تبدو الضربة الأخيرة، لكن من البديهي أن أحدهم سيظفر بقيادة الجزء “الأصلي” من حزب الدعوة، حتى لو حدث الانهيار الكبير.
حزب الدعوة، الذي يشغل رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي، منصب أمينه العام، دب في جسده التشقق، بل وصل الى العمق وباتت قادة الحزب وكل الأعضاء فيه منقسمين داخليا يتبعون بعض الشخصيات البارزة على حساب وحدة وهيكلية الحزب العريق، الذي سيطر على أغلب فترات الحكم في العراق بعد 2003.
خلافات قديمة بدأت تظهر الآن، خاصة مع قرب انعقاد مؤتمر الحزب العام، وهذه الخلافات بدأت مع خروج المالكي من الحكم، حيث تجلت اليوم، وبصورة أوضح بل أكثر تأثيرا على الحزب، وقد تسبب تصدعاتها انهياره بالكامل، وإعادة تشكيل أجزاء صغيرة منه بقيادات مختلفة وبينها صراعات كبيرة.
عبد الحليم الزهيري، أحد (صقور) الدعوة والساند السابق للمالكي، ومن ثم رئيس مجلس الوزراء السابق حيدر العبادي، اتجه بطريق مغايرة، وابتعد عن الدعم والإسناد، ووضع يده بيد طارق نجم، الذي طرح كمرشح لأكثر من مرة لرئاسة الحكومة، وبات اليوم، قائد أحد الأجنحة في الحزب ويحاول أن يكون “الزعيم الجديد”.
جناح الزهيري ونجم، يقابله جناح العبادي، الذي خلق أرضية صلبة له داخل الحزب خلال وجوده على رأس الحكم، ودخل بصراع كبير مع سلفه، ما انتج قوة تساعده على قيادة جناحه والدفع به للأمام، لكنه واجه في فترة ماضية قرار الإبعاد من قيادة الحزب.
أما المالكي، الذي ما زال يحاول أن يكون “الزعيم الأول” فله أيضا قاعدة جماهيرية داخل الحزب، والذي وصل وصل الى مرحلة فصله من الحزب على أيدي مناوئيه، كما حدث مع العبادي في وقت لاحق بالضبط.
اليوم وبعد بروز هذه الاجنحة، أصبح الحزب غير قادر على التحرك، فثلاثة أجنحة لن تقوده إلى بر الأمان، بل قد تطيح به بعد لحظات من تحليقه، خاصة وأن أبرز جناحين فيه واجها “الإقصاء”!!.
يشار إلى أنه في 21 شباط الماضي،عقد حزب الدعوة اجتماعا لكافة كوادره لدراسة النظام الداخلي للحزب وإخراجه من أزمته الداخلية، التي حدثت نتيجة لخلاف العبادي والمالكي.
مجموعة خاصة من أعضاء الحزب، أطلقت على نفسها نخبة الدعاة، كانت تهدف الى وضع حد لـ”نكسات الحزب”، فحاولت في ذلك الاجتماع أن تصل الى جذر الأزمة، فأعلنت أن الأزمة “تتمحور حول وجود قيادة غير منسجمة بصلاحيات متساوية”، لذا تم الاتفاق على منح الامين العام للحزب نوري المالكي صلاحيات واسعة، مع ضرورة إبعاد قيادة الحزب الحالية التي تسببت بفشل المرحلة الماضية.
هذه الاجتماعات والتي سبقتها، كانت برعاية المالكي، وفي هدفها المبطن، فأنها تسعى لإقصاء العبادي من قيادة الحزب.
وفي 2017، توصلت قيادة حزب الدعوة التي تضم العبادي وسبعة أشخاص آخرين، الى قرار يقضي بفصل أمين عام الحزب نوري المالكي.
يبقى السؤال الان، هل سينتهي الحزب الى أجزاء ثلاثة بقيادة كل من المالكي والعبادي والزهيري، كما تم تسريبه من أروقة خاصة جدا داخل الحزب؟ أم سيكون الإقصاء لغة المرحلة المقبلة للحفاظ على وحدته وهيكليته وتاريخه؟
https://telegram.me/buratha