التقارير

ماذا تعرف عن حرب "الماسة الزرقاء" بين السعودية وتايلاند؟


ثلاثون عاماً مضت على اندلاع حرب "الماسة الزرقاء" بين السعودية وتايلاند، على جبهات الاقتصاد والدبلوماسية وقتل فيها 18 شخصاً بينهم أربعة سعوديين أثناء محاولة فك خيوط هذه القضية التي لا تزال لغزاً كبيراً.

ما قصة الماسة؟

في عام 1989 وبينما كان البستاني التايلاندي كرنكراي تيشمونغ يعمل في قصر الأمير فيصل بن فهد، وقعت عيناه على كمية هائلة من المجوهرات التي كانت بحوزة الأمير. فخطط لسرقة بعضها ظناً منه أن الأمير لن يلحظ ذلك.

فبدأ بسرقتها على دفعات بينما كان الأمير وأسرته في إجازة. وعند عودتهم، اكتشفوا اختفاء المجوهرات، وعلموا أن البستاني هو من قام بذلك.

وتدهورت العلاقات بين البلدين بسرعة نظراً لمكانة الأمير فيصل، إذ كان والده يتولى عرش المملكة وقتها. وأصبحت القضية أشبه بمثلث برمودا، تبتلع كل من يقترب منها.

سرقة

استطاع البستاني التسلل إلى غرف النوم عند غياب أصحابها، ليسرق المجوهرات على دفعات كبيرة، ووصل مجموع ما سرقه إلى 90 كيلو غراماً من القلادات والخواتم والأساور المصنوعة من الأحجار الكريمة والذهب، وساعات مرصعة بالياقوت والألماس.

ومن بين المجوهرات الثمينة التي سرقها، كانت هناك ماسة زرقاء باهظة الثمن ونادرة تتجاوز قيمتها 20 مليون دولار إلى جانب كميات من الياقوت والزمُرّد.

أرسل البستاني المسروقات على دفعات إلى بلده قبل أن يأخذ الدفعة الأخيرة معه ويفر بهامن السعودية.

لم يمضِ وقت طويل حتى علم الأمير وعائلته بفقدان بعض مجوهراتهم. فتواصلوا مع السلطات التايلانديةالتي وعدت بحل القضية بأقصى سرعة وإعادة المجوهرات إلى الأمير.

وبالفعل ألقت السلطات القبض على البستاني واسترجعت منه المجوهرات وأعيدت للأمير وزُجَّ باللص في السجن لمدة خمس سنوات.

خداع

لكن الأمير اكتشف أن 20 في المئة فقط من المجوهرات التي أعيدت إليه حقيقية، أما الباقي فمزيفة.

حاولت تايلاند على مدار عامين الحفاظ على علاقات حسنة مع السعودية، فاستمرت في البحث بالقضية، واُتهم مسؤول بارز باختلاس بعض المجوهرات، وتم استردادها منه وأعيدت للأمير عام 1991، إلا أن الكمية كانت صغيرة، ولم تكن الماسة الزرقاء من بين المجوهرات المستردة.

وباتت القضية أكثر تعقيداً، بعد أن تم تهديد وخطف تاجر المجوهرات الذي اشترى المجوهرات المسروقة من البستاني، وعُثر عليه لاحقاً مقتولا مع زوجته وابنه داخل سيارتهم.

وسُجلت الجريمة ضد مجهول، إلا أن خبراء رجحوا أن يكون وراء ذلك مسؤولون كبار في السلطة.

كما قُتل لاحقاً رجل أعمال سعودي كان يجري تحقيقا خاصاً في القضية. فأرسلت السعودية أربعة دبلوماسيين سعوديين إلى تايلاند للكشف عن حقيقة المجوهرات المزيفة التي أرسلت إليها، لكنهم لم يستطيعوا فك اللغز.

أثارت القضية سخط السعودية، فاتخذت إجراءات دبلوماسية ضد تايلاند منها خفض مستوى بعثتها الدبلوماسية إلى أقل مستوى، وفقد مئات الآلاف من العمال التايلانديين وظائفهم في السعودية، وعادوا إلى بلدهم وأوقف لفترة منح تأشيرات دخول للتايلانديين إلى المملكة.

وفي الوقت الذي كان السعوديون مازالوا يبحثون عن مجوهراتهم المفقودة، ظهرت زوجات كبار المسؤولين التايلانديين في مناسبات رسمية وهن يرتدين بعض المجوهرات الجديدة التي كانت تشبه كثيراً مجوهرات الأمير فيصل.

بانكوك: "فخ الموت"

كانت العاصمة التايلاندية أشبه بمصيدة موت لكل من ساهم في البحث عن الحقيقة، إذ قتل في ظروف غامضة كل من حاول الوصول إلى الحقيقة والكشف عن المستفيدين الحقيقيين من المجوهرات المسروقة.

وقال السعوديون إن ضباطاً تايلانديين كباراً لهم علاقة بالسرقة وعمليات القتل المتلاحقة للمحققين. وتضاربت الآراء حول المشتبه بهم في عمليات القتل، فقد أشارت برقية أميركية عام 2010، إلى أن حزب الله اللبناني وراء عمليات القتل في تايلاند، إلا أن التحقيقات لم تحسم الأمر وبقي اللصوص والقتلة مجهولين.

وصرح محمد سعيد خوجة (دبلوماسي سعودي بارز كان يعيش في تايلاند) لصحيفة نيويورك تايمز في عام 1994: "الشرطة هنا أكبر من الحكومة نفسها، أشعر أنني كمسلم يجب أن أحارب الشياطين هنا".

وفي عام 2015، اتهمت السعودية خمسة من كبار الضباط التايلانديين بالتورط في عملية السرقة، ولكن لم تتم إدانتهم بسبب عدم كفاية الأدلة.

وأدرج اسم رئيس الشرطة التايلاندية سواسدى أمورنويوات، في قائمة المتهمين واتهم بحرف مجرى التحقيق وعرقلته من خلال الضغط على تاجر مجوهرات اعترف في وقت سابق بأن "الكثير من ضباط الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي هم في الواقع لصوص".

وعندما ظهرت زوجة سواسدي في إحدى المناسبات مرتدية عقداً من الألماس بدا مألوفا جداً للأمير السعودي، ونفى أن يكون ذلك العقد هو نفسه العقد المفقود.

وقال سواسدي إن اللصوص الحقيقيين عبثوا بالصورة بهدف التضليل. وتسببت القضية في خسارة تايلاند لما يقارب 10 مليارات دولار سنوياً على مدار 20 عاماً بسبب منع المملكة للعمالة التايلندية وتراجع السياحة السعودية في تايلاند، ورغم كل ذلك مازال مصير الماسة الزرقاء مجهولاً حتى الآن.

تكفير عن الذنب

أُفرج عن السارق بعد قضاء حوالي ثلاث سنوات في السجن من أصل خمسة عقب صدور عفو عنه لحسن سلوكه في السجن.

وقال وقتها نادماً: "أنا واثق من أن جميع مصائبي سببها لعنة مجوهرات الأمير فيصل التي سرقتها، لذلك قررت أن أصبح راهباً بوذياً بقية حياتي علّني أكفِّرُ عن ذنبي".

وبعد إطلاق سراحه، بات يحمل اسماً جديداً معناه "صاحب العلم بالماس".

 

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك