التقارير

نجل زعيم سوفيتي: بسبب العراق كادت موسكو تخوض حربا عالمية


تمر اليوم الذكرى 61 للثورة في العراق على النظام الملكي، وكانت فاتحة لسلسلة انقلابات عصفت بالبلاد.

في ثلاثيته ( نيكيتا خروتشوف ولادة الدولة العظمى) يروي سيرغي، نجل الزعيم السوفيتي خروتشوف، الذي هز العالم مرات على مدى فترة حكمه الممتدة اقل من عقد بعامين، تفاصيل مثيرة عن كيف استقبلت موسكو الخروتشوفية الانقلاب العسكري في العراق فجر الرابع عشر من تموز 1958

ويؤكد سيرغي خروتشوف (1935) المقيم حاليا في الولايات المتحدة ويحمل جنسيتها، ان أزمة السويس وأحداث العراق؛ كانا مداميك في ولادة الدولة السوفيتية العظمى، وان والده كان بارعا في توظيف الحالتين لصالح تعزير مكانة موسكو الشيوعية عالميا.

ويعتقد البروفيسور سيرغي خروتشوف في ثلاثيته الكبيرة ( اكثر من الفي صفحة) بأن أحداث صيف العام 1958 في العراق كانت نتيجة لانفجار أزمة السويس، والمواجهة التي اقتربت من حدود المجابهة بين القوات السوفيتية وقوات البحرية الأمريكية والأسطول البريطاني في السويس، ليصبح العراق ساحة المواجهة الجديدة.

ويقول نجل الزعيم السوفيتي عن والده المعروف بأنه حطم عبادة الفرد في الاتحاد السوفيتي، أن خروتشوف اعتبر العراق مستعمرة بريطانية، وحكومة نوري السعيد "عميلة وخائنة، وليس صدفة أن يحمل التحالف العسكري الاستعماري اسم حلف بغداد".

ويكتب:

"فجأة ودون سابق إنذار وقع انقلاب عسكري في بغداد، حين زحفت إحدى الفرق العسكرية العراقية نحو بغداد بقيادة آمرها عبد الكريم قاسم، وصولا إلى القصر الملكي، ليمسك دون قتال السلطة التي تركها نوري السعيد نهبا للأقدار.

وكان أول قرار اتخذته الحكومة الجديدة الخروج من حلف بغداد، وبذلك دخلت بغداد بشكل آلي في خانة أصدقاء الاتحاد السوفيتي".

ويسرد خروتشوف الابن وقائع الإنزال البريطاني والأمريكي في لبنان والأردن ويرى فيه ردا استعماريا فوريا " كان ينذر بتدخل عسكري إمبريالي في العراق، كما فهمه خروتشوف الأب".

ويكتب:

"لم يكن والدي في موسكو، فقد سافر يوم 12 تموز/يوليو بدعوة من فالتر أولبرشت إلى برلين لحضور مؤتمر الحزب الاشتراكي الألماني الموحد (الحزب الحاكم آنذاك في ألمانيا الشرقية) وكنت بمعيته".

ويقول:

" ما إن سمع والدي بخبر الانقلاب بعد وقوعه حتى اتصل ب‍موسكو، وطلب موافاته بالتطورات دقيقة بدقيقة، وتابع بقلق الإنزال الأنكلو امربكي، وصار يعمل وفق سيناريو أزمة السويس".

ويضيف:

"عدّل والدي في مسودة البيان الذي صاغته وزارة الخارجية السوفيتية حول الموقف في العراق وشدد لهجته وأضاف عبارة تؤكد على أن موسكو تستند إلى نهج الأفعال وليس الأقوال. وإذا اقتضى الأمر فإنها لن تتردد عن التدخل العسكري".

ويقول:

" قبل ظهيرة الرابع عشر من تموز، أمر نيكيتا خروتشوف وهو ما يزال في برلين بإجراء استعراض للقوة العسكرية السوفيتية على الحدود مع تركيا وإيران وأن تقترب القطعات كثيرا من نقاط التماس".

ويضيف:

"كان والدي على قناعة بأن التدخل الأنكلو أمريكي واقع لا محالة، وأن تركيا ستعلب دورا رئيسا في هذه المسرحية، القوات التركية تطلق الرصاصة الأولى فتهب معها القوات الأمريكية والبريطانية وتغزو العراق".

ويقول:

"لم يكن ذلك تحليلا أو استنتاجا قائما على تصورات، بل يستند إلى تقارير دقيقة من الاستخبارات السوفيتية التي كانت ترصد على مدار اليوم المراسلات والنشاطات الدبلوماسية والعسكرية في البيت الأبيض وداوننغ ستريت 10.

وكانت التقارير السرية تغلف في ملف رمادي مائل إلى الزرقة وتوضع على طاولة خروتشوف كل ساعة تقريبا".

