحلية عام 2013 بقانون اعتمد معادلة (سانت ليغو) لحساب الاصوات. لكنّ بعض الأطراف شكت لاحقا بأن طريقة احتساب الاصوات انتجت "تحالفات قلقة" في المحافظات. وبحسب هذا النظام فان المقاعد توزع عبر مرحلة واحدة فقط، بتقسيم الأصوات التي حصل عليها كل كيان على الأرقام الفردية لعدد المقاعد المخصصة لكل محافظة. ثم يجري البحث عن أعلى رقم من نتائج القسمة ليعطى مقعداً واحداً. وتتكرر هذه الطريقة حتى يتم استنفاد جميع مقاعد الدائرة الانتخابية.
وكان البرلمان قد صوت بالأغلبية، قبيل انتخابات 2013، على تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي صار من شأنه أن يحفظ أصوات الكيانات الصغيرة ويحول دون ان تبتلعها الكتل الكبيرة كما حصل في الاقتراعات السابقة، بحسب مؤدين لـ"سانت ليغو". وكانت الانتخابات المحلية في عام 2009 قد جرت على وفق قانون حديث اعتمد القوائم المغلقة، واحتسبت الاصوات على وفق آلية الباقي الاقوى.
قانون لكلّ اقتراع
في غضون ذلك، قال عادل اللامي، الخبير في شؤون الانتخابات، إن "كل عملية اقتراع (محلية أو تشريعية) جرت في العراق من بعد 2003، شهدت تشريع او تعديل قانون خاص بالانتخابات".
وكان اختيار أعضاء الجمعية الوطنية في العراق عام 2005 أول انتخابات تجرى بعد الإطاحة بالنظام السابق.
وجرت انتخابات (الجمعية الوطنية) على وفق قرار سلطة الائتلاف الموقتة. واعتمدت الدائرة الواحدة، وتم اختيار 275 عضوا. وسجلت تلك الانتخابات نحو 100 هجوم على مراكز الاقتراع بينهم 9 انتحاريين.
وينتقد اللامي، في حديث مع (المدى)، طريقة "الدائرة الواحدة" في الانتخابات، ويدعو الى تطبيق "الدوائر المتعددة على عدد أعضاء مجلس النواب". ويعتقد الخبير في شؤون الانتخابات ان "الدوائر المتعددة سيفرز شخصا اكثر استحقاقا للمقعد البرلماني". لافتا الى ان اختيار الممثلين يمر بمرحلتين، في العادة، "حيث لايحصل المرشح في اول مرحلة على النصف زائد واحد من اصوات الناخبين، ويصار الى اخذ اصوات أعلى مرشحين ويتم التنافس بينهما، للفوز بمقعد واحد.
وكانت الجمعية الوطنية قد قامت، خلال فترة دورتها، بتشريع قانون جديد للانتخابات اعتمد القائمة المغلقة، وجرت وفقه انتخابات 2005 في نهاية العام المذكور، وشهد مشاركة نحو 80% من الناخبين، لاختيار 325 نائباً.
وعاد البرلمان في دورته الاولى الى تعديل قانون الانتخابات الاخير، واعتماد القائمة المفتوحة في الانتخابات التشريعية على وفق آلية الباقي الاقوى. لكن البرلمان شرّع قانونا جديدا عام 2013، واعتمد طريقة (سانت ليغو المعدل) لانتخابات مجالس المحافظات، وتم اعتماد هذه الطريقة في انتخابات 2014. واعتبر اللامي زيادة أعضاء مجلس النواب الى 328 عضوا، بالاعتماد على تقديرات وزارة التخطيط، يمثل "خرقاً للدستور"، لافتا الى ان " الدستور اكد ان تمثيل النواب يتحدد على وفق أعداد السكان في التعداد السكاني وليس على وفق تقديرات اي جهة اخرى". ويشير المسؤول السابق في مفوضية الانتخابات الى ان "آخر تعداد سكاني حدث في العراق، جرى في عام 1997، وكان عدد السكان 27.5 مليون نسمة، ما يعني ان عدد اعضاء النواب على وفق الدستور يكون 275 نائبا فقط".
ونص الدتسور في (المادة 49- اولاً)، على ان "يتكون مجلس النواب من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مئة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه".
https://telegram.me/buratha