أحد أهم علماء الشرق الأوسط الغربيين الذين طالما سعت إليه السياسة، هو المؤرخ البريطاني، برنارد لويس الذى وافته المنية، أمس الأول، عن عمر ناهز 101 سنة، والذى شكلت آراؤه العميقة وجهات النظر الغربية في منطقة الشرق الأوسط، والتي عرضته للعديد من الانتقادات، وهو صاحب نظرية الشرق الأوسط الكبير وتقسيم دوله إلى عدة دول أو ما يعرف بـ«سايكس بيكو».
ألف برنارد لويس أكثر من 30 كتابا، وكتب مئات المقالات الصحفية، وتتمحور أغلب كتاباته حول الإسلام والشرق الأوسط والمجتمعات الإسلامية وعلاقاتها بالغرب والانقسامات الطائفية وصعود «الإسلام الراديكالي»، وتمت ترجمة أغلب مؤلفاته إلى 20 لغة منها العربية، الفارسية، التركية والإندونيسية.
ووضع برنارد لويس، اليهودي الديانة، مشروعا بتقسيم الشرق الأوسط وفقا للعرق والدين، بما يشبه اتفاقية «سايكس بيكو» الأولى التي وضعت 1916 لتقسيم بلاد الشام والعراق، وأوضح ذلك في خرائط للتجمعات العرقية والمذهبية والدينية والتي على أساسها يتم التقسيم، وسلم المشروع إلى زبجنيو بريجينسكي، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.
ووافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع، وخلال جلسة سرية عام 1983م، على مشروع برنارد لويس، وتمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه فى ملفات السياسة الأمريكية الاستراتيجية المستقبلية.
اكتسب المؤرخ البارز مكانة مرموقة بين الساسة، بدءا من إسرائيل، حيث استضافته جولدا مائير، رابع رئيس وزراء للحكومة الإسرائيلية، مرورا باهتمام المخابرات البريطانية به، واستقبال البابا الساحل يوحنا بولس الثاني له، انتهاء باستقطاب ساسة واشنطن له حينما انتقل إلى الولايات المتحدة للتدريس فى جامعة برنستون عام 1974. ومن أبرز مواقفه التى تسببت له بنقد لاذع تعليقه على التدخل العسكري الأمريكي فى العراق، حين أطلق مقولته: «كن قاسياً أو اخرج»، ومع ذلك نفى لويس مرارا تأييده غزو العراق، قائلاً إنه كان يدعو إلى تقديم مساعدات أكبر إلى الأكراد المتحالفين مع الغرب، شمال العراق كقوة موازية لنظام بغداد.
تخرج لويس عام 1936 في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية، فى جامعة لندن، فى التاريخ وتخصص في شؤون الشرق الأدنى والأوسط، وحصل على الدكتوراه بعد 3 سنوات، من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية متخصصاً في تاريخ الإسلام. ويعتبر لويس أحد أبرز منكري مذابح الأرمن، حيث تغير موقفه جذريا من الاعتراف بحدوث «مجازر أودت بحياة أكثر من مليون ونصف المليون على يد العثمانيين» إلى رفض تسمية ما حدث بالمجزرة، واعتبارها «أعمالا مؤسفة أودت بحياة أتراك وأرمن على حد سواء». أدى موقفه هذا إلى محاكمته في فرنسا، حيث قررت المحكمة أنه مذنب بتهمة إنكار مذبحة الأرمن وتغريمه مبلغا رمزيا قدره فرنك فرنسي واحد.
https://telegram.me/buratha