في زيارة مفاجئة جاءت بعد محادثاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنقرة، وصل وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، إلى بغداد للقاء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
وعلى الرغم من أن الهدف الرسمي لهذه الزيارة يكمن، وفقا للسطات الأمريكية، في تقييم التقدم الذي أحرزته القوات العراقية ضمن إطار عملية استعادة السيطرة على مدينة الموصل من تنظيم "داعش"، تشير تقارير إعلامية إلى أن مهمة كارتر الأساسية هي العمل على تقريب مواقف بغداد وأنقرة والتوسط بينهما لتحقيق اتفاق حول المشاركة التركية في هذه العملية.
لكن الجهود الدبلوماسية لوزير الدفاع الأمريكي لم تتكلل، على ما يبدو، بنجاح، حيث أعلن حيدر العبادي بعد لقائه كارتر، السبت 22 أكتوبر/تشرين الأول، عن رفضه عرضا تركيا للمساعدة في معركة تحرير الموصل.
وأكد العبادي في تسريحات صحفية، إنه يعرف أن الأتراك يريدون المشاركة لكنه يقول لهم "شكرا"، وأضاف أن هذا أمر سيتعامل معه العراقيون وإذا كانت هناك حاجة للمساعدة فالعراق سيطلبها من تركيا أو دول أخرى في المنطقة.
وكان رئيس البنتاغون أعلن، الجمعة، أثناء زيارته إلى أنقرة، أن السلطات التركية والعراقية توصلت إلى اتفاق بشأن مشاركة القوات التركية في عملية "قادمون يا نينوى" التي يشنها الجيش العراقي، مدعوما من قوات "البيشمركة" الكردية ووحدات الحشد الشعبي والحشد العشائري والتحالف الدولي، منذ الـ17 من الشهر الجاري، بهدف تحرير الموصل.
إلا أن مصادر في الحكومة العراقية نفت في وقت لاحق، في حديث للتلفزيون العراقي، الجمعة، الأنباء عن توصل بغداد وأنقرة إلى اتفاق بشأن الدور التركي في معركة الموصل.
وتشكل مدينة الموصل أهم معقل لـ"داعش" أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي إقامة "دولة الخلافة الإسلامية"، بعد سقوط الموصل في أيدي المتطرفين في يونيو/حزيران 2014.
وتأتي جهود وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر في ظل تصعيد الخلاف بين بغداد وأنقرة في الآونة الأخيرة، بسبب رفض السلطات التركية سحب وحداتها من قاعدة بعشيقة العراقية الواقعة شمالي الموصل.
وكان الخلاف التركي العراقي قد وصل ذروته وهدد بالتحول إلى أزمة حقيقية كبيرة، بعد إدلاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 10 أكتوبر/تشرين الأول، بتصريحات مستفزة ومسيئة إلى رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قال فيها: "أنت لست ندي، ولست بمستواي، وصراخك في العراق ليس مهما بالنسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وعليك أن تلزم حدك أولا".
ووصف مكتب العبادي تصريحات أردوغان بغير المسؤولة، معتبرا أن الخطاب مع الجانب التركي "لم يعد مجديا".
ويرجع هذا الخلاف إلى 4 ديسمبر/كانون الأول من العام 2015، حيث قامت تركيا آنذاك بنشر مجموعة من عسكرييها في قاعدة بعشيقة، معلنة أن هذه الخطوة جاءت في إطار الجهود الدولية الرامية للقضاء على تنظيم "داعش" وتلبية لطلب سلطات إقليم كردستان العراق.
وتقول أنقرة إن العسكريين الأتراك متواجدون في بعشيقة، من أجل تدريب القوات العراقية المحلية، بما في ذلك وحدات كردية بالدرجة الأولى، لتنفيذ عملية تحرير الموصل.
وفي البداية، كان يدخل ضمن المجموعة المنشورة في بعشيقة، رسميا، 150 عسكريا تركياً، لكن أنقرة قامت لاحقا بتعزيز عدد قواتها، وتقول بعض وسائل الإعلام أن عدد العسكريين الأتراك هناك يبلغ حاليا 2000 عسكري.
ووجهت وزارة الخارجية العراقية، في 6 أكتوبر/تشرين الأول، طلبا رسميا لمجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة لمناقشة "التجاوز" التركي على الأراضي العراقية والتدخل في شؤون العراق الداخلية.
وأوضحت الوزارة أنها دعت مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته تجاه العراق، واتخاذ قرار، من شأنه وضع حد لـ"خرق" القوات التركية للسيادة العراقية.
وجاء هذا التطور على خلفية تجديد البرلمان التركي تفويضه للحكومة، بإرسال قوات مسلحة إلى خارج البلاد، للقيام بعمليات عسكرية في سوريا والعراق عند الضرورة، من أجل التصدي لأية هجمات محتملة قد تتعرض لها الدولة من أي تنظيمات إرهابية. وهو ما انتقده البرلمان العراقي، وطالب حكومة بلاده برفض هذا الأمر.
وفي إطار الرد على هذه الخطوة، شددت أنقرة، على لسان نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، على أن الوجود التركي في العراق جاء تلبية لرغبة إقليم كردستان، مؤكدة إن هذا الأمر غير قابل للنقاش.
https://telegram.me/buratha