ويقول:

"مع تواتر المعلومات أمر نيكيتا خروتشوف بإجراء مناورات عسكرية حية على الحدود مع تركيا وإيران بمشاركة واسعة من القوات البرية والجوية كي يفهم الغرب جدية نوايا الاتحاد السوفيتي ولترويع تركيا وإيران وردعهما عن الامتثال إلى الأوامر الأمريكية، والامتناع عن الانضمام إلى الحملة المزمعة ضد العراق".

وخلافا للعادة نشرت الصحف السوفيتية على صدر صفحاتها الأولى أخبارا عن انطلاق المناورات البرية والجوية للقوات السوفيتية في ما وراء القوقاز وتركمانيا وبمشاركة أسطول البحر الأسود.

وكانت تلك المرة الأولى التي تنشر فيها الصحافة السوفيتية تقارير عن مناورات عسكرية. والهدف واضح؛ إبراز مدى خطورة الوضع".

وللتأكيد على الأهمية القصوى للمناورات أمر خروتشوف بإيفاد النائب الأول لوزير الدفاع المارشال غريشكو لقيادة الميدان.

والتحق به في تركمنستان (تركمانيا سابقا) بطل الدفاع عن لينينغراد المارشال مريتسكوف. وتحركت القوات نحو الحدود. وغطت الطائرات السماء. وكان الوالد متوترا وهو يطالب بتجاوز العوائق البيروقراطية والتحرك بسرعة في سباق مع الزمن. وكان يردد لو إننا تحركنا فورا لما استسهل الامبرياليون الإنزال السريع في الاْردن ولبنان وتهديد العراق الذي يواجه نظامه الجديد خطر الانهيار".

وبعد عودة خروتشوف إلى موسكو، اتصل برئيس بلغاريا جيفكوف، وطلب منه أن تخوض القوات البلغارية مناورات على الحدود مع تركيا وبإسناد جوي سوفيتي يقوده مارشال الجو سكريبكو الذي تعرف الاستخبارات الأمريكية انه قائد سرب الطائرات الاستراتيجية الموجهة نحو الولايات المتحدة.

وكان خروتشوف الأب يردد "دعهم يقلقون"!

وصباح 19 تموز بعث خروتشوف برسائل إلى الرئيس الأمريكي أيزنهاور وإلى رئيس الوزراء البريطاني ماكميلان والفرنسي شارل ديغول والهندي نهرو يطلب فيها عقد اجتماع عاجل في أي مكان مناسب لهم، وإنه مستعد للالتحاق بهم .

وبعد ثلاثة أيام جاء الرد بالرفض، الأمر الذي كان خروتشوف يتوقعه وينتظره، فطلب عقد دورة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة في الثامن والعشرين من تموز . لكن الولايات المتحدة وبريطانيا ماطلتا في الموعد، بل وعقدت الدول الأعضاء في معاهدة حلف بغداد اجتماعا بلندن في نفس الموعد الذي طالبت فيه موسكو عقد الدورة الأممية الاستثنائية يوم 28 تموز.

وقام خروتشوف في 31 تموز بزيارة سرية إلى بكين مصطحبا معه وزير الدفاع المارشال مالينوفسكي لإثارة المزيد من القلق لدى الغرب. وتلقى وهو في بكين برقية تفيد بأن الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة ستلتئم يوم 12 آب في نيويورك. وعاد خروتشوف من بكين إلى موسكو في الخامس من آب ولاح انه اقنع ماوتسي تونغ بدعم سياسة موسكو في الشرق الأوسط الذي كان بعيدا عن اهتمامات الصين الماوية.

ويقول سيرغي خروتشوف إن والده شعر بالانتصار وبانه فرض إرادة الدولة السوفيتية العظمى على الإمبرياليين وحمى العراق من التدخل .

ويقول :

 "في السابع من آب/أغسطس، أعلنت الصحف الصادرة في موسكو عن انتهاء المناورات. وطار غروميكو، وزير خارجية الاتحاد السوفيتي، إلى نيويورك في العاشر من الشهر لحضور الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة. وسافر نيكيتا خروتشوف إلى مقاطعة كويبيشوف لافتتاح محطة ضخمة للكهرباء على نهر الفولغا.  ومن هناك اعلن أمام الجمهور عن نصره المؤزر، وكيف أوقف "عدوان الإمبرياليبن على العراق".

ويقول نجل الزعيم السوفيتي المثير للجدل إلى الآن: "أيقن والدي أن الآخرين لا يفهمون إلا لغة القوة، وأن الدبلوماسية لن تنجح إلا إذا ترافقت مع القوة العسكرية".

ويقرر: "إن أزمة السويس والإنذار السوفيتي الشهير بوقف العدوان الثلاثي على مصر، وبعدها أحداث العراق كانا أساسيين في تثبيت نهج ولادة الدولة العظمى، وفق رؤية نيكيتا خروتشوف".

ايجاز من ثلاثية سيرغي خروتشوف (نيكيتا خروتشوف ولادة الدولة العظمى).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك