كشف رئيس هيأة النزاهة السابق، حسن الياسري، الثلاثاء (20 تشرين الثاني 2018)، عن منظومة فساد سياسية منعت ملاحقة المتورطين به وسمحت باطلاق سراح كثيرين منهم.
وقال الياسري في رسالة مطولة وزعها على وسائل الاعلام: "نعلم أنَّ الفاسدين وأذنابهم ما زالوا مستمرِّين في مشروع الفساد، ولكي يمضوا في تحقيق مشروعهم هذا؛ فإنهم يستغلون كلَّ وسيلةٍ مُمكنةٍ، ومنها بعض وسائل الإعلام؛ بغية نشر أكاذيبهم وتحسين صورتهم لدى الناس".
وأضاف: "من أجل معرفة هؤلاءِ؛ فإنَّنا -ومن واقع التجربة- نتوجَّه إلى الجمهور والناس الطيِّبين النزيهين بمعيارٍ موضوعيٍّ، الذي يُمثِّلُ مجموعة أسئلةٍ تُميِّزُ الصالح من الطالح من هؤلاءِ".
وقال موضحاً المعيار، إنه "حتَّى تُميِّزوا بين الكاذب من هؤلاء وبين الصادق منهم، اسألوهُ بعض الأسئلة عن موقفه تجاه مقترحات النزاهة للنهوض بمشروع مكافحة الفساد في العراق، وهل وقف داعماً، أو غير ذلك؟ فإذا ثبت بالدليل الماديِّ الملموس - وليس مجرد كلام - أنَّه كان داعماً، فهذا صادقٌ يستحقُّ الاحترام والتقدير، وإذا ثبت عكس ذلك أو ثبت أنَّه لا يملك إلا لقلقة لسانٍ عن الفساد، فهذا فاسدٌ، أو كاذبٌ في أقلِّ التقادير".
وتابع، أن "هذه هي الأسئلة التي تميط اللثام عن هذه الحقيقة:
أ- لقد وضعت الهيأة مُسوَّدات مشروعات قوانين كثيرة لمكافحة الفساد، منها: قانون الكسب غير المشروع، وتعديل قانون العقوبات؛ لتشديد عقوبات جرائم الفساد، وتعديل قانون العفو العامِّ، وقانون الانتخابات، وقانون الأحزاب السياسيَّة، وقانون التضمين، وقانون أصول المحاكمات الجزائيَّة..الخ ، التي ناهزت العشرين !!!
السؤال:
مَن مِن هؤلاء دعم موقف الهيأة في هذه القوانين - بشكلٍ عمليٍّ لا لقلقة لسان - ؟؟
ب- حينما بدأت الهيأة بدايةً قويَّـةً في عام 2015، وفتحت آلاف القضايا، منها عشرات القضايا بحقِّ مسؤولين كبار في سدَّة السلطة، من وزراء ونُوَّاب ومحافظين ودرجاتٍ خاصَّةٍ ...الخ، وهي بادرةٌ تحصل لأول مرَّةٍ في تأريخ العراق والمنطقة.
فماذا كانت ردَّة فعل المنتقدين ..؟ّ! لقد قاموا بإقرار قانون العفو العامِّ، وشملوا به جرائم الفساد، مُوهِمين الناس أن مراد القانون إخراج الأبرياء والمظلومين المُتَّهمين جزافاً بالإرهاب، ولم يذكروا موضوع الفساد؛ حتَّى لا يُثيروا الناس عليهم!!
ولم يعترض على إقحام جرائم الفساد بهذا القانون بشدَّةٍ سوى هيأة النزاهة، عبر مُخاطباتٍ رسميَّـةٍ وجَّهناها الى البرلمان، فضلاً عن البيانات الصحفيَّة التي أصدرناها!!
السؤال:
هل مكافحة الفساد تكون بالعفو العامِّ وإطلاق سراح بعض اللصوص الكبار الذين دفعنا تضحياتٍ جساماً في التصدِّي للتحقيق معهم؟!!
وهل رأيتم أو سمعتم بلداً يعاني الفساد، بإقرار الجميع، يتمُّ فيه مكافأة الفاسدين - الذين ثبتت عليهم التهمة دون غيرهم - بالعفو العامِّ بدلاً من تشديد العقوبات عليهم ؟!!
فإذا كانوا يعرفون بلداً مُحترماً سبقهم في ذلك فليخبرونا به!! ثمَّ.. كم واحداً من هؤلاءِ دعم موقف الهيأة في رفض شمول جرائم الفساد بالعفو العامِّ؟
نحن نعلم أنَّ الداعمين للهيأة في هذا الإطار كانوا لا يتجاوزون أصابع اليد، لكنَّ السؤال يحتاج إجابةً!!
ج- لقد قامت الهيأة في منتصف عام 2016 بوضع الاستراتيجيَّة الوطنيَّة لمكافحة الفساد، وهي استراتيجيةٌ عمليةٌ ميدانيةٌ جريئةٌ لمكافحة الفساد على مستوى الدولة، وتتضمَّن منهجاً وآلياتٍ قانونيةً وإداريةً لمكافحة الفساد، ولقد بُحَّ صوتنا لمُدَّة عامين ونحن نطالب بالوقوف إلى جانب الهيأة ودعمها في إقرار الاستراتيجيَّة، لكنَّها لم تُقر لغاية الآن!!
السؤال :
مَن مِن هؤلاءِ سمعتموه يوماً يذكر هذه الاستراتيجيَّة أو يُلمِّحُ إليها، ولو مجرد تلميحٍ، فضلاً عن دعمه للهيأة في مطالباتها بضرورة إقرارها ؟!!
ولماذا غُيّبَت هذه القضيَّة المفصليَّة المُهمَّة عن عموم الناس والرأي العامِّ !!
ولماذا لم تتطرَّق إليها وسيلة إعلامٍ واحدةٌ، رغم مطالبات الهيأة المُستمرَّة بها، ونشرها في موقعها الرسميِّ، وقيام الهيأة باطلاع الكثيرين عليها، من الفعاليَّات المجتمعيَّة المُختلفة؟!!
وعلى الرغم من حديث الجميع عن مكافحة الفساد، لكنَّ أحداً لم ينبسْ ببنت شفةٍ عن هذه الاستراتيـجيَّة التي تضمَّنت حـلولاً عمـليةً وجـريئةً لمكـافحة الـفسـاد في الـعـراق، وبقيت حبيسة الأدراج وكأنها أُعِدَّت لمكافحة النزاهة لا الفساد !!
د- لقد قامت الهيأة أيضاً بوضع رؤيةٍ عمليَّةٍ لمكافحة الفساد في منتصف عام 2016، ورسمت خارطة طريقٍ لمكافحة الفساد في نهاية عام 2017، وكلُّ ذلك عبارةٌ عن إجراءاتٍ عمليَّـةٍ وآلياتٍ قانونيَّـةٍ لمكافحة الفساد!!!!
السؤال:
مَن مِن هؤلاءِ دعم هذا التوجُّه ووقف إلى جانب الهيأة في تبنِّي هذه الخطوات العمليَّة لمكافحة الفساد، ما دامت نيَّـتهم مُنعقدةً لمكافحة الفساد؟!!
وأشار الى أنَّ "هذه الأسئلة وغيرها الكثير الكثير لهي تُؤكِّدُ بالدليل القاطع كلامنا الذي طالما كرَّرناه، وهو أنَّ مكـافحة الـفساد إرادةٌ ومنهـجٌ وآلـياتٌ عمـلـيةٌ، ولـيست لقلقة لسانٍ، وأنَّ الذي لديه الإرادة الكاملة لمكافحة الفساد والنيَّة الحقيقيَّة للقضاء عليه، قد وقف إلى جانب الهيأة ودعمها في هذه المطالبات، وأنَّ غيره قد وقف بالندِّ من ذلك !! وأنَّ هذه المطالبات لهي تصبُّ بالمحصِّلة في طريق مكافحة الفساد، ولا شكَّ أن النزيه يدعمها، وأنَّ الذي يخاف منها هو الفاسد والكاذب !!".
ومضى بالقول: "هل يُعقَلُ أنَّ نزيهاً يقوم بمحاربة النزاهة بدلاً من محاربة الفاسدين - كما ترون وتسمعون يومياً في بعض وسائل الإعلام -، مع أنَّ النزاهة كانت تخوض غمار حربٍ ضروسٍ مع كبار الفاسدين ؟!!".
وتساءل: "هل مثل هؤلاءِ الذين ذكرناهم لكم يكونون في فئة (النزيهون) أو في فئة (الفاسدون وأذنابهم).. مع التنويه أنَّ بعض هؤلاءِ لم يكن ليعلو صوته وينقد النزاهة سابقاً عندما كانت تغطُّ في سباتٍ قبل عام 2015، والحليم تكفيه الإشارة!!".
واختتم الياسري بالقول: "إنَّ كلَّ ما ذكـرناه لا يعـني – كـما ألمـحنا مـراراً- عـدم وجـود الـخيِّريـن الـوطنـيِّين، من الفعاليَّات المُختلفة، الذين تعاونوا - وما زالوا - مع مشروع النزاهة قلباً وقالباً، ووقفـوا إلى جـانـبها ودعمـوها.. فهؤلاءِ هم الـنزيهـون حقـاً، الـذيـن نُؤكِّدُ أنَّ كـلامهم في مكافحة الفساد صادقٌ، بيد أنَّ هؤلاء يُمثـلـون – للأسـف الشـديـد- القلة القليلة والنزر اليـسير".
https://telegram.me/buratha