تطرقت صحيفة "هآرتس" إلى الشروط التي قد يطرحها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام نظيره الأمريكي دونالد ترامب لقاء "تبرئة" ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قضية مقتل جمال خاشقجي.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية، في تقرير تحليلي نشرته اليوم، إلى أن الفضيحة الدولية التي اندلعت حول قضية مقتل الصحفي السعودي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول، في الثاني من أكتوبر الماضي، قلبت الطاولة على الصعيد الدولي لصالح أردوغان،
حيث أصبح ترامب بحاجة إليه، واتخذ نظيره الروسي فلاديمير بوتين موقفا أكثر ودا، واستأنف الاتحاد الأوروبي مفاوضات بشأن انضمام أنقرة إليه، فيما يسعى ولي العهد السعودي نفسه إلى عقد لقاء مع الرئيس التركي والأخير لا يستعجل في الموافقة على ذلك.
وذكّرت الصحيفة بأن أردوغان، أثناء زيارته إلى جدة في مارس 2015، استُقبل من قبل المحافظ فقط، بينما استقبل نظيره المصري عبد الفتاح السيسي الذي وصل الرياض بعد أيام على أرفع مستوى، ما عكس رؤية الرياض للرئيس التركي في ذلك الحين كمجرد مرشح للانضمام إلى "النادي السعودي".
لكن اليوم الجماهير تتابع بعناية ما إذا كان الرئيس التركي سيوافق على لقاء ولي العهد السعودي على هامش قمة G20 المنعقدة في الأرجنتين لمنح الأمير محمد "تبرئة" في قضية خاشقجي.
وخلصت الصحيفة إلى أن ترامب بدوره كان سيسعده نسيان القضية المدوية ومواصلة العلاقات مع السعودية، كما كان عليه الحال قبل مقتل الصحفي وإبرام الصفقة المتفق عليها مع الرياض لبيع أسلحة بقيمة 110 مليار دولار، وخاصة أن سيد البيت الأبيض رفض استنتاجات وكالة المخابرات المركزية CIA بأن الأمير محمد "لم يكن فقط على علم بما حدث بل هو من أصدر أمرا بقتل خاشقجي".
لكن أردوغان بدوره لا يستعجل، ومن المرجح أن أنقرة لم تكشف بعد كل ما يتوفر لديها من معلومات وحقائق في القضية، ولديها على الأرجح ثمة "أدلة أكثر دمغا" ضد ولي العهد السعودي، حسب الصحيفة.
وذكرت "هآرتس" أن الصراع الحقيقي لا يدور بين أردوغان ومحمد بن سلمان، بل بين الرئيس التركي والإدارة الأمريكية، حيث أدركت أنقرة أن ترامب مستعد لدفع أي ثمن مقابل إنقاذ ولي العهد السعودي وحماية المملكة من الزلزال الذي قد يضربها في حال ثبوت تورط الأمير محمد في القضية.
وخلصت الصحيفة إلى أن أردوغان جاهز لمساعدة ترامب في هذه المسألة لكن ليس مجانا، موضحة أن أهم موضع قلق لدى أنقرة لا يزال يعود إلى الدعم الأمريكي لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية في سوريا، والتي تعتبرها الحكومة التركية تنظيما إرهابيا.
وقالت الصحيفة إن قرار الولايات المتحدة إقامة نقاط مراقبة على طول الجزء الغربي من الحدود السورية التركية غير مقبول لدى أنقرة، على الرغم من محاولة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس طمأنة السلطات التركية بالقول، إن هذه النقاط ستتيح إنذار العسكريين الأتراك بشأن تهديدات محتملة.
وفي رسالة موجهة بوضوح إلى واشنطن، شدد أردوغان في وقت سابق من الأسبوع الجاري على ضرورة، أن يتخلى من يصف نفسه بحليف تركيا وشريكها الاستراتيجي، ويسعى إلى تعزيز العلاقات معها عن دوره كـ"درع تحمي التنظيمات الإرهابية".
وأعلن أردوغان عن اقتراب يوم القضاء على "الإرهابيين"، وذلك قبيل ترؤسه اجتماعا لمجلس الأمن القومي التركي استغرق لأكثر من أربع ساعات، ولم يظهر الرئيس، حسب الصحيفة، أي مؤشرات ضعف أمام تحذيرات واشنطن من أن تدخل تركيا في شرق سوريا قد يهدد بوقوع اشتباكات بين القوات الأمريكية والتركية.
وأشارت الصحيفة إلى أن "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا والذي يتزعمه أردوغان، يعوّل على مفاوضات جادة مع واشنطن، وتشديد المواقف إزاء الأكراد وحماية الحدود لرفع مستوى شعبيته قبل الانتخابات المحلية المقرر تنظيمها في مارس المقبل.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يضع فيها أردوغان، ترامب أمام خيار بين التحالف مع أنقرة ودعم الأكراد، لكن قضية خاشقجي تشكل هذه المرة ورقة ضغط قوية إضافية في أيدي الرئيس التركي، وقد يقرر نظيره الأمريكي، أن الأكراد سيضطرون إلى دفع ثمن الحفاظ على العلاقات بين واشنطن والرياض.
https://telegram.me/buratha