التقارير

هكذا يرى العراق مصير العقوبات الاميركية ضد ايران

2654 2018-11-10

عادل الجبوري

  يعتبر العراق من بين اكثر البلدان المعنية بالعقوبات الاميركية الاقتصادية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، لاسباب وعوامل مختلفة، قد يكون اهمها وابرزها، التجاور الجغرافي من خلال حدود برية تمتد لما يقارب الف وخمسمائة كيلو متر، الى جانب القواسم المشتركة والمصالح المتبادلة، سياسيا وامنيا واقتصاديا وثقافيا ودينيا.

   ومن الطبيعي جدا ان يكون للعراق موقف معارض بشدة لتلك العقوبات انطلاقا من زاويتين، الاولى، تتمثل بانعكاساتها السلبية على مساحات عدة من الوضع الاقتصادي العراقي، والزاوية الاخرى، تتمثل في رفض السياسات الاحادية الجانب المخالفة للقوانين الدولية، والمحكومة بحسابات ومصالح سياسية خاصة، والتي يمكن ان تلحق الكثير من الضرر والاذى بملايين الناس.       

   الى جانب ذلك، فأن هناك رؤية عراقية، يتبناها عدد لايستهان به من ساسة واصحاب رأي، مفادها ان العقوبات الاميركية على طهران سوف تؤول الى الفشل، لان تجربة اربعين عاما من الحصار والعقوبات والضغوط والمؤامرات الاميركية والغربية، لم تفض الى ماكان مرجو منها، والدليل على ذلك ان ايران تتمتع اليوم بثقل سياسي كبير في محيطها الاقليمي والمجتمع الدولي، وتمتلك من الامكانيات والموارد والقدرات المختلفة ما يجعلها مؤهلة لمقاومة وافشال الكثير من المؤامرات، واكتساب المزيد من عناصر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية.        

   وفي هذا السياق يقول عضو مجلس النواب السابق وامام جمعة براثا الشيخ جلال الدين الصغير، ‏"ان القرار الامريكي بفرض العقوبات على الجمهورية الاسلامية فيه غباء مفرط، وهو يقدم للجمهورية الاسلامية فرصة تأريخية جديدة لاذلال امريكا واخضاعها للمنطق الايراني، كما فعلوا من قبل، وسيرده الايرانيون بأحتراف، فهم شعب صبور، قد يختلف فيما بينه في تفاصيل الحياة، غير انه يتحد في الازمات.

   ويشير الشيخ الصغير في تغريدات له في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي (تلغرام)، الى "ان الغباء الامريكي في قضية العقوبات لم ينظر الى المتغيرات الميدانية، فالسعودية التي كان يعول عليها ميدانيا في ذلك تعاني من اكبر انتكاسة سياسية داخلية ودولية، وهي مرشحة لحرب الامراء بشكل يقيني، واوضاع الميدان العراقية والسورية ما عادت كما كانت، والاوضاع الدولية ليست كما كانت. والايرانيون مروا بعقوبات اقسى من هذه وفي وقت كان مجلس الامن هو طرف هذه العقوبات، وقد تمكنوا من الفوز على هذه العقوبات بالاتفاق النووي المعروف لا ان يسقطوا بسببها، وكما هي العادة عند الايرانيين كلما ضغط عليهم من الخارج ابدعوا في الاكتفاء الذاتي من الداخل، وواقعهم التأريخي يؤكد ذلك".

   ويضيف الصغير قائلا، "اما امريكا التي زاد ترامب من عزلتها واوقعها في الخلاف الداخلي لاول مرة منذ عقود، هي الان طرف يحاول بتكبر ان يفرض عقوبات على شركائه، وهذا قد ينجح للبرهة الاولى، ولكنه يمثل خطأ فادحا للمستقبل، ولعل طرح الاستثناءات هو مخرج اولي من احراجات الرفض الدولي للعقوبات، ستعقبه اخرى تحت الكواليس".

   من جانبه، يرى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، ان العراق، مثل الاتحاد الاوربي وروسيا والصين واليابان، ليس جزءا من منظومة العقوبات الاميركية ضد ايران، وانه يسعى الى الحفاظ على مصالحه الوطنية، علما ان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، كان قد صرح قبل عدة شهور، انه لايتعاطف مع العقوبات الاميركية المفروضة على ايران.

   الى ذلك يؤكد رئيس الوزراء الاسبق ورئيس ائتلاف الوطنية، إياد علاوي، ان العراق سيتأثر بشكل كبير بالعقوبات الأمريكية على إيران، لذا ينبغي التعامل مع هذا الملف بهدوء والتفاهم مع الجميع.

   وذكر علاوي في تصريحات صحفية انه بعث برسالة الى سكرتير الامين الأمين العام للأمم المتحدة، دعاه فيها إلى مراعاة خصوصية العلاقة بين العراق وإيران فيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية على إيران، وطالب بعقد اجتماع مشترك بين الأمم المتحدة والمسؤولين العراقيين والإيرانيين بشأن استثناء العراق من العقوبات لأنه يعيش ظرفاً خاصا.

   ويشدد رئيس ائتلاف الوطنية-في موقف بدا غير مسبوق بالنسبة له-، على رفضه تعرض إيران لضربات عسكرية من قبل الولايات المتحدة الاميركية، مع التأكيد على قدرة العراق على لعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران.

   ومن زاوية اقتصادية بحتة، يوضح الخبير الاقتصادي العراقي باسم جميل انطوان، بأن استيرادات السوق العراقية من إيران وصلت في الاعوام الماضية الى ثلاثة عشر مليار دولار، ولاشك ان العقوبات الامريكية على ايران ستؤدي الى شح البضائع الإيرانية في العراق، في ذات الوقت الذي يشير فيه انطوان الى ان هناك طرقا اخرى غير نظامية(تهريب) لادخال البضاعة الى العراق.

ويؤكد الخبير الاقتصادي المذكور، ان استثناء العراق من العقوبات الامريكية على إيران يخص النفط والطاقة، لكن هذا الاستثناء له مدة محددة، ولن تصرف مبالغها لإيران، بل ستبقى بصورة ارصدة مجمدة بعد حل المشكلة، وانه يمكن استخدم هذه الأموال للأشياء الضرورية فقط، مثل الادوية والمواد الغذائية وغيرها.

   في حين يشير الكاتب والصحافي العراقي جهاد العيدان الى انه على ارض الواقع، نحن امام مشهد جديد من الحرب الناعمة بين ايران وامريكا، حيث ان الرهان الامريكي على احداث خلل ميكانيكي في العلاقة بين الشعب والنظام بات مستحيلا في ضوء ردود فعل الشارع الايراني، فقد رأينا انه ومع دخول الحزمة الثانية من الحظر الامريكي على ايران حيز التنفيذ، بدأت مظاهر الفشل تتجلى في اكثر من جانب او موقف او محطة، فهذا الحظر الهب الشعب الايراني، وخصوصا الفئات الشبابية التي اعلنت رفضها للحظر والتفافها حول قياداتها, وهذا الامر يشكل الفشل الكبير، لان فلسفة الحظر تستهدف العلاقة بين الشعب والنظام الاسلامي، فاذا بالحظر يتحول الى قوة دفع والتحام بين الشعب وقيادته، مما اطاح بالجانب الاساسي لهذا الحظر ودوافعه واسسه ومخططاته، فبدلا من ان يكون شحنا للتأليب ضد النظام الاسلامي الحاكم، تحول الى استقطاب بين الشعب ونظامه الاسلامي، مما شكل محطة للعمل الجاد للاطاحة بالحظر والقوى التي تقف وراءه.

   ومن دون شك، فأن اي اضعاف لايران، يستتبعه اضعافا للعراق، والعكس صحيح، فأيران وقفت بكل ثقلها الى جانب العراق حينما تعرض للعدوان الداعشي قبل اربعة اعوام، بينما اكتفت دولا عديدة بألتزام الصمت والتفرج، واكثر من ذلك، بادرت اخرى الى دعم واسناد تنظيم داعش بطرق ووسائل مختلفة. 

   والبعد الاقتصادي في العقوبات الاميركية على ايران، وان كان ينعكس على العراق كثيرا، الا ان الابعاد الاخرى لاتقل اهمية وتأثيرا عنه، وهو ما يجب وضعه في الحسبان، عند كل خطوة يتم الاقدام عليها، وفي كل قرار يصار الى اتخاذه من قبل اصحاب الشأن في بغداد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك