التقارير

الخميني.. إمام التحولات الكبرى في زمن الصحوة الإسلامية

3171 2019-06-03

علي عبد سلمان

 

يشكل نهج الامام الراحل آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني (قدس سره الشريف) منظومة دينية وسياسية، يمكن للدارس المتعمق، ان يحصل منها على درر ولآلاء فكرية وسياسية وثورية تضيء امامه الكثير من الظلمات، وتفك ما تشابك من التعقيدات، باعتبارها منظومة نابعة من معين الاسلام المحمدي الاصيل، بصفائه ونقائه ووضوحه.

لقد قدم سيدنا الامام للأمة الإسلامية، تجربة ثورية عقائدية متزنة، ما فتئت تداعياتها مستمرة على مستوى ترشيد الوعي الاسلامي الذي اثمر صحوة اسلامية عالمية وثورات شعبية هادرة منذ مطلع عام 2011 وحتى يومنا هذا.

ومهما قيل او يمكن ان يقال للتعتيم على هذه الحقيقة الساطعة، فان الشمس لا يمكن ان يحجبها غربال. فلقد آن للمسلمين والأحرار والشرفاء ان يعلنوا بملء الفم ان كل المتغيرات التي وقعت خلال العقدين الماضيين، مدينة لنهضة الامام الخميني، ومنها:

1 ــ انتصار المقاومة الباسلة في لبنان على العدو الصهيوني في حرب تموز 2006.

2 ــ التصدي الاسطوري الذي قام به المجاهدون الفلسطينيون في مواجهة العدوان الاسرائيلي على غزة في ديسمبر 2008.

3 ــ انهيار نظام الطاغية المقبور صدام حسين في العراق، وتمكن الحركة الاسلامية الثورية من اجبار الغزاة الأمريكان والأطلسيين على الانسحاب من بلاد وادي الرافدين اواخر 2011، ونجاحها ــ رغم بروز التحديات والخلافات المفتعلة ــ من قيادة العراق وفقا للأسس الديمقراطية والتعدديات الحزبية والحريات السياسية، الشيء الذي كان معدوما في زمن النظام الدكتاتوري البائد الذي حكم البلاد والعباد بالحديد والنار مدة 35 عاما (17 تموز 1968 ــ نيسان 2003).

4 ــ انطلاق الصحوة الاسلامية واجتياح الثورات التحررية الشعبية للأنظمة الاستبدادية العتيدة في تونس ومصر وليبيا واليمن، مع بوادر ان يتواصل هذا المد الاسلامي العارم ليشمل البحرين والأردن وبلاد الحرمين الشريفين وأفغانستان وباكستان ومناطق اخرى مهيأة لاستقبال رياح التغيير، وتقويم المسارات وتقرير المصائر بالنسبة لشعوبها المضطهدة وبلدانها المنتهبة.

5 ــ تساوق الصحوة الاسلامية المعاصرة، مع النهضة الانسانية المتنامية في اميركا وأوروبا وكندا واستراليا، على خلفية تصاعد غضب الجماهير البائسة والمحرومة والمقهورة في العالم الغربي، جراء سيطرة الرأسمالية الجشعة على جل الثروات والذخائر من الاموال والقناطر المقنطرة من الذهب والفضة والمجوهرات، التي تضخمت بها مستودعات أباطرة الحروب وأصحاب المصارف العملاقة، الامر الذي حرض على اندلاع ثورة الانسانية المعذبة في اصقاع الارض تحت شعار (احتلوا وول ستريت).

6 ــ تصلب عود المقاومة الباسلة وحزب الله بقيادة العلامة السيد حسن نصر الله، وتمكنهم من فرض معادلة توازن القوى، وتبادل الرعب، الامر الذي اعلنه مرارا هذا العبد الصالح الذي هو خريج مدرسة الامام الخميني (طاب ثراه)، والجندي الوفي والمطيع لتوجيهات خليفته المقتدى الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي (دام ظله). فقد اجبر سيد المقاومة العدو الصهيوني على الرضوخ لهذه المعادلة غير المسبوقة، ووضع اسرائيل امام خيار الازالة من الوجود ان هي اقدمت على حماقة العدوان على ايِّ شبر من ارض لبنان او ايِّ مبنى في حارة حريك في ضاحية بيروت، ولربما يزداد سقف التهديد الايماني مساحات تتجاوز جغرافيا لبنان فيما اذا فكرت تل ابيب ـ مثلا ـ في زعزعة الامن والاستقرار في سورية والعراق أو حاولت استفزاز الجمهورية الاسلامية بشكل  او بآخر، ولو عبر الضرب على وتر الاتهامات والافتراءات المؤدية الى، اشاعة التوتر والمخاوف في منطقة الخليج .

7 ــ تخبط العمليات العسكرية الاميركية والأطلسية في افغانستان والعراق وباكستان واليمن، ومحاولة واشنطن وضع استراتيجيات جديدة لتعويض هزائمها المذلة هنا وهناك وتلاشي مقولة "الاحادية القطبية" التي حاولت حكومة الولايات المتحدة تكريسها عقب انتهاء الحرب الباردة وانفراط الاتحاد السوفيتي السابق. كما ان ثمة بلدانا صناعية وعسكرية اخذت تفرض استراتيجياتها في الساحة الدولية، مثل الصين واليابان وحتى روسيا ـ بعدما استعادت عافيتها ـ.

8 ــ ظهور بعض الاشارات والآيات الدالة على اقتراب الفرج الالهي بظهور قائم آل محمد الامام المهدي المنتظر (عج)، الذي تنتظره البشرية جمعاء ليملأ الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وفي ذلك آراء ومراقبات عرفانية، تعتقد بقرب وقوع هذا الحدث الرباني المأمول، بعدما حول المستكبرون اصقاع الارض إلى ساحات تتطاحن فيها النوازع الشيطانية لتجار الحروب الدوليين، الامر الذي طبع معظم بلدان العالم بطابع الازمات والهرج والمرج.

9 ــ على صعيد متصل ثمة ظواهر وتحولات طبيعة، يتابعها علماء الارض والنجوم والمعارف الميتافيزيقية، توحي إلى ان البشرية مقبلة على احداث جذرية، سوف تغير الكثير من المعادلات العينية والغيبية، وبما يفضي إلى تصدع صروح الانظمة الاستكبارية والعالمية وتفكك منظومة زعماء الباطل الدوليين، تمهيدا لسيادة قيم السماء والتعاليم الالهية في ربوع الارض، بعدما ضجّ سكانها تحت نير وأعباء الطغيان والاستعباد وتدمير انسانية الانسان، وإبادة الحرث والنسل كرمى لعيون قلة قليلة من الرأسماليين والمرابين الذين لا يبيتون ليلهم إلا على وقع آنات المسحوقين والبؤساء واليتامى والأرامل في هذا العالم الكبير.

ان الامام الخميني (قدس الله سره)، هو من الافذاذ الذين جمعوا بين العلم والتقوى والزهد والعزم الذي لا يلين، وصولا لمرضاة مرضاة المولى عز وجل، وقد ادرك عبر جهاد النفس مرتبات لا يرقى اليها إلا اولياء الله الصالحون. وإزاء ذلك لا غرابة أن تكون المعطيات والتحولات والمنجزات التي استعرضناها آنفا، وليدة ايمانه العميق وانشداده إلى الواحد المعبود، وتفانيه في ذات الله.

يقول (قدس سره) في احدى فقرات كتابه المعروف "الاربعين حديثا" في مضمار البناء الروحي للإنسان المؤمن: (نحن المساكين، كالأطفال، المتمردين على حكم العقلاء بل المخطئين لهم، قد واجهناهم دائما بالعناد والمحاربة والانفصال، ولكن تلك النفوس الزكية والأرواح الطيبة الطاهرة ــ عند الانبياء ــ بما يكمن فيهم من الرأفة والرحمة. بعباد الله، لم يقصروا ابدا في دعوتهم، على الرغم من جهلنا وتعنتنا، بل ساقونا نحو الجنة والسعادة، بكل ما يملكون من القوة وأساليب الدعوة، دون ان ينتظروا منا جزاء ولا شكورا)، من دراسة للمفكر الاسلامي الشهيد عز الدين سليم (رحمه الله)، ضمن كتاب "ثورة الفقيه ودولته" لمؤلفه الكاتب والإعلامي (حميد حلمي زادة).

لاحظوا معي كيف يرقى العابدون المتفانون الوالهون إلى مدارج السمو وهم يتمتمون بأدعية لا يعيها ولا يدركها إلا اصحاب اليقين، مثل هذه الفقرة الواردة في المناجاة الشعبانية (الهي هب لي كمال الانقطاع اليك، وأنر ابصار قلوبنا بضياء نظرها اليك، حتى تخرق ابصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير ارواحنا معلقة بعز قدسك).

المؤكد ان مثل هذا الانسان المطهر من دنس الخطايا والآثام، يقيّظه الله عز وجل، لقيادة التحولات الكبرى وتغيير الاوضاع الفاسدة، والمظاهر المنحرفة، ليس على مستوى وحدة جغرافية معينة، بل على مستوى العالم، وإزاء ذلك فان الوقائع الراهنة والسابقة، والمستقبلية ايضا، هي لصيقة بالارتباط الروحي والمعنوي مع هذا الامام العظيم، حتى بعد انتقاله إلى جوار ربه، وان هذا، لهو الوسام الالهي المهدى لعباده المنتجبين القادرين على صنع الاحداث المصيرية في محياهم ومماتهم في أن معا.

ويقيننا تام بأن السائرين على نهج هذا المقدس الرباني البرّ، وفي مقدمتهم خليفته والمؤتمن على رسالته، سماحة قائد الثورة الاسلامية المفدى الامام السيد علي الحسيني الخامنئي (دامت بركاته)، هم مشمولون ايضا بهذه الكرامات، فالسيد الخامنئي هو غصن من تلك الدوحة الايمانية التي ضربت بجذورها المباركة في انحاء العالم الاسلامي بل في ارجاء البسيطة، وحققت خيرات وفوائد للبشرية لم تكن في حسبان قوى الظلم والبغي والاستكبار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك