"سيكون على من يخلفني تقديم تنازلات والبحث عن توافق في البرلمان بشأن أي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي". بهذه الكلمات وبالبكاء أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اليوم تنحيها عن منصبها، عقب ثلاث سنوات "عجاف"، عنوانها البارز تعثر مساعي ماي لتمرير اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وستبقى المسؤولة المستقيلة في منصبها حتى ينتخب زعيم جديد لحزب المحافظين الحاكم، واعترفت ماي بأنها هزمت في مسعاها لتنفيذ إرادة الناخبين في الوصول لاتفاق للخروج من الاتحاد، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل.
وبشأن سيناريوهات ما بعد الاستقالة، يقول المحلل وأستاذ العلوم السياسية أحمد عجاج للجزيرة نت إن المنافسة الآن ستبدأ على من سيخلفها، والمرشحون كثر، ويصل عددهم إلى 12 مرشحا.
أربعة مرشحين
ويرى عجاج أن هناك ثلاثة مرشحين محتملين لخلافة ماي، وهم بوريس جونسون وزير الخارجية السابق، ودومينيك راب مسؤول ملف مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ووزير الخارجية الحالي جيرمي هنت، وربما وزير البيئة مايكل غوف.
وأوضح عجاج أن المنافسة ستكون على مرحلتين: الأولى يختار فيها نواب حزب المحافظين الحاكم مرشحين، ثم يطرحون الاسمين على التصويت الحزبي بالبريد، مشيرا إلى أنه إذا تمكن جونسون من الوصول إلى مرحلة التصويت الحزبي فإنه سيكون الفائز لأنه الأكثر شعبية، حسب رأيه.
وعن انعكاسات الاستقالة على مسار مفاوضات البريكست، يرى المحلل السياسي أن ما بعد ماي يصعب التكهن به، لكن مسار الخروج من التكتل الأوروبي يعتمد بشكل أساسي على من سيخلفها، إذ ستزداد احتمالات الخروج دون اتفاق إذا خلفت ماي شخصية من جناح المتشددين، وإن لم يكن من المتشددين فإنه سيواجه الصعوبات نفسها التي واجهتها تيريزا ماي.
الخيار الأسوأ
وفي الوقت الذي تنشغل فيها شخصيات من حزب المحافظين بالتسابق على خلافة ماي، تزيد هذه الخطوة شكوك المواطن البريطاني بشأن المستقبل، والسيناريوهات التي ستنتهي إليها بلاده.
ويرى المحلل السياسي لصحيفة "التايمز" أوليفر رايت أنه إذا اجتاز بوريس جونسون أو دومينيك راب سباق الترشيحات، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أنهما سيفوزان بسهولة، ويعتقد رايت أن الاتحاد الأوروبي لن يعيد التفاوض على موضوع الحدود الأيرلندية، وهي القضية الأكثر تعقيدا في اتفاق البريكست.
ويضيف المحلل البريطاني أن الأوروبيين سيكونون مستعدين فقط للاستماع إلى ما يقوله رئيس الوزراء الجديد، لكن لن يكون هناك تغيير في الخطوط الحمراء الأساسية للاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق الخروج.
ويحذر رايت من احتمال حدوث ما سماه "الخيار الأسوأ"، وهو أن يجبر الاتحاد بريطانيا على الخروج دون اتفاق، عن طريق رفض تمديد المادة (50) التي تنظم عملية انسحاب أي عضو بالاتحاد الأوروبي إلى ما بعد أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهذا ربما وارد بقوة جراء وجود أصوات متشددة داخل الاتحاد، مثل فرنسا التي تؤيد إجبار المملكة المتحدة على الاختيار بين وقف العمل بالمادة (50) والبقاء داخل الاتحاد، وبين الخروج منه دون اتفاق.
المشهد الأخير
وتشير تحليلات نشرت في الصحف البريطانية إلى أن من المحتمل أن يكون وزير الخارجية البريطاني، وهو الحليف المقرب لماي، هو الذي حثها أمس الخميس على التخلي عن تقديم خطتها للبريكست للمرة الرابعة لمجلس العموم (البرلمان)، وهو ما دفع ماي لتقديم الاستقالة.
وكان هنت نصح ماي أمس بأن تسحب مشروع القانون بالكامل، وأنه من الظلم أن تطلب من الزملاء التصويت لصالحه، ورغم أن الوزير لم يحثها على الاستقالة مباشرة، فإنها قرأت في نصيحته أنها أقرب للدعوة إلى الاستقالة من حليف مقرب.
https://telegram.me/buratha