عادل الجبوري
لاتختلف الاساليب القمعية الدموية التي جابهت بها قوات الامن النيجيرية، قبل ايام قلائل، جموع محبي وانصار الامام الحسين عليه السلام، من حيث الجوهر والمضمون عن الاساليب القمعية الدموية التي شهدتها ارض الطف في العاشر من شهر محرم الحرام من عام 61 هجرية، ولاتختلف عن الاساليب القمعية الدموية التي جابه بها حكام الجور والظلم والضلال على مر القرون الاربعة عشر عاما الماضية، اتباع اهل البيت عليهم السلام في كل مكان.
ولاشك ان من يتابع المشاهد الاجرامية التي شهدتها العاصمة النيجيرية ابوجا مؤخرا، واسفرت عن مقتل واصابة عشرات الاشخاص ممن كانوا في مسيرة سلمية لاحياء ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام، لابد ان يستحضر ما ارتكبه الامويون والعباسيون وممن جاء بعدهم، من جرائم يندى لها الجبين، في اطار محاولاتهم ومخططاتهم لمحو ذكر اهل البيت عليهم السلام، والقضاء على كل ما يمت اليهم بصلة، والتأريخ حافل بالكثير من الحقائق والوقائع الفاضحة.
ومن الناحية الزمنية، حينما نقترب قليلا من واقعنا المعاصر، نجد ان الطغاة في العصر الحديث لم يكونوا اقل دموية واجراما من اسلافهم في التعامل مع اتباع ومحبي وانصار اهل البيت، ويكفينا هنا الاشارة الى نظام حزب البعث العفلقي-الصدامي، الذي لم يترك اسلوبا دمويا الا وانتهجه من اجل طمس اي معلم من معالم الثورة الحسينية، وما انتجته من فكر وسلوك وثقافة في نفوس ملايين المسلمين وحتى غير المسلمين.
وغير نظام البعث-صدام، هناك انظمة غير قليلة انتهجت ذات الاساليب واستخدمت نفس الوسائل، وبعض تلك الانظمة سقطت وانهارت، مثل نظام الشاه محمد رضا بهلوي في ايران، وبعضها مازالت قائمة، وسوف تسقط وتنهار عاجلا ام اجلا.
ولعل ما حصل مؤخرا في ابوجا بحق اتباع ومحبي اهل البيت، لانهم كانوا يحيون احدى اهم وابرز المناسبات الدينية، لايختلف عن ما فعله نظام البعث-صدام ضد الكثير من العراقيين، على امتداد ثلاثة عقود من الزمن، لاسيما من الذين كانوا يحرصون على احياء اربعينية الامام الحسين عليه السلام، ولايختلف عما تقترفه حاليا انظمة الحكم الاستبداية في البحرين والسعودية وسواهما، ومع تنوع وتعدد واختلاف اساليب ووسائل القمع والتنكيل، فأن الدوافع والاهداف واحدة.
والقضية المهمة هنا، التي لايمكن تجاوزها والتغافل عنها، هي ان انظمة الحكم في البلدان المشار اليها، ما هي الا ادوات تنفذ ما يملى عليها وما يخطط لها من قبل الدوائر السياسية والاستخباراتية الخارجية، مقابل ضمان بقائها واستمرارها في مراكز السلطة والقرار والنفوذ.
وبالنسبة لما يجري في نيجيريا من استهداف للمسلمين ولاتباع اهل البيت بالتحديد، فأن هناك الكثير من الدلائل والمؤشرات تؤكد ان وكالة المخابرات المركزية الاميركية(CIA)، وجهاز المخابرات الاسرائيلي(الموساد)، واجهزة استخباراتية اخرى، تقف وراء مجمل الحملات القمعية ضد اتباع اهل البيت في نيجيريا ودول اخرى، ناهيك عن الاستهداف الاعلامي بطرق ووسائل مختلفة، وكل ذلك يأتي في سياق دعم واسناد منهج التطرف في العالم الاسلامي وضرب واضعاف منهج الاعتدال.
واذا كانت انظمة القمع والاستبداد قد استهدفت رموزا دينية ثورية كبيرة في العراق، مثل اية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر، وفي لبنان مثل اية الله السيد موسى الصدر، وفي ايران اسماء عديدة، فأنها اليوم تستهدف اية الله الشيخ نعيم قاسم، والشيخ علي السلمان في البحرين، وهي ذاتها التي قتلت الشيخ نمر باقر النمر في السعودية مطلع عام 2016، وقتلت الشيخ حسن شحاته في مصر في الرابع والعشرين من شهر حزيران-يونيو 2013، واستهدفت ومازالت تستهدف الشيخ ابراهيم الزكزاكي في نيجيريا. وهي ذاتها التي قتلت العشرات اضافة الى هؤلاء في دول اسلامية وغير اسلامية مختلفة، ضمن مخططات مدروسة ومحبوكة، وفي اطار توزيع المهام والادوار بين عدة قوى واطراف.
والملفت انه بينما تسعى انظمة الاستبداد، ومن يقف ورائها ويدعمها، من خلال اساليبها القمعية الدموية بحق اتباع ومحبي اهل البيت الى تهميشهم واضعافهم واخضاعهم ومحو تأريخهم الناصع والمشرف، الا ان النتائج دائما تأتي عكس ما تطمح وتخطط وتريد، وما اتساع نطاق جبهة المقاومة، وتحقيقها الانتصارات المتلاحقة في اكثر من ميدان، الا دليل وبرهان دامغ على ذلك، ويخطأ من يتصور ان استهداف المؤمنين في ابوجا وقتل العشرات منهم سوف يضعف عزيمتهم وارادتهم، بل على العكس، سنشهد في الاعوام القادمة حضورا اشمل، واحياءا اوسع، وتفاعلا اكبر، وهذه هي صورة الامس واليوم والغد الحقيقية في العراق وايران والبحرين والسعودية وافغانستان وباكستان ونيجيريا، وفي كل مكان، ليتجسد ويتجدد الشعار الخالد.."كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء".
https://telegram.me/buratha