ليث كريم
برغم التاريخ العريق للتعليم في العراق , فقد تعرض لعدد من المطببات والكبوات المتلاحقة , كانت هي الاسباب الرئيسية لانحدار المستوى في الوقت الحالي , فالى اي مدى تستطيع الدوله ايقاف التدهور في هذا المجال الحيوي , والمؤثر بشكل كبير على حاضر ومستقبل العراق , وما سبل معالجته .
مر التعليم في العراق بمراحل عديدة , تبدآ من مرحله ما قبل تأسيس الدوله , فقد كان التعليم دينيا في المساجد , وكانت هناك مدارس تبشيرية للمسيحيين , واستمر هذا الوضع حتى الاحتلال البريطاني للعراق , فقد اهتم البريطانيون بالتعليم تبعا لايدولوجيا خاصة بهم , وهنا اوكل البريطانيون ملف التعليم في العراق الى الامريكي جون فان ايس الذي قام بافتتاح اول مدرسه نظاميه في 1915 .
بعد تأسيس الدوله العراقيه 1921 اعطى الملك فيصل الاول اولوية , وأهميه كبيره للتعليم , كانت هي اللبنه الاولى للقمه التى بلغها العراق في الستينات و السبعينات , فقد اوكل ملف التعليم الى ساطع الحصري وهو صديق له كان يعرفه عندما كان في مصر , فافتتحت في عهده كليات الهندسة والحقوق والطب والكلية العسكريه العراقيه , و اعتمد بشكل رئيسي على ارسال البعثات الدراسية الى اوربا والولايات المتحدة , وارتفع عدد الطلبه الى عشرات الاضعاف , فأنتجت هذه العوامل طبقه مثقفه كان لها السبق في قياده النهضة الثقافية والمعرفية التي حدثت للمجتمع العراقي فيما بعد , فترك النظام الملكي ارثا تعليميا كان مميزا على المقاييس العالميه .
فيما بعد جاء النظام الجمهوري في 1958 فورث كل انجازات المرحله السابقه , وبدا التعليم من هذه المرحله يبتعد عن الموضوعية باتجاه التوظيف للمصالح الحزبيه والقومية , ومع حلول العقد السادس من القرن الماضي حدثت طفرة في مجال التعليم العراقي تمثلت بافتتاح جامعتي البصره والموصل , وعدد كبير من المعاهد , و خلال عقد السبعينات حدثت القفزه الاكبر للتعليم بفعال ثلاث عوامل رئيسيه , العامل الاول تمثل باستثمار الارث التعليمي للمراحل السابقه , العامل الثاني كان الرفاهة الاقتصادية بعد تأميم النفط , والعامل الثالث كان بإقرار قانوني مجانية التعليم و الزامية التعليم .
في عقد الثمانينات بدت بوادر الانهيار عندما قام النظام الدكتاتور بتبعيث الجامعات , وعسكره النظام التعليمي , وخفض مخصصات التعليم من الموازنة وتحويلها باتجاه الحرب المستعرة انذاك , وبحلول عقد التسعينات كان الانهيار الفعلي للتعليم في العراق , فقد استمر النظام بتبعيث الجامعات وملاحقه الطلبه والكفاءات الرافضين للقرار , مما تسبب بهروب عدد كبير من الكفاءات خارج العراق , رافق ذلك فرض الحصار الاقتصادي ع العراق وما تبعه من ويلات على الانسان , فاضطر عدد كبير من الاساتذة و الطلبه الى العمل , وترك مجال التعليم , وانقطعت الجامعات العراقيه عن التواصل مع الجامعات العالميه في ما يخص تبادل الخبرات العلمية , فوصل النظام التعليمي الى ادنا مستوياته .
بعد 2003 و اثناء الاحتلال الامريكي للعراق , اطلقت القوات المحتلة رصاصه الرحمه على النظام التعليمي , عندما حلت جميع مؤسسات الدوله ومن بضمنها التعليمية , وبعد اعاده تشكيله سلمت قياده المؤسسه التعليمية الى اشخاص غير كفؤين ومتهمين بالفساد , وبعد خروج القوات المحتله , اخذت المحاصصة دورها , فلم يتسلم الوزارات المعنية بالتعليم اي شخص من اصحاب الاختصاص بل كان جميعهم من السياسيين واغلبهم متهمين بالفساد , فنخر الفساد النظام التعليمي , و اهملت البنيه التحتية للمدارس والجامعات حتى بلغت مستويات كارثتيه في عددها ومستواها العمراني .
وتوقف التطوير للمناهج برغم تغيرها لثلاث مرات خلال 10 سنوات غير انها اعتمدت نظريات تعليمية لدول متخلفة اصلا عن الركب التعليمي مثل نظام التعليم الاردني , كذلك غابت الرقابه عن الاساتذة والمدرسين فيما يخص تنفيذ المناهج المقررة , فاستغله بعض ضعاف النفوس بوضع اسئلة تعجيزية للطلبة من خارج المناهج المقرره في كتبهم بغيه دفعهم للالتحاق بالدروس الخصوصية , فتخلف عدد كبير من الطلبه عن المدارس والجامعات لعجزهم عن حل الاسئلة الفلكيه لبعض الاساتذة , وهذا ما اكدته الاحصائيات لسنه 2017 بان 1000400 طالب عراقي فشلوا في في الامتحان في سنه واحده فقط وهو رقم لم يسبق له مثيل في تاريخ التعليم العراقي , كل هذه الاسباب تضافرت لصنع الخيبة الكبرى في 2019 المتمثله بخروج العراق من التنصيف العلمي للتعليم , وبذلك عدم الاعتراف بالشهادة العراقيه في المحافل الدوليه .
واقعا , يحتاج النظام التعليمي الى قرار جريء , ووقفه جادة من قبل المسئولين عن هذا القطاع لإيقاف التدهور اولا و من ثم اعداد دراسات واضحة ودقيقه للنهوض في هذا المجال , وإستراتيجية تعليمية هدفها التنمية البشرية للإنسان بدلا للتلقين النمطي المتبع حاليا , من خلال نقل تجارب الدول التي عاشت وضع مشابه لوضع العراق ثم تحولت لتتربع على قمة الهرم التعليمي العالمي مثل اليابان وكوريا الجنوبيه وفيتنام وسنغافورة وغيرها , من خلال وضع الشخص المكان المناسب , و تجاوز المحاصصة , و توسيع البنيه التحتية للمؤسسات التعليمية , و اقرار مناهج تعليمية مماثله لمناهج الدول المتقدمه في هذا المجال , واعتماد التعليم الممتع بدب اساليب الترهيب المتبعه خصوصا في المدارس , كذلك يجب تفعيل الرقابه على الاساتذة الغير ملتزمين بالمناهج المقرره , و منع الاساتذة من الجمع بين الوظيفتين الحكومية و الاهلية في وقت واحد .
https://telegram.me/buratha