التقارير

استمرار احتجاجات الجياع.. قد تحيل الشتاء ربيعا سودانيا!


لأول وهلة يتخيل مراقب المشهد السوداني أنه يتابع مناظر مستعادة من الربيع العربي، لاسيما أنّ الاحتجاجات التي بدأت عفوية، تحاول أحزاب المعارضة السودانية اللحاق بها، ما يترك جبهة الرئيس السوداني منكشفة أمام شعب يريد الخبز.

أجمعت مصادر متباينة على ارتفاع أعداد ضحايا حراك السودان الذي رافقته أعمال عنف وتخريب للممتلكات العامة، رغم أنّ الخرطوم شهدت حالة هدوء نسبية صبيحة (الجمعة 21 كانون الأول/ ديسمبر 2018). إلا أن الاحتجاجات تجددت بعد صلاة الجمعة في عدة مناطق في العاصمة ومدن أخرى.

 

حتى الآن تطالب المدن السودانية بالخبز الذي ارتفعت أسعاره لضعفين وباتت صفوف الانتظار أمام المخابز تتطاول لساعات متصلة منذ ثلاثة أسابيع. وطبقا لتقديرات حكومية، يستهلك السودان 2,5 مليون طناً من القمح سنوياً ينتج منها 40 بالمائة، ويستورد الباقي. وهكذا فقد رفعت السلطات سعر رغيف الخبز من جنيه إلى 3 جنيهات، والبعض يقول إنه ارتفع بسبب السوق السوداء إلى خمسة جنيهات.

يأتي هذا في وقت، أغلقت فيه الدولة أغلب المصارف، وباتت صفوف المراجعين تمتد لساعات للحصول على مبلغ زهيد من ودائعهم أو رواتبهم، ما فسره البعض بأنّه نقص حاد في العملة المحلية، بينما يعاني البنك المركزي السوداني من نقص في العملات الأجنبية الأمر الذي جعله يخفض قيمة الجنيه السوداني خلال 2018 أربع مرات فبات سعر الدولار الرسمي 47,5 جنيهاً وفي السوق غير الرسمية يصل إلى 60 جنيهاً، لكنّ المشكلة التي تواجه ذوي الدخل المحدود والمتوسط اليوم هي غياب السيولة.

وحسب صحيفة "سودان تربيون" فقد توقفت وسائل التواصل الاجتماعي عن العمل في السودان بشكل مفاجئ ليلة الخميس، وواجه مشتركو شركة "زين" للهاتف على الأخص صعوبات بالغة في خدمات التراسل الفوري على أجهزة الهواتف المحمولة. DW عربية حاولت عبثاً الوصول إلى مصادر الأخبار الرسمية وغير الرسمية في السودان، حيث أن شبكات الهاتف وشبكات التواصل الاجتماعي لا تعمل، رغم أن بعض المواقع ومنها "السودان اليوم"، و"راكوبة" و"أخبار السودان" ما زالت تحدّث أخبارها لكن من غير الواضح أين (جغرافياً) تعمل تلك المواقع. 

السودان شهد احتجاجات في أواخر عام 2016 بعد أن قامت الحكومة بتخفيض دعم الوقود، وسبقها في أيلول/ سبتمبر 2013 حراك آخر شهد اشتباكات كبرى عنيفة، وقتل في الموجهات أعداد كبيرة من المحتجين وجرح عدد كبير منهم، وحاولت الحكومة التعتيم عليه.

وباعتبارها متخصصة بالشأن الأفريقي، حاورت DW عربية الصحفية أسماء الحسيني نائبة رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية الصادرة في القاهرة لاستبيان حقيقة ما يجري في السودان فقالت "ما يجري هو ذروة تراكمات تمت على مدى 30 عاما من حكم الجبهة الإسلامية السودانية وحكم الرئيس السوداني عمر البشير، وبدأت الأحداث في عطبرة ثم انتقلت إلى كل الولايات والمدن السودانية بسبب ارتفاع سعر رغيف الخبز من جنيه واحد إلى 3 جنيهات، وشمل الغلاء باقي السلع كالبنزين".

وتفاقم وضع السودان الاقتصادي على وجه الخصوص بشكل ملحوظ بعد انفصال جنوبه الذي شكل دولة جنوب السودان التي تملك أغلب حقول النفط في البلدين، وقدّرت الصحفية المصرية الحسيني ما تبقى للسودان بربع حقول البترول التي كانت عنده والأنكى من ذلك أن بترول جنوب السودان الذي كان مقررا أن يتدفق عبر أراضي السودان، قد توقف بسبب مشكلات وحروب الجنوب الداخلية.

و تخوض حكومة الجبهة الإسلامية بقيادة البشير حروباً محلية على عدة جبهات، ففي دارفور حراك مسلح، وكذلك في جنوب كردفان، والنيل الأزرق، وتقول الصحفية أسماء الحسيني بهذا السياق "بعد انفصال الجنوب أصبح هناك جنوب آخر، ويلتهم الانتشار العسكري الكبير (في مناطق الصراع) موارد الدولة، وتحاول الحكومة عقد مساومات باختلاق مناصب وهمية لتشغيل كثير من المعترضين الهامشيين ما خلق تضخماً غير عادي في الهيكل الإداري للدولة" .

من جانبه، قال النائب البرلماني مبارك النور الخميس لـوكالة الأنباء الألمانية إنّ طالبين قتلا، أما على المستوى الرسمي، فقد اعترف وزير الإعلام السوداني عثمان محمد بلال، باستخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، مشيرا إلى أنه قد سمع تقارير عن وقوع وفيات، لكنه لم يستطع أن يحدد عددا وقال بلال: "لقد تحولت الاحتجاجات إلى عنف والمحتجون يدمرون ممتلكات المدنيين".

 وطبقا لموقع السودان اليوم فقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في السودان عن وقوفها صفاً واحداً مع المواطن، مشددة على أنها ترفض رفضاً باتاً ما وصفته بأحداث التخريب والاعتداء على الأرواح والممتلكات، مضيفة: "نقول لمواطنينا الأوفياء: عبّروا عن غضبكم دون أن تدمروا بلدكم".

من جانبه قال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان علي جاويش، في بيان صدر عنه مساء الخميس، "في الجانب السياسي، فقد اجتمع نفر كريم من أبناء الوطن فيما سُمى بالحوار الوطني، وقدم المجتمعون خلاصة أفكارهم لخروج البلاد من النفق المظلم الذي تقبع فيه. ومضى إلى القول" وبالرغم من الخلافات حول بعض القضايا، التي لم يحدث فيها إجماع، إلا أن ما تحقق كان كفيلا بإحداث اختراق إذا ما صدقت النوايا".

وهو ما يشي بأن الأحزاب السياسية قد انضمت الى موجة التظاهرات والاحتجاجات، ويبدو أنّ الحراك السوداني هذه المرة يمتد على رقعة جغرافية كبيرة وقد أنطلق بشكل "عفوي شعبي يعبر عن معاناة المواطنين، لكنّ الأحزاب جميعها انضمت إليه، حزب الأمة، والحزب الاتحادي وأحزاب أخرى عديدة انحازت إلى الجماهير، ودعت جماهيرها إلى النزول إلى الشارع والاصطفاف إلى جانب المتظاهرين السلميين" كما قالت الصحفية أسماء الحسيني نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية وعزت ذلك إلى جملة أسباب كما أسلفنا منها أيضاً أن سياسة الحكومة قد أذلت الشعب السوداني، "وتزامن ذلك مع إعلان الرئيس البشير عزمه الترشح للرئاسة عام 2020 وهو ما يعني استمرار حالة الفشل الحالية".

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